السيمر / الأربعاء 08 . 11 . 2017
إلى دولة رئيس الوزراء حيدر العبادي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في يوم 23 / أيلول / 2017 كنت قد كتبت مقالا تحت عنوان ( كلّنا جنود خلف القائد العام للقوات المسلّحة العراقية ) , أي قبل إجراء استفتاء إقليم كردستان بيومين , وقبل قرار مجلس النواب العراقي رقم 55 لسنة 2017 بأربعة أيام , وقبل دخول كركوك بأربع وعشرون يوما , قلت فيه ( في ظل هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به بلدنا وشعبنا وهو يقاتل الإرهاب الداعشي ويدحره ويخوض أشرف المعارك المقدّسة لتحرير باقي المناطق من دنس داعش , أتوّجه إلى سيادة القائد العام للقوّات المسلّحة العراقية الدكتور حيدر العبادي , باستخدام صلاحياته الدستورية بالحفاظ على سيادة العراق وأمنه ووحدة ترابه وحماية نظامه الديمقراطي وحماية السكان من العرب والتركمان والأقليات الأخرى في المناطق المتنازع عليها خارج حدود إقليم كردستان , وعدم التهاون مع كل من شارك وسيشارك في هذا الاستفتاء من النوّاب الأكراد والوزراء والسفراء والمسؤولين في الدولة العراقية وطردهم من بغداد فورا باعتبارهم اقترفوا جريمة الخيانة العظمى وتنظيف مؤسسات الدولة منهم حالا , وأقول للقائد العام للقوّات المسلّحة العراقية .. كلّنا جنود خلفك ورهن أشارتك يا سيادة القائد العام للقوّات المسلّحة من أجل الحفاظ على وحدة وسيادة وأمن واستقرار العراق ) .
وحين دعوتك يا دولة الرئيس في هذا المقال لاستخدام صلاحياتك الدستورية بالحفاظ على سيادة العراق وأمنه ووحدة ترابه وحماية نظامه الديمقراطي , لم يجري حينها في خلدك أو في تفكيرك ما حصل بعد ذلك في 16 / أكتوبر , ولم تكن في ذلك الوقت تجرأ أن تقول عشر ما قاله أردوغان أو القادة الإيرانيون لمسعود وتحذيره من مغبّة المضي بإجراء الاستفتاء , وعندما تقدّمت قواتنا الباسلة وحشدنا الشعبي المقدّس نحو استعادة كركوك والمناطق الأخرى خارج الخط الأزرق بالكامل , باركنا للعراقيين شعبا وحكومة وجيشا وشرطة وحشدا صولة فرض القانون واستعادة هيبة الدولة وسيادتها المفقودة في مقال نشر في 16 / أكتوبر تحت عنوان ( القائد العام للقوات المسلّحة يأمر باستعادة السيادة الوطنية المفقودة ) , ولا زلنا حتى هذه اللحظة معك قولا وفعلا في كل خطوة تعيد للدولة هيبتها وللقانون سلطته على كل جزء من أرض العراق وكلّ خطوة تحق الحق وتطبق منهج العدالة الذي تدعو له يا دولة الرئيس .
ومنهج العدالة الذي تطالب الآن بتطبيقه يا دولة الرئيس , كنّا قد طالبنا به حين كنت رئيسا للجنة الاقتصادية في مجلس النوّاب في دورته الثانية , وحين كنت رئيسا للجنة المالية في الدورة الثالثة , وحينها كنت ترفض أي مطالبة بتخفيض نسبة الإقليم بما يتناسب مع نسبة السكان البالغة 12,6 بحجة أنّ عرض هذا الأمر على مجلس النواب سيخلق أزمة سياسية , وحين أصبحت رئيسا للوزراء عام 2014 , وافقت على استمرار نسبة الإقليم من الموازنة 17% للسنوات 2015 , 2016 , 2017 , ولم تحرّك ساكنا ازاء هذا الظلم أو تطالب بإحقاق الحق وتحقيق منهج العدالة بين أبناء الشعب العراقي , ورضخت لأمر الواقع كما رضخ سلفك نوري المالكي , ولولا التطورات الأخيرة التي أعقبت استفتاء مسعود والتي جاءت لك على طبق من ذهب كهبة من السماء , لبقت نسبة الإقليم على حالها وبقى مسعود حليفا وداعما لك ضد نوري المالكي , وقولك يوم أمس أنّ ( الذين كانوا يسكتون على هذه الحصة ربّما كان لديهم حصة منها ) والذي تغمز به سلفك نوري المالكي , مردود عليك جملة وتفصيلا وأنت المعني به بالدرجة الأولى , لأنك كنت رئيسا للجنة المالية لأربع سنوات وهذه اللجنة هي من تقدّم مشروع الموازنة إلى مجلس النوّاب للتصويت عليه , وأنت تعلم جيدا لماذا لم يكن بالإمكان تخفيض هذه النسبة إلى 12,6 , وليس هذا فحسب بل وافقت على استمرارها لثلاث سنوات متتالية من ولايتك لرئاسة الوزراء , فإذا كان هنالك تعمّد في تطبيق منهج العدالة الذي تتحدّث عنه الآن يا دولة الرئيس فأنت مسؤول عنه بالدرجة الأولى .
دولة الرئيس .. أرجو أن يتسع صدرك لمواطنيك والسماوي واحد منهم , الاتهام الذي وجهته يوم أمس لسلفك وزعيم حزبك نوري المالكي لم يكن موفقا ومجحفا ويخلو من أي مظهر من مظاهر الوفاء , ونوري المالكي الذي تتهمه بالتقاعس في إحقاق الحق , كنت ولا زلت حتى هذه اللحظة جزء من الحزب الذي يتزّعمه , وكنت يوما ما من الذين يتظاهرون له بالولاء والطاعة وتسير أمامه , وإن كان ثمة سوء في إدارة نوري المالكي , فأنت وحزبك ومن يحيط بك الآن جزء لا يتجزأ من هذا السوء , وإذا كنت تتصوّر أنّ مثل هذه التصريحات قد تنفعك في حملتك الانتخابية فأنت واهم يا دولة الرئيس , في الختام أقول لك يا دولة الرئيس مهما قلت ومهما ستقول لاحقا لن يكون نوري المالكي غير نوري المالكي ولن يكون حيدر العبادي غير حيدر العبادي .
أياد السماوي