الرئيسية / الأخبار / صُنعتا في أميركا وفُقدتا في العراق.. أزمة بين واشنطن وبغداد بسبب دبابتين من طراز أبرامز

صُنعتا في أميركا وفُقدتا في العراق.. أزمة بين واشنطن وبغداد بسبب دبابتين من طراز أبرامز

السيمر / الاحد 04 . 03 . 2018 — سحبت الشركة الأميركية القائمة على صيانة الدبابات العراقية أميركية الصنع من طراز “إم 1 إيه 1 أبرامز” العديد من موظفيها من العراق، بعد أن انتهى المطاف بـ 9 من الدبابات على الأقل في يد الميليشيات التابعة لإيران، والآن، أصبحت العديد من الدبابات العراقية مُتوقفة عن العمل بسبب الحاجة إلى الصيانة، مما قد يُعرض الحملة التي تشنَّها البلاد حالياً ضد مُقاتلي تنظيم داعش إلى الخطر.
وقالت مجلة فورين بوليسي الأميركية، الجمعة 2 آذار 2018، فبينما انسحبت داعش من مناطق واسعة في العراق كانت تسيطر عليها في وقتٍ من الأوقات، تُواصل مجموعات مُتنقلة من المسلحين شنّ هجماتٍ على القوات العراقية وحلفائها.
وحصد هجومٌ لداعش بالقرب من مدينة الحويجة العراقية، في منتصف شباط، 27 قتيلاً من أفراد الحشد الشعبي التي تقاتل بجانب الجيش العراقي.
واشترت العراق 140 دبابة من طراز “إم 1” -التي يبلغ وزن الواحدة منها 63 طناً- مقابل 2 مليار دولار في عام 2008، من أجل إعادة تجهيز بعض الوحدات المدرعة التي كانت تستخدم سابقاً دباباتٍ سوفيتية الصُّنع دَمر التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الكثير منها، عندما تم غزو العراق عام 2003، بحسب المجلة الأميركية.
وتوسطت وزارة الدفاع الأميركية عام 2012 في اتفاقية يقوم بموجبها عُمَّالٌ من شركة جنرال ديناميكس لاند سيستمز في ميشيغان، التي تُصنع دبابات الأبرامز بالاعتناء بالدبابات العراقية، وإصلاح أضرار المعركة، وتدريب الميكانيكيين العراقيين على إصلاح الدبابات بأنفسهم. ودفع الجيش الأميركي لشركة جنرال ديناميكس 320 مليون دولار.
ثم في أواخر كانون الأول 2017، غادر معظم المقاولين من شركة جنرال ديناميكس العراق فجأةً.
وقال أحد المقاولين لمجلة فورين بوليسي الأميركية بشرط عدم ذكر اسمه، لأنَّه ليس مخولاً له التحدث إلى وسائل الإعلام: “أُبلِغنا بأنَّ حكومة الولايات المتحدة أوقفت البرنامج حتى ذلك الوقت الذي نسترجع فيه العدد القليل من دبابات إم 1”.
وأضاف أنَّ عشراتٍ من الدبابات العراقية من طراز “إم 1” ليست “جاهزة للمعركة” حاليّاً. وهذا يمثل انخفاضاً كبيراً في القوة النارية للجيش العراقي.

