السيمر / الجمعة 14 . 12 . 2018
هشام الهبيشان/ الأردن
تزامناً مع التصعيد العسكري والسياسي والإعلامي الصهيوني – الأمريكي ضد حزب الله وما يرافق هذا التصعيد من مخططات صهيونية عسكرية ضد الحزب وضد لبنان،هذه التطورات بمجموعها دفعت الحزب للتيقّن من حتمية المواجهة” القريبة ” المؤجلة منذ زمن مع «الإسرائيليين»، ولكن هذه المرة ستكون المواجهة مختلفة، فالهدف من وراء الحرب الصهيونية المتوقعة هو ضرب وشلّ القدرات اللوجستية والعسكرية للحزب، وهذا لا يخفي حقيقة وجود دعم إقليمي ـ عربي ـ دولي من الدول الشريكة علناً في الحرب على قوى المقاومة في المنطقة من أجل تصفية الحزب عسكرياً، وهذا ما تؤكده دوائر صنع القرار الأميركي في شكل دائم، باعثة رسائل طمأنة لـ «إسرائيل» مضمونها «أنّ حربكم المستقبلية مع حزب الله، ستثير ردود فعل إقليمية وعربية مؤيدة.
الإعلام الصهيوني بدوره بدأ بتهيئة الداخل الصهيوني للمواجهة المقبلة مع حزب الله، والمتمثل ببرامج إخبارية وسياسية بدأت تبث بشكل كبير على محطات التلفزة الصهيونية تتحدث جلها عن تهديد الصواريخ التي يملكها حزب الله من ناحية العدد والمدى والدقة، وتتحدث أيضاً عن خطورة نقل السلاح إلى حزب الله من إيران ومن سورية، وتتحدث أيضاً وبشكل علني عن قدرة المنظومة الصاروخية التي يملكها الحزب على إلحاق ضرر جسيم بالسكان وبالبنى التحتية والعسكرية للكيان الصهيوني. والمطلوب حسب وسائل الإعلام الصهيونية التي تعمل بغطاء سياسي وعسكري صهيوني لتوجيه الرأي العام الصهيوني نحو “تأييد خيار الذهاب نحو عدوان على لبنان لردع حزب الله عن استخدام قدرته الصاروخية والعمل على تعطيل مخزون حزب الله من الصواريخ”.
ومن يتابع تصريحات وزراء وقاده أمنيّين صهاينة في الفترة الاخيرة سيدرك ان جميع هذه التصريحات والتحليلات والسيناريوات تصبّ في خانة التحرك شمالاً باتجاة ضرب منظومة المقاومة العسكرية واللوجستية، ومن هنا يبدو واضحاً أنّ الإسرائيليين قد بدأوا بالفعل التحضير ورسم سيناريوات المعركة المقبلة مع حزب الله، لكنهم، على ما يبدو، ينتظرون إعلان الساعة الصفر من واشنطن لبدء المعركة.
في ظلّ الحديث عن دور واشنطن في هذه الحرب المتوقعة، كتكرار لنموذج حرب تموز 2006، تركّزت التقارير العسكرية والسياسية الأميركية في الأشهر والأسابيع والأيام القليلة الماضية، على تعاظم قوة حزب الله. وتشير هذه التقارير إلى أنّ تعاظم قوة حزب الله النارية والعسكرية تعدّ نكسة كبيرة للمشروع الرامي إلى إعادة رسم موازين ومواقع القوى في المنطقة، فلوجستية الحزب العالية وقوة الردع العالية التي يملكها مقاتلو الحزب، والمخزون الهائل من السلاح المتطور الذي يملكه الحزب، سوف تؤدّي بمجموعها إلى إحداث تغيير جذري في الخارطة العسكرية لأطراف الصراع في المنطقة. والمقصود بأطراف الصراع وفقاً للمقصد الأميركي، قوى المقاومة من جهة، و«إسرائيل» وأدواتها في المنطقة العربية، من جهة أخرى.
من خلال هذه التقارير نستنتج أنّ جزء من قادة وصنّاع الرأي والقرار الأميركي بدأوا يدركون أكثر من أيّ وقت مضى أنّ مشروعهم الأكبر الرامي إلى تعظيم قوة «إسرائيل» في المنطقة بدأ يواجه خطراً وجودياً منذ هزيمة تموز 2006، وصمود سورية ،وبعد الهزيمة الكبرى التي مُنيت بها «إسرائيل» في عمليتها الاخيرة في غزة، لهذا تسعى دوائر صنع القرار الأميركي إلى دفع «إسرائيل» نحو حرب جديدة في المنطقة لعلها تستطيع استعادة جزء من هيبتها في الإقليم بعد هزائمها المتلاحقة منذ عام 2000 وحتى اليوم.
وفي الوقت الذي كشفت فيه قيادة الجبهة الداخلية في جيش العدو الصهيوني، أنّ حزب الله قادر خلال الحرب المقبلة على إطلاق ما بين 1000 و1500 صاروخ يومياً باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأتي هذه التصريحات والتحليلات في الوقت الذي أنتهت فيه المناورات الخاصّة التي قام بها جيش العدو الصهيوني سراً وعلناً في منطقة الجولان السوري المحتلّ، وهي مناورات كانت تحاكي احتلال بلدات وقرى في جنوب لبنان، ويأتي كلّ ذلك في إطار السيناريوات التي يرسمها الجيش الصهيوني للحرب المقبلة مع حزب الله، ومن ضمنها الدخول البري إلى لبنان. هذه التفاصيل بمجملها تؤكد بما لا يقطع الشكّ بأنّ قادة الكيان الصهيوني بدأوا بالفعل رسم سيناريوات الحرب المقبلة مع المقاومة.
وبقراءة موضوعية لما جاء في الإعلام الصهيوني الذي يعكس بالضرورة الصدى الحقيقي لما يُحاك داخل دوائر صنع القرار الصهيوني، يبدو أنّ الكيان الصهيوي بدأ يعدّ لحرب كبيرة ستفرض وجودها بقوة على الإقليم المضطرب في شكل كامل، ويلاحظ جميع المتابعين لتداخلات وتقاطعات الفوضى في الإقليم ومسار تحركات الأهداف «الصهيونية» في الإقليم ككلّ، أنّ لدى «الصهاينة» رغبة جامحة في التحرك عسكرياً باتجاه فرض حرب جديدة في المنطقة، وخصوصاً بعد فشلهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للعملية الأخيرة في غزة، ومحاولة الهروب من تداعيات أي انتفاضة فلسطينية مقبلة بالضفة، من هذا المنطلق، يتوقع غالبية المتابعين أن تكون أولى مغامرات نتنياهو- ترامب المقبلة هي القيام بعمل عسكري ضدّ حزب الله، ومن المتوقع أن يدعم نتنياهو بهذا المسعى الجديد نخبة كبيرة من قادة الرأي «الإسرائيليين» وبعض الساسة وعدد كبير من جنرالات الجيش، بالإضافة إلى دعم واشنطن ولندن وحلفائهم في المنطقة لخوض هذه الحرب ضدّ المقاومة.
ختاماً، يبدو واضحاً أنّ «الإسرائيليين» وأدواتهم في المنطقة وداعميهم في الغرب، مصمّمون أكثر من أيّ وقت مضى على إعلان قريب لبداية الحرب على حزب الله، مستغلين فوضى الإقليم، فبعد أن تمّت شيطنة الحزب إعلامياً، تزامناً مع الرهانات الكبرى على مدى قدرة الحزب على الصمود في المواجهات الكبرى. هناك قناعة شاملة عند الكثير من المتابعين لمسيرة الحزب التاريخية، بأنّ الحزب وبما يملكه من قوة ردع نارية عسكرية وبشرية، والأهمّ من ذلك عمق التحالفات مع بعض قوى الإقليم، مؤهّل للتصدّي ولردع أي عدوان، ولتحقيق المزيد من الانتصارات النوