أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / جرائم لهجات المسلسلات والرسوم المتحركة – معمر حبار

جرائم لهجات المسلسلات والرسوم المتحركة – معمر حبار

السيمر / السبت 21 . 10 . 2017

معمر حبار / الجزائر

كلّما أتيحت الفرصة للكتابة عن ضرورة استعمال اللغة العربية الفصحى عوض العامية الجزائرية أو أيّة عامية عربية دون استثناء إلاّ وتطرّق إليها صاحب الأسطر. واليوم وعلى غير العادة يتابع البارحة وبالصدفة عبر فضائية عاصمية رسوم متحركة باللّهجة العاصمية، ويعترف صاحب المقال أنّه لأوّل مرة يرى الرسوم المتحركة باللّهجة العاصمية وقد سبق أن رأها وما زال يراها باللّهجة المصرية عبر الفضائيات المصرية، وهو الذي منع أبناءه الكبار من متابعتها وما زال يمنع أبناءه الصغار من متابعة الرسوم المتحركة باللّهجة المصرية أو أية لهجة عربية.
الرسوم المتحركة وسيلة تعليم وترفيه كغيرها من وسائل التعليم والترفيه التي يلقّن عبرها الطفل سلامة اللّغة العربية وفصاحة اللّسان وجمال الأداء، والمتتبع حاليا للرسوم المتحركة المترجمة إلى اللّغة العربية الفصحى يلمس لغة فصيحة جميلة خاصة وأنّ كبار الممثلين العرب يقدّمونها بأداء يجذب الأنفس ويدفع إلى تعلّم الفصحى وأمست فعلا الرسوم المتحركة وبمثل هذا الجمال وروعة الأداء وسيلة مناسبة وضرورية لتعلّم اللّغة العربية الفصحى من حيث حسن الأداء وعذوبة الصوت واختيار بعض المواضيع ذات المغزى السامي كحب الوالدين واحترام الجار ومساعدة المحتاج والتعاون وغير ذلك من المواضيع التي تغرس في الطفل صفاء الأخلاق بعربية سهلة جميلة فصيحة وأداء أجمل وأرق.
ونفس الكلام يقال للجزائر وللعرب جميعا ودون استثناء الذين أساؤوا إلى اللغة العربية الفصحى بترجمة المسلسلات الغربية والصينية وأخرى إلى لهجات عربية محلية أساءت للسان العربي الفصيح وكانت سببا في نشر الكسل والميوعة بدعوى تقريب اللّغة إلى السّامع ومخاطبته بما يفهم، فكانت السهولة المفرطة بابا من أبواب مواجهة اللّسان العربي الفصيح والرفع من شأن العامية على حساب الفصحى.
وما يحزّ في النفس حقا أنّ المجتمعات العظمى تتنافس فيما بينها لتقديم رسائلها عبر إنتاج الأفلام والرسوم المتحركة وآخر ماتوصل إليه الإبداع في هذا العلم واستدعاء كبار الممثلين والاعتماد على التكنولوجيا المتطورة جدا ، تجد في نفس الوقت المجتمعات العربية تنافس بعضها في ترجمة ماأنتجته الأمم الأخرى باستعمال اللّهجات العامية المحلية وكلّ يفتخر على الآخر أنّ لهجته أفضل من لهجة الآخر وأنّها أحقّ بالعالمية منه، وفي الحقيقة إنّما هو تنافس صبية فيما بينهم على لعبة ألقيت بين أيديهم من طرف ذلك الكبير الذي أنتج أحسن الأفلام وأروع الرسوم فكان في كلّ عام يعلو بعلمه وفنه وظلّ صغار العرب يزدادون لهوا وعبثا بعاميتهم على حساب لغتهم العربية الفصحى.
العامية العربية لايمكنها بحال أن تؤدي دور العالمية فهي محدودة على أصحابها وفي منطقتها الجغرافية الضيّقة الميّتة، ومن زعم أنّ لهجته أفضل من كلّ اللّهجات فهو ضيّق الأفق قصير النظر لايختلف في شيء عن المستدمر الفرنسي الذي أهان اللّغة العربية الفصحى وحاربها في الجزائر، والعربي الأصيل لايفتخر بعاميته ولهجته على العربي الأصيل مثله.
ترجمة الأفلام الغربية والمسلسلات الصينية والكورية والمكسيكية والأشرطة العلمية الأمريكية وكذا الرسوم المتحركة اليابانية والكتب العلمية والأدبية والتاريخية إلى اللّغة العربية الفصحى يعتبر من الأعمال التي تساهم في فهم الحضارات واستيعاب تطورها وامكانية فهمها والاستفادة منها، وفي نفس الوقت ترجمة التراث العربي وبعد تنقيته واختيار الأفضل منه إلى لغات العالم أجمع يساهم في تقريب الفهم ومساعدة الآخر في الوقوف على كنوز الحضارة العربية الاسلامية بما في ذلك نقدها ونقد أفكارها وعلمائها وفقهائها.

اترك تعليقاً