إمكانات الدبابة إبرامز
وبحسب المجلة الأميركية كانت دبابات “إم 1” التي تستوعب طاقماً من أربعة أفراد، وبها مدافع عيار 120 ملم في خضم المعركة، عندما اجتاحت داعش شمال غربي العراق في صيف عام 2014. استولت داعش على عدة دبابات من طراز إم 1، وهو الأمر الذي أجبر الطائرات الحربية الأميركية على استهدافها في الضربات الجوية.
وقادت دباباتٌ أخرى من طراز “إم 1” هجومَ العراق المُضاد المدعوم من الولايات المتحدة في عام 2015.
وفي نيسان 2016، احتفل ستيف وارن العقيد في الجيش الأميركي والمتحدث باسم التحالف في بغداد بطاقم دبابة “إم 1″، يُطلق عليها لقب “الوحش”، شاركت في معارك عنيفة في مدينة هيت العراقية، بحسب المجلة الأميركية.
ومنذ عام 2015، ظهرت 9 دبابات على الأقل من طراز “إم 1” في ترسانات العديد من الحشد الشعبي، التي كانت تُحارب داعش إلى جانب الجيش العراقي، وفقاً لتقرير ربع سنوي من المفتش العام في لجهود الحرب الأميركية في العراق وسوريا، الذي صدر في شباط.
وفي كانون الثاني من عام 2015، انتشر مقطع فيديو يُظهر دبابة من طراز “إم 1” ترفع علم كتائب حزب الله، التي صنفتها الولايات المتحدة جماعةً إرهابية. وأظهر مقطع فيديو آخر، في شباط 2016، دبابة من طراز “إم 1” ترفع علم كتائب سيد الشهداء.
وفي شباط عام 2018، اعترف الجيش الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية أخيراً بأنَّ قواتٍ مؤيدة لإيران كانت تستخدم دبابات “إم 1”.
واستولى الحشد الشعبي على بعض الدبابات من داعش، بعد أن كان التنظيم قد استولى عليها من الجيش العراقي، وذلك وفقاً لما قاله مُتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية لمجلة فورين بوليسي، بحسب المجلة الأميركية.
وقاتلت واحدة من دبابات “إم 1” في صف الحشد الشعبي في مناوشاتٍ مع القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في مدينة كركوك العراقية، في تشرين الأول 2017. تمكَّن الأكراد من تعطيل الدبابة، لكنَّ الدبابة المحترقة سرعان ما ظهرت في منشأة شركة جنرال ديناميكس في العراق وفقاً للمقال.

المسؤولية تتحملها العراق
وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية لمجلة فورين بوليسي، إنَّ “السلطات العراقية مُلزمة، باعتبارها مُستفيدة من معدات الدفاع أميركية المنشأ، بالالتزام بمُتطلبات الاستخدام النهائي كما هو مُبين في الاتفاقات المُبرمة مع حكومة الولايات المتحدة”. وأضافت القيادة أنَّ بغداد تمكنت من استعادة “عدة” دبابات.
وقال متعهد شركة جنرال ديناميكس، في أواخر شباط، إنَّ دبابتين فقط لا يزال مصيرهما مجهولاً. إلا أنَّ عودة 7 من الدبابات المفقودة الـ9 على ما يبدو لم تكن كافية لإرضاء وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون.
وقال المتعهد، إنَّه في كانون الأول، زاد الضغط الأميركي على العراقيين، إلا أنَّ العراقيين كانوا يعتقدون أنَّ الأميركيين كانوا يخدعونهم. وقال: “تحدثنا عدة مراتٍ أسبوعياً مع الجيش العراقي ووزارة الدفاع العراقية، ولم يصدقوا أنَّنا سنغادر حتى الأيام العشرة الأخيرة بشكلٍ أساسي”، بحسب المجلة الأميركية.
من الناحية الفنية، لا يزال اتفاق الجيش الأميركي مع الجيش العراقي لتوفير المقاولين من أجل صيانة الدبابات ساري المفعول. وقال متحدث باسم التحالف لمجلة فورين بوليسي: “لا يزال برنامج صيانة دبابات إم 1 أبرامز لقوات الأمن العراقية فعالاً حالياً، ولا توجد خطة لوقف هذا البرنامج في المستقبل القريب”.

جهود الصيانة طي النسيان
وبحسب المجلة الأميركية فبالنسبة لكل الأغراض العملية، فإنَّ جهود صيانة الدبابات ستبقى في طي النسيان حتى يستعيد العراقيون آخر دبابتين من طراز “إم 1” من الحشد الشعبي. وقال المقاول إنَّه في الوقت الحالي، يوجد 10 موظفين فقط من شركة جنرال ديناميكس في العراق ضمن برنامج “إم 1”. ومهمتهم الوحيدة هي حماية عشرات الدبابات المكسورة والمُتضررة من المعارك التي ستظل مُخزَّنة دون استخدام.
ورفض متحدثٌ باسم شركة جنرال ديناميكس التعليق على هذه المسألة. ولم ترد السفارة العراقية في العاصمة الأميركية واشنطن على طلب التعليق.
وأعرب المتعهد عن اعتزازه بعمله في العراق. وقال إنَّ فريقه أعاد بناء معظم الدبابات العراقية من طراز “إم 1″، التي يبلغ عددها 140 دبابة، نحو “ثلاث مرات”، وأصلحوا دبابة بعد “انفجارها” في 20 دقيقة فقط، وأعادوا إرسالها إلى المعركة.
وقال المتعهد إنَّ الجيش العراقي لا يستطيع صيانة الدبابات دون مساعدةٍ أميركية، وإنَّ نصف عدد دبابات العراق من طراز “إم 1” في انتظار الإصلاحات حالياً.

اترك تعليقاً