الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / المتشددون في كردستان ورقة رابحة بيد بارزاني بالماضي وسكين في الخاصرة بالحاضر والمستقبل

المتشددون في كردستان ورقة رابحة بيد بارزاني بالماضي وسكين في الخاصرة بالحاضر والمستقبل

السيمر / الخميس 26 . 07 . 2018 — سلطت الاحداث الأمنية الأخيرة في كردستان، وخصوصاً محاولة اقتحام مبنى محافظة أربيل، مركز الإقليم، الضوء على الجماعات المتشددة، و”التطرف” الذي ظلت أراضي كردستان بعيدة عنه، رغم محاذاتها لما سمي بـ “المناطق الساخنة” التي أعلن تنظيم داعش سيطرته عليها، غربي، وشمالي البلاد.
ويعود تاريخ الجماعات المتشددة والمتطرفة في اقليم كردستان الى بداية تسعينيات القرن الماضي، وعهد الملا كريكر زعيم أنصار الإسلام، حيث بلغ ذروة انتشار تلك الجماعات في منطقة كرميان وقرب الحدود الايرانية وهي المنطقة التي تغلغل منها زعيم تنظيم القاعدة السابق في العراق ابو مصعب الزرقاوي.
وتكونت الجماعات المتشددة في هذه المنطقة في الاقليم الذي كان الطابع الغالب لسكانه الاسلام الصوفي قبل ان ينتشر التيار السلفي بشكل كبير فيه، وصولاً إلى تحذير عدة جهات من أن “سماح حكومة الاقليم بانتشار هذا التيار دون رقابة سينعكس سلبا على أمن الإقليم”.
الأكاديمي والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، سالار تاوكوزي، قال في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن “هناك عدة اسباب، وهي أن الجماعات المتشددة تعمل منذ سنوات في اقليم كردستان وبرزت نشاطاتها بعد انتفاضة كردستان عام 1991، وتحديدا في ايام الحصار والحرب الداخلية بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني”.
وتابع، أن “الجماعات الإسلامية استطاعت ان تستغل أوضاع أيام الحرب والفقر لوضع بويضاتها في بيئة الإقليم”.
وأضاف تاوكوزي، أن “هنالك دولاً اقليمية ساعدت تلك الجماعات ومازالت المساعدات متواصلة؛ لذلك نستطيع القول ان لتاريخ عمل الجماعات الإسلامية المسلحة مثل الحركة الإسلامية، والمجاميع الارهابية وبالأخص جند الإسلام، والجماعات السلفية والاحزاب الاسلامية دورا خطيرا في غسل أدمغة عدد كثير من مواطني إقليم كردستان وقد شارك بعض الخطباء والدعاة في ازدياد حدة التطرف والميل للانضمام الى الجماعات المتطرفة”.
واشار الى أن “السلطة الكردية ساعدت بشكل أو بآخر في نشر التطرف، فعلى سبيل المثال، الأزمات الاقتصادية والسياسية التي خلقتها احزاب السلطة دفعت الشباب الى البحث عن سبيل لكسب الرزق او الانتقام من الحكومة”.
ولفت الباحث المختص إلى أن “هؤلاء الشباب لم يجدوا طريقا لذلك سوى الالتحاق بالجماعات الإسلامية المتشددة وان حكومة إقليم كردستان لم تتعامل مع ملف الارهاب والتطرف بشكل سليم، ولم تضع برنامجا او خطة طويلة المدى لمواجهة التطرف”.
ونبه إلى انه “لنشاطات السلفيين وداعش عبر الانترنت ووسائل الاعلام دور فاعل في جذب المواطنين ولا سيما الذين كان لديهم فراغ ثقافي ومشكلة في الوعي”.
من جهته، قال عضو لجنة الامن والدفاع النيابية والنائب الكردي السابق عبد العزيز حسن، في حديث لـ (بغداد اليوم)، إن “تاريخ الجماعات المتطرفة يعود الى تسعينيات القرن الماضي واستغلوا المنطقة الجغرافية المعقدة الممتدة على الحدود الايرانية وخاصة في جبل بمو القريب من حلبجة”.
وأضاف حسن، أن “هنالك عناصر تغلغلوا من الحدود الإيرانية، استطاعت قوات الامن الكردية ملاحقتهم ولم يعودوا يشكلون خطرا كبيرا خاصة بعد ان تحولوا الى تشكيل احزاب سياسية ولكن نخشى من اهمال المساجد والمدارس الدينية وتركها دون رقابة وترك الشباب يتلقون مختلف العلوم الدينية دون وجود رقابة خاصة وان بعض رجال الدين المتشددين يحاولون غسل افكار الشباب بالمناطق النائية والقرى في السليمانية واربيل وخاصة في مناطق كرميان وهذا يشجع هؤلاء الشباب الصغار على التطرف”.
وذكرت مصادر تحدثت لـ (بغداد اليوم)، أن “حكومة الاقليم كانت تدعم تلك الجماعات وتحاول الاستفادة منها في الصراعات السياسية مع باقي الاحزاب حيث وقف التيار السلفي مع الحزب الديمقراطي في قضية الاستفتاء وقضايا اخرى ولكنها أدركت ان انتشار تلك الجماعات ومساجدهم دون رقابة قد يؤدي الى خطر مستقبلي على أمن الاقليم كانت بدايته الهجوم على مبنى محافظة اربيل”.
ويضيف، أن “تلك الجماعات تتلقى دعما بالأموال من عدة دول بينها إيران والسعودية يمولون بها بناء المساجد حيث انتشرت المساجد السلفية بشكل لافت في احياء ومناطق اقليم كردستان وبدأت بسحب الشباب اليها”.
ويرى مراقبون، أن ما اعتبر “الورقة الرابحة” بيد إقليم كردستان في وقت سابق، قد يكون في الوقت ذاته “سكين الخاصرة” الذي يقلق راحة من اعتبر المتشددين سلاحاً يمكن الاعتماد عليه، أو حتى التلويح به من مسافة بعيدة.
ويوم الاثنين (23 تموز 2018)، حاول 3 اشخاص لا تتعدى أعمارهم الـ 19 عاماً، اقتحام مبنى محافظة أربيل، ضمن واحد من أكبر الخروق التي شهدتها المحافظة، حتى خلال سطوة تنظيم داعش على المناطق القريبة من كردستان طوال 4 سنوات، بدأت بالعام 2014.
وقالت قوات الأمن “الاسايش” في أربيل، إنها قتلت المهاجمين، وحددت هوياتهم، قبل أن تعلن في وقت لاحق القبض على رجل الدين الكردي، اسماعيل سوسايي، الذين كانوا يتبعونه، مشيرة إلى اعتقاله قبل اسبوعين من هجوم أمس واعترافه امام المحكمة بمبايعته لتنظيم داعش
وقال مدير آسايش اربيل اللواء طارق نوري، في تصريح صحفي، إن “التحقيقات مع سوسايي اظهرت علاقته بشبكة ارهابية اخرى ايضاً، كان جهاز الآسايش قد ضبطتها واعترف افرادها بعلاقتهم به”، مضيفاً ان “سوسايي اعترف بعلاقته بالشبكة”.
وأضاف، ان “اسماعيل سوسايي قام بالعديد من النشاطات الاعلامية والتنظيمية لداعش، كما تم ضبط عدد من قطع الاسلحة والمواد المتفجرة وقنابل يدوية في منزله لحظة اعتقاله”، لافتاً إلى انه “كان يحضر لعملية ارهابية كبيرة لكننا اعتقلناه قبل تنفيذه لها”.
وكان الخبير العسكري وفيق السامرائي، قد علق، الأربعاء (25 تموز 2018)، على محاولة اقتحام مبنى حافظة أربيل بالقول، إن “من يلعب تحترق أصابعه”، في إشارة إلى عناصر تنظيم داعش الذين تحتفظ بهم السلطات في الإقليم، بعد فرارهم اليه، خلال العمليات العسكرية لتحرير الأراضي من التنظيم.
وقال السامرائي عبر صفحته في فيسبوك: “يالبؤس تدابير الأمن إن لم يكن ما حدث نتيجة تراخٍ وعدم اهتمام بملف الإرهاب الذي صدع مسعود (مسعود بارزاني، رئيس الإقليم السابق) رؤوس العالم بدورهم الايجابي فيه”.
وأضاف، أنه “بعد يوم واحد، ظهرت تسريبات محلية تبدو موجهة على أن ما حدث (رسالة إيرانية لأميركا)، لأنهم لا يستطيعون أن يقولوا إنها لهم كما يريدون قوله. أما حقيقة الحال، فإن من يلعب بالنار تحترق يداه، خصوصا عندما يكون معتادا على الحسابات والتقديرات الكارثية منذ (57) عاما”.
وأشار إلى أنه “ليس مستغربا أن ينتشر الفكر التكفيري بين الطلبة وغيرهم وفقا للمعطيات والتصرفات الخاطئة، لذا فالأقرب إلى المنطق القول (إن العملية كانت إرهابية داعشية داخلية)”.

اترك تعليقاً