السيمر / السبت 16 . 12 . 2017 — قد ينطبقُ القول “باقية وتتمدَّد” على داعش في إدلب مجدَّداً، بعد أربع سنواتٍ من طرد مقاتليها من هذه المحافظة الوحيدة التي لم يبقَ فيها وجود للجيش السوريّ، وذلك بعد النجاحات التي حقّقها التنظيم في خلق جيبٍ صغيرٍ له بين محافظتي حماة وإدلب، قبل شهرين، وعمله على توسيعه باستمرار، ولكن باتّجاه إدلب فراراً من التقدّم المُضْطَرِد للجيش السوري باتّجاه الشّمال، ومن ملاحقة جبهة النصرة له.
وقد تمكّن من ولوجِ غربي محافظة إدلب قبل أنْ تستجمعَ النصرةُ قِواها وتتمكّن من صدّه واسترجاع منطقة تلال الحوايس، في وقتٍ باتت فيه طلائع قوّات الجيش السوريّ على مشارفِ الرهجان مسقط رأس وزير الدفاع السوريّ فهد جاسم الفريج.
“داعش” الذي كانَ تمكّن في بداية تشرين الأوّل الماضي من تنظيم انسحابه من بلدة “عقيربات” معقله الأكبر والأهم في ريف السلميّة الشرقي، مُستغلّاً اتّفاق خروج المدنيين باتّجاه السعن ومناطق وجود جبهة النصرة لتخرج خلايا نائمة له في الرهجان، وأُخرى في عُمقِ ريف إدلب تولّت ضرب التعزيزات القادمة للنصرة من سنجار ومطار أبو الضهور حيث يتجمّع مقاتلو الحزب التركستانيّ.
باقية وتتمدَّد
وعاد ما يسمّى المكتب الإعلاميّ لولاية حماة في تنظيم داعش إلى بثِّ إصداراتٍ مُصوَّرة جديدة عن معاركه، تمَّ تصويرها في المناطق التي انتزعها من جبهة النصرة، وتبدو فيها آليات ثقيلة ومتوسّطة بكثافة، في خطوةٍ تهدف إلى استقطاب العناصر للانضمام إليه مُجدَّداً عبر الإيحاء بالقوّة.
وبنتيجة المعارك، وحتى الأمس، فإنَّ داعش بات يسيطرُ على قطاعٍ مساحته نحو 500 كيلو مترٍ مربّع، يضمُّ نحو 28 قريةً ومزرعةً، بعد تمكّن النصرة من طرد داعش من منطقة الحوايس المُطلّة على ريف إدلب الجنوبيّ الشّرقيّ.
وتُشيرُ مصادرُ مطّلعة إلى أنَّ داعشَ يعدُّ العدّة للوصولِ إلى أقرب نقطة للحدود التركية، لتقصير خطوط الإمداد وإعادة تخزين ترسانة جديدة له، تُعوّض عمّا فقده في عقيربات وريف السلميّة، والضغط على جبهة النصرة لسحب المقاتلين منها والالتحاق به.
الرهجان اتّفاق الجنتلمان!
ومنذ الشهر تقريباً يخوض الجيش السوري معاركَ ضارية مع جبهة النصرة ومؤازريها وبالأخصِّ من الحزب التركستاني قبل أنْ يتمكّن من الإطباقِ على الرهجان من جهتين فقط.
وليست استماتة الجيش السوري في تحرير مسقط رأس وزير دفاعه العماد فهد جاسم الفريج إلّا خطوةً رمزيّةً في الطريق إلى الهدفِ الأهمِّ والإستراتيجيّ وهو مطار أبو الضهور العسكري، وتعمل القوّات على شقِّ طريقها إليه من محورين جنوبيّ لا بدَّ وسيمرُّ بالرهجان، وشرقيّ عبر خناصر أقصى جنوب محافظة حلب.
وما يُلهِب الصِّراع في هذه المنطقة هو أنَّ داعشَ تمكّن من السيطرة على الرهجان منتصف تشرين الأوّل الماضي، بعد اتّفاق “جنتلمان ” مع “جبهة النصرة قضى بتسليم سلاح عناصر داعش الفارِّين من عقيربات إلى الرهجان عبر وادي العذيب” وما لبثت النصرة أنْ استردتها، ليصبح هدف التنظيم هو الاتّجاه غرباً نحو الحدود الإداريّة لمحافظة إدلب، وأصبح هاجس الانتقام للمكيدة الداعشيّة هدف النصرة، خصوصاً وأنّها كانت الضامن للواء الأقصى، بعد معارك خاضها مع فصائل الجيش الحر في شباط الماضي، إذ تمَّ السماح لهم بالتوجّه من ريفي إدلب وحماة إلى أقصى بادية حماة، حيث التحقوا بداعش فور استيلائه على الرهجان.
كما أنَّ المئات من مقاتلي التنظيم السابقين الذين انشقّوا عنه أو بايعوا النصرة يعاودون الانضمام إليه ويجمعون صفوفهم مجدَّداً كخلايا نائمة، ففي أثناء معارك الحوايس نفّذت خلايا داعش النائمة في منطقة سنجار التابعة لإدلب بالتعاون مع خلايا أبو الضهور كميناً ناجحاً بالتنكّر بلباسِ وراياتِ هيئة تحرير الشام وقتلت على الفور 28 منهم، وجرحت العشرات، ما جعل النصرة تتشدَّد في مراقبة مبايعي التنظيم الذين بايعوها في السنة الأخيرة وقامت باعتقال مجموعةٍ منهم.
تقدّم مُضْطَرِد
وبالوقت نفسه فإنَّ الجيش السوري يتقدّم إلى الشمال من محورٍ أبعد عن جيب داعش إلى الغرب وتحديداً محور أبو دالي وذلك لدفع التنظيم للاتّجاه شمالاً نحو أبو الضهور وسنجار، ومنعه من الوصول إلى أوتوستراد حماة – حلب.
وتمكّنت وحداته من الوصول إلى الظافرية وتل البرميل المطلّة على قرى محافظة ادلب وكما أنّه تقدَّم شمالاً ليحكم السيطرة نارياً على قريتي الزهراء وتل خنزير والتقدّم باتّجاه طريق المشيرفة – أبو دالي، هذه القرية التي لا تقلُّ أهميّة عن الرهجان كونها مسقط رأس عناصر أشدِّ مجموعات الدفاع الوطنيّ المحليّة قوّة المساندة في المعارك مع الجيش .
أمّا الرهجان فيبدو أنَّ سقوطها بيد الجيش قاب قوسين أو أدنى، بعد وصولِ طلائعه إلى الشاكوزية شرقها بعد معارك مع النصرة، وإلى المستريحة غربها بعد معارك مع داعش.
آسيا نيوز