السيمر / السبت 29 . 09 . 2018
علي الأسدي
لن نستطيع المقارنة مع ما نعيشه الآن، وما كانت تعيشه الأجيال التي سبقتنا إبان النظام السابق، فما نسمعه من حكايات يشيب منها حتى الطفل الرضيع، فلا معنى للحرية ولا قيمة للإنسانية، والعراقيون يعيشون في كوكب مختلف، له قوانين خاصة، يصدرها وينفذها نظام البعث.
بعد سقوط النظام وشياع الحرية التي وصلت حد الفوضى والإنحلال الخلقي والإجتماعي، برزت مفاهيم إجتماعية جديدة على المجتمع العراقي، منها مفهوم ” الحواسم “، و يعنى سرقة ونهب أموال وممتلكات الدولة، حتى أصبح يضرب مثلا على كثير من الحالات الإجتماعية، فهناك تجار الحواسم، الذين أثروا عن طرق سرقة أموال الدولة، وهناك أحياء الحواسم، وهي الأحياء التي تم التجاوز على أراضيها دون مسوغ قانوني.
الأكثر شيوعا من مفهوم الحواسم، هو مصطلح ” الصك “! بمعنى القتل أو الإغتيال، وقد شاع الصك في العراق بعد سقوط النظام، وانتشر في شوارع المدن، وأصبح كل من هب ودب يمارس هذه المهمة، لخلاف سياسي أو عشائري أو طائفي، وعمدت بعض الأحزاب والمليشيات الى عمليات الصك لتخيف خصومها السياسيين، والذين يختلفون معم في الرأي، وأصبحت مهنة مربحة للبعض يتباهى بها لأنه يسمى ” الصكاك “.
حين يختلف شخصان فيما بينهما فالصكاك حاضر لأداء المهمة، حين يحدث خلاف عشائري وتأتي الحاجة للأخذ بالثأر فكل ما تحتاجه صورة للضحية وإتصال هاتفي، حين ينتقد ناشط مدني أو سياسي أحد الأحزاب أو الشخصيات السياسية، فليحضر نفسه الى طلقة في الرأس تنهي حياته، حين يعرف أنك تختلف فكريا أو طائفيا مع ما يحيط بك، فربما أنك ستكون في غفلة عن إطلاقة مسدس كاتم تأتيك في رأسك وأنت تقود سيارتك.
إنتشرت في الآونة الأخيرة حوادث القتل والإغتيال، بعد زوال الغمامة السوداء من سماء العراق، فبعد سنين عجاف كان فيها الإرهاب يسرح ويمرح في ارض العراق، والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة يتطاير شظاها في سماء المدن العراقية، يخطف أرواح العراقيين لا يفرق بين طفل وكبير السن أو بين رجل وإمرأة، فعاد الإرهاب بثوب يبث الخوف والرعب في صفوف الأبرياء.
جرائم كثيرة حصلت رغم الالوف من التسميات الامنية التي تقطع الشوارع، ورغم الوزارات الامنية التي تدعي حرصها على حماية المواطن، لكننا لم نسمع الى اليوم عن القبض على من ارتكب تلك الجرائم أو إنه قدم الى المحاكمة لينال جزاءه العادل، وكأن من إرتكب تلك الأفعال أقوى من القانون، أو غن لديه حصانة تمنع يد القانون من أن تطاله، وكل مايعلن على إستحياء، الإحالة الى لجان تحقيقية.
أن ما حدث من عمليات قتل وإغتيال في صفوف المدنيين، ظاهرة قد إستفحلت ينبغي الوقوف عندها، وإن تفعل الجهات الأمنية إجراءاتها القانونية للحد منها، وأن تصبح سلطة القانون هي التي تحاسب وتعاقب، كي لانصبح في غابة يأكل فيها القوي الضعيف.