السيمر / السبت 26 . 08 . 2017 — قالت صحيفة هارتس الاسرائيلية بمقال للكاتب انشيل بفيفر ان الجميع يتوقعون ان واشنطن وتل ابيب ستردان بقوة على اي تحرك ضد الكرد بعد استقلالهم لكن واقع العلاقات والمصالح قد يشير لما يخالف التوقعات.
ويشير الكاتب ان “اية غزوة ايرانية او تركية محتلمة ضد الدولة الكردية المتوقع اعلانها بعد استفتاء الاستقلال بفترة طالت او قصرت لن تجد رداً حازماً من قبل الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل لان الطرفين سيركنان للهامش حفاظاً على حليفهما التركي القوي”
ويواصل الكاتب ان “التحذيرات التي اطلقتها الحكومة العراقية وروسيا وايران وتركيا يبدو انه لن توقف الكرد عن تحقيق هدفهم ، فحكومة اقليم كردستان اكدت ان لا رجعة عن الاستفتاء وان غالبية الخمسة ملايين نسمة المتواجدة في الاقليم قد تصوت بكلمة نعم وبالتالي ستمنح رئيس الاقليم مسعود بارزاني صك دعم سيدفعه لاعلان الانفصال عن العراق”.
ويضيف ” اظهرت الحكومة العراقية التى يسيطر عليها الشيعة فى بغداد انها لن تعترف بنتائج الاستفتاء الا انه من غير الواضح فيما اذا كانت قادرة على منع الاستقلال اذا ان الجيش العراقي لا يمكنه تهديد الكرد لسبب بسيط هو انه لا يملك قواعد يعتمد عليها قرب اقليم كردستان كما ان البيشمركة تسيطر على امن وحدود جميع المناطق التي تحيط بالاقليم ولن تسمح له بالتحرك كيفما شاء “.
الموقفان التركي والايراني
ويتابع ” يوم الاربعاء الماضى قام رئيس اركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال محمد حسين باقرى بزيارة نادرة لانقرة. وكان على جدول الاعمال معارضة ايران وتركيا المشتركة لاستقلال الاكراد. تتقاسم الدولتان حدودا مع كردستان العراق ولها أقليات كردية كبيرة (يقدر أن ثلاثة أرباع الأكراد في الشرق الأوسط يعيشون في تركيا وإيران) ما يعني ان البلدين سيواجهان خطر مطالبة هؤلاء بالانفصال والانضمام للدولة الكردية الجديدة وهذا ما لايقبلانه” ، وقد اتبع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أيد قبل سنوات قليلة اتفاق سلام مع الأكراد في بلاده، سياسة وطنية متشددة ضد الأكراد في وقت متأخر، شملت اعتقال معظم أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي الحزب الكردي. وستكون كردستان المستقلة بمثابة دفعة للمواطنين الأكراد في تركيا للخلاص من حكمه”.
ويتحدث الكاتب عن ايران ويقول ” ان لديها أسبابا إضافية لمنع استقلال الأكراد حيث يسيطر الأكراد العراقيون على المناطق الحدودية الرئيسية مع إيران وسوريا، وهي المناطق التي تخطط طهران للسيطرة عليها لإنشاء ممر أرضي من إيران إلى البحر المتوسط في حين أن أردوغان، لأسباب محلية، كان يتحدث في الأيام الأخيرة وفق تسريبات عن احتمالية القيام بعمل تركي – ايراني مشترك لوقف الاستقلال وهو ما سعى الحرس الثوري الإيراني إلى إخماده بتصريحات رسمية ، لكن يبقى احتمال انشاء تحالف مشترك لضرب اي استقلال متوقع امراً متوقعاً ومحتملاً جداً”.
الموقف الاميركي
ويواصل متحدثاً عن الموقف الاميركي ” الجانب الاميركي ممثلاً بوزير الدفاع جيمس ماتيس سعى لوقف هذه الاحتمالات وحث رئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارازاني خلال زيارته الاخيرة الى اربيل على تأجيل الاستفتاء”.
ويرى الكاتب ” إن الحرب ضد داعش هي حاليا السياسة شبه المتماسكة الوحيدة التي تتبعها إدارة دونالد ترامب في الشرق الأوسط، ويساور ماتيس قلق مفاده أن الصراع على استقلال الأكراد سيخلق مزيدا من الخلاف داخل التحالف المضاد لداعش ، لكن من غير المرجح أن يتراجع بارازاني قبل أسابيع من الاستفتاء حيث يتسلح بواقع مفاده ان المنطقة الكردية تمر بأزمة مالية عميقة تستمر منذ ثلاث سنوات نتيجة الخلاف النفطي بين بغداد واربيل ما يجعل في الاستقلال حلاً يعيد الثقة باقتصاد الاقليم لكن كيف وهو يعيش الاسوأ ”
ويطرح الكاتب السؤال الاهم ” هل تستطيع الدول الكردية المستقلة البقاء على قيد الحياة؟ فالبلدان غير الساحلية، التي تعتمد على صادرات النفط، يجب أن تصل إلى نوع من التعامل مع أحد جيرانها للسماح لها بشحن النفط وجميع الجيران يعارضون بشدة الاستقلال الكردي”.
ويواصل الكاتب “هناك تحديات داخلية أيضا اذا ان هناك انقساماً عميقاً بين القوى الرئيسية والفساد منتشر، والبيشمركة تحتوي على عشرات الآلاف من المحاربين الذين يتقاضون معاشات وقطعها يعني حدوث تراجع معنوي حاد وبعدم وجود أسلحة ثقيلة كافية، سيصعب على البيشمركة الدفاع عن كردستان إذا قررت تركيا أو إيران الغزو، بدعوة من الحكومة العراقية أو بدونها”.
الموقف الاسرائيلي
ويتعمق الكاتب اكثر ” أحد البلدان التي يأمل الأكراد في الحصول على مساعدته هي إسرائيل، والتي كانت من اوائل مشتري النفط الكردي وفي حين أعرب بعض السياسيين الإسرائيليين صراحة عن تأييدهم لاستقلال الأكراد، فقد حرصت الحكومة على عدم اتخاذ موقف ، هناك عدد من المزايا لإسرائيل في كردستان مستقلة واولها موقعها الذي يتخطى طريق إيران إلى سوريا ولبنان هو الأكثر وضوحا وستكون كردستان صداعا ليس فقط بالنسبة لإيران، ولكن بالنسبة للمنافسين المحتملين الآخرين بما في ذلك العراق وتركيا وسوريا وهذا مكسب مهم لاسرائيل”.
ويكشف ” رجال الأعمال الإسرائيليون مرحب بهم في أربيل، وستكون تلبية الاحتياجات الإنمائية لأمة جديدة ناشئة وربما مؤيدة للغرب مدرة للمليارات من الدولارات لكن إسرائيل ترفض في هذه المرحلة أن تفعل أي شيء دون التنسيق مع الأمريكيين “.
ويواصل “تسعى إسرائيل أيضا إلى إعادة بناء العلاقة الاستراتيجية مع تركيا. وتجديد العلاقات الدبلوماسية، ولكن لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن يتسنى استعادة مستوى التعاون الذي كان يمكن للبلدين أن تعود إليه. وكما هو الحال، فإن تركيا هي الجارة الوحيدة للأكراد التي تقيم معها إسرائيل علاقات مفتوحة ويمكن من خلالها شحن النفط الكردي. على المدى القصير”.
ويختم الكاتب بالقول” يمكن للأكراد أن يخلقوا الكثير من المشاكل لاعداء اسرائيل في المنطقة، ولكن لأي احتمال طويل الأجل للتحالف الإقليمي الذي سيبقي إيران خارجا، تحتاج إسرائيل إلى تركيا و كردستان للتوصل إلى تفاهم. ولن يساعد الاستفتاء على ذلك، كما أن التوقعات الكردية بأن تعترف إسرائيل بسرعة بالاستقلال ربما ليس لها اساس على ارض الواقع”.
——-
ترجمة: بغداد اليوم