السيمر / الثلاثاء 10 . 07 . 2018 — يشهد العراق منذ عقود أزمات متلاحقة، ما إن تضمحل وتبدأ أحداها بالذبول وتراخي الاهتمام بها من قبل المواطنين أو يتناسوها بفعل عامل الزمن حتى تطفح الى السطح أزمة أخرى بأثرها لتتحول من جديد الى الشغل الشاغل للناس وهم الشارع العراقي.
الأزمات المتلاحقة في البلاد، ظهرت بشكل ملفت وواضح ما بعد لحظة 9 نيسان عام 2003، فمنذ ذلك التاريخ يعيش العراق ازمة سياسية وأمنية متلازمة للنظام الجديد حتى بعد مرور قرابة 16 عاماً على تغيير النظام على يد القوات الأمريكية وحلفاءها.
أزمات متلاحقة
وبعد تداعيات شبهات تزوير انتخابات مجلس النواب العراقي لدورته الرابعة التي جرت في 12 ايار الماضي 2018، وما تبعتها من ازمة سياسية قد تؤخر جمع شمل البرلمان الجديد وانعقاد اول جلساتهِ بسبب تشكيل لجان قضائية لإعادة عملية العد والفرز اليدوي في بعض المحافظات، دخل العراقيون منذ ذلك التاريخ على خط ازمات متلاحقة أخرى.
فقد ظهرت على السطح أزمة خطر أهوال الجفاف الذي قد يصيب نهري البلاد الخالدين (دجلة والفرات) لا سامح الله، خلال السنوات القليلة المقبلة، على أثر اكمال اعمال البناء في سد أليسو التركي، والبدء فعليا بمليء خزان السد في الاول من تموز الحالي 2018، من دون ان تحرك السلطات العراقية ساكن وتتخذ موقف من تلك الجارة تركية التي تريد أن تقتل ارض البلاد وشعبه عطشاً.
وما أن حاول العراقيين تناسي أزمة (سد أليسو) وخطر الجفاف، حتى بدأت تظهر الى العلن أزمة تفشي مرض “الحمى النزفية” والتي انتشر تداعياتها بين العراقيين انتشار النار في الهشيم، حتى أن معظم المواطنين في البلاد استبعدوا شراء اللحوم من السلة الغذائية اليومية وتحول الكثير منهم الى نباتيين من اجل التحرز وابعاد رعب الإصابة بالمرض الذي ينتقل عبر فايروس تسببه “القراد” الموجود على جلود الحيوانات المصابة.
وعلى الرغم من قلة الاصابات بمرض “الحمى النزفية” لاسيما في محافظة الديوانية التي سجلت وفاة شخصين وايضا وفاة شخص في الموصل وظهور اعراض المرض على بعض الاشخاص في مدن أخرى، لم يصل لدرجة تحوله الى وباء، إلا أن اهول تفشيه دق ناقوس الخطر لدى العراقيين من دون استثناء.
أزمات العراق مفتعلة سياسياً
كثرة الازمات والمشاكل في العراق غالبا أما أن تكون مفتعلة او ذات اهداف سياسية اوهي ناجمة من جراء قصور وتقصير في جانب معين من جوانب العمل الحكومي والمؤسساتي او ربما الهدف من اثارتها مصلحة لدولة ما، والأصعب ما في الامر ان اغلب تلك الازمات عند التحقق منها لا تخلو من بعداً سياسياً حتى وان كان الموضوع المثار حوله الازمة هو في مجالات اخرى كأن يكون ( اقتصادي، اجتماعي، امني، ثقافي).
وفي هذا الشأن، يذهب رئيس المجموعة العراقية للدراسات ألاستراتيجية، واثق الهاشمي، الى التأكيد بأن الأزمات والمشاكل السياسية والخدمية والاقتصادية مفتعلة في العراق ومن وراءها اذرع ومحركين وجهات محلية ودولية هدفها تمرير بعض القضايا والأمور ذات طابع سياسي ومصلحي.
وقال الهاشمي لـ”وان نيوز”، إنه “بسبب ما يعيشه العراق من تخبط سياسي يدفع الى ظهور بعض الازمات والتي تكون في الغالب بدافع سياسي من اجل تسقيط الخصوم لتحقيق بعض المكاسب”، مؤكدا أن “الازمات في البلاد شبه مستمرة لان العراق يعيش تخبط في جميع مفاصل الدولة ومن بينها الصحة والخدمات لذلك ظهور هذه الازمات أمر طبيعي”.
وحمل رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، الحكومة الاتحادية مسؤولية تلاحق الازمات في البلاد، مبررا ذلك بالقول: “جميع الحكومات المتعاقبة على البلاد لم تضع حلولاً جذرية لمعالجة الازمات السياسية والخدمية وغيرها لذلك نعيش تتكررها كل موسم كما يحصل الآن وما نشاهده من سخط شعبي في مدن وسط وجنوب العراق اثر تدني خدمة تزويد المواطن بالكهرباء الوطنية”.
وفيما يتعلق بأزمة تفشي مرض (الحمى النزفية)، اعتبر الهاشمي أنها “لم تصل الى أن تكون بمستوى الوباء على الرغم من خطورة هذه المرض”، متوقعا أن “اهداف تسليط الضوء على المرض بهذا الشكل أمر مفتعل ومحاولة تسقيط سياسي”.
ولم يستبعد الهاشمي أن “تكون عملية خلق الازمات المتلاحقة في العراق من ورائها اشخاص لتمرير بعض الاهداف السياسية أو إقرار بعض القوانين عبر اشغال الشارع العراقي بهذه الازمات ومحاولة جذب انتباهه لها وتشتيت عن قضايا أخرى”.
ويبقى المواطن العراقي يتحمل اعباء وتداعيات الازمات المستمرة في البلاد والتي تكون دوافعها سياسية ومن وراءها تصارع وتنافس جهات محلية واقليمية ودولية ليدفع المواطن البسيط ثمن ذلك، فصانع القرار هنا يغفل احياناً او يتناسى احياناً اخرى في البحث عن المسبب والداعم ويلجأ لأسلوب التبرير ويظهر بمظهر الضعف وهذا الامر يجعل الطرف المقابل يشعر بثمرة اثارته للازمات وما جنى منها، لذلك لا بد من الانتباه لخطورة الموقف والعمل على تقليل اثاره مستقبلاً بواسطة كشف الحقائق ووضع المواطن بالصورة ليمكنه التصرف إزاء تلك الازمات.
وان نيوز