السيمر / الخميس 14 . 09 . 2017
رسل جمال
تنقل لنا بطون الكتب، بعض الاحاديث والحكم حول الشعوب، جاء في احداها ان بعض الاقوام بنوا مزار حول ” حافر حمار نبيهم” اشارة واضحة لعظم الجانب الروحي للحضارة واﻷثار للشعوب، الذي يعد سجل هويتها الذي تفتخر به على الامم.
اما البعض منها فراحت تشتري لها تأريخ، لايمت لها بصلة، كمتاحف اوربا ونحن نراها تزخر، بأختامنا الطينية، وبعبق قصب أكد وسومر!
ان التأريخ كتاب عتيق، لجغرافية ارض ما، يسطر اعمال اصحابها، وللتأريخ العراق سجل اصفر لونه، لامتدادته نحو ستة الالف سنة قبل الميلاد، وعند النظر الى خارطة العراق، بعين صقر محلق في سمائه، نراها اشبه بجسد!
جسم متكامل الاعضاء، لها رأس في الاعلى، وجناحين اشبه بأذرع، وقسم جنوبي يمثل الجذع وهكذا، انه ابداع الهي، لا يملك البشر حق الفخر به اذ، رسم حدودها بطريقة هندسية غاية بالانسيابية والتنسيق، وهي باقية بهذه الكيفية فلا يمكن ﻷستفتاء فاقد للشرعية الدستورية، والقانونية، ان يبتر احد اجزاء هذا الجسد، او ان يغير معالم خريطة لها من العمر الالف السنين.
عجزت جحافل المغول، والاقوام الوحشية ان تثلم منها طرف، فكيف ببرزاني “المنتهي الولاية” ان يصر على اجراء استفتاء؟ اثبت بتحركاته، انما هي خطوات تترجم أوامر خارجية، وما هو الا اداة للتنفيذ اجندات توسعية ﻷعداء العراق، من خلال المضي بتقسيمه البلاد الى دويلات، حتى تسهل عملية نهب ثرواته واستغلالها.
يبدو ان الصفقة مربحة لبرزان والسعر كان مرضي له، لكي يتحمل هذا الكم الهائل من الانتقاد من الداخل والخارج، ويبدو انه مخرج ملائم لاشاحة النظر، عن سلسلة مشاكل يعاني منها الاقليم، منها تدهور الجانب الاقتصادي، اضافة الى انتهاء المدة القانونية لولاية برزان، كلها من الامور ماجعلته يفتعل ازمات خارج اسوار الاقليم، في محاولات للتغطية على المشكلات الحقيقية.
واجهت خطوة الاستفتاء اولى الهزات الارتدادية في كركوك، وخانقين عندما خرج الاهالي حاملين الاعلام العراقية و منددين بالاستفتاء، مما اضطره اعلان تأجيل الاستفتاء بتلك المناطق، كما ان الاحزاب الكردستانيةالاخرى واجهت هذا الامر بالرفض القاطع، مما يدل على انقسام من داخل البيت الكردي، وهذا يعني عدم مقبوليته في الشارع الكردستاني بصورة عامة.
ان الاصرار على مثل هكذا خطوات انفصالية، ما هي الا الاصرار على الاقتتال القومي بين مكونات الشعب العراقي الواحد، وخلق حرب طاحنة من جديد، لا غالب ولا مغلوب فيها، والعودة بالعراق الى نقطة الصفر.
في الختام اقول ان لجذور شجرة الجوز على جبال زاخو ارتباط وثيق بنخيل البصرة، لن يستطيع برزاني باستفتاءه ان يفصلهما ابدا.