السيمر / الاحد 25 . 11 . 2018
واثق الجابري
ما بين مطالب المواطن وإدعاءات الحكومة, فحماية حياة المواطن وتوفير أساسيات حياة رفاهية مقبولة, تضمن له عيشا كريم, يجب ان يكون في مقدمة إهتمامات وسلم اولويات أي حكومة.. فإن كانت حكومتنا وبرلماننا يعلمون بهذا ” إفتراضا” فلما هذه الفجوة بينهما وبين المواطن الذي يتعمل الاولى لخدمته, ويعمل الثاني لتمثيله؟
بات المواطن كثير التذمر لا يقتنع، في أي إنجاز حكومي، لأنه بعض المسؤولين مقصرين بواجباتهم، وفضلوا العمل لأنفسهم دون مواطنهم.
ربما يصبح المواطن مسؤولاً، والمسؤول بالأصل مواطنا، وأن ترك المسؤول مسؤولية سيعود مواطناً، ومعناه أن المواطن مسؤول والمسؤول مواطن، والمصلحة العليا بناء وطن، ولكن المسؤول يخرج عن مواطنته، عندما يفضل الحصول على إمتيازات المسؤولية على حساب المواطن، والمواطن يتخلى عن مسؤوليته، عندما لا يكون مصدراً للسلطات، ولا يشارك بصنع قراراتها، وينحرف المسؤول نحو لجشع، عند ذاك يشعر المواطن بالغبن.
طالما كانت وما تزال، علاقة المواطن بالمسؤول الحكومي متوترة، ومن جيل لآخر، ومن حكومة الى حكومة، وهنالك شعور بالغبن والظلم والتفاوت الطبقي، بينما تتحدث الحكومات ويتبجح المسؤولون، ويعد المرشحون، بقائمة عريضة من الحلول، ومنها تمليك المواطنين دوراً وأن كانت تجاوزاً أو في منتصف شارع عام، لكسب ود المواطن، ولكن حينما تنتهي الإنتخابات، يفكرالنائب والوزير، الحصول على بدل إيجار، يعادل بيتاً في مناطق الصفيح حيث لا خدمات.
يرى المواطن بأم عينه المدارس والشوارع والمستشفيات والحدائق، ويشعر أنها لا تلبي أدنى الطموح، وتخصص لأولاد المسؤول مقاعد دراسية وتخصص أفضل المدارس وبين المتميزين، ويتعالج نواب ومسؤولون خارج بلادهم، مرة ترفاً وآخرى لمعرفتهم حجم النقص وكذا للتعليم والعيش، وأغلبهم في خارج البلاد، فيما لم تنجح الحكومات في إقناع المواطن بأن المسؤولية تضامنية، بتقيد المواطن بالنظام الصحي وعدم إستغلال الخدمة المجانية، وكذا التعليم عندما لا يكون النجاح سوى من المدارس الخصوصية، التي تثقل كاهل مواطن، عندما تغيب الثقة بمؤسسة حكومية، يتمنى مواطن ريادتها أن تكاملت خدمتها.
إن واجب الحكومة والبرلمان، تمتين العلاقة مع المواطن، وإشعاره بأنه جزء من منظومة دولة، يتحدث مواطنها بحرية وعقلانية، تناسب إمكانية الدولة وطبيعة التحديات، ولدى الحكومة قابلية سماع الإنتقاد والتذمر ومعرفة الأسباب، وإيجاد أجوبة شافية بإعلام حكومي، يخاطب العقل ويتكلم من المنطق وبالأرقام والسقوف الزمنية الدقيقة، ولا تعتمد المزايدات ونفي الإشاعات، وهذا ما يجعل المواطن جزء من عملية الإصلاح، ومعاضد قوي لعمل حكومة وبرلمان صادقين، مع منع أولئك المتزلفين ومتصدي الماء العكر، اللاعبين على وتر هم المواطن، بتلفيق الخطاب والأكاذيب، ونشر إشاعة فشل الدولة وعجزها، في حين هم في قمة قرارها.
المواطن والمسؤول، بين صراع تبادل الأدوار وتشاركها، فأن جعل المسؤول نفسه مع مستوى أبسط مواطن، فسيكون هو مواطن والمواطن مسؤول، وأن كان العكس وميز المسؤول نفسه عن المواطن، فسيكون المسؤول أمبراطوراً والمواطن خادماً؛ لا يطلب منه الحضور في ساحة الوطن إلا في ساعات الملمات، ليقدم ماله ودمه لكي يبقى المسؤول متربعاً على عرش السلطة والمال والجاه.
أياً كان المسؤول، فأن الخاسر عن تبدد شراكة المسؤول والمواطن فهو الوطن، وأن أنحسر تفكير المسؤول بما حوله فحسب، فلن يجد المواطن ما ينعكس على حياته المعيشية، ويبقى بذلك المواطن متذمر من مسؤول مقصر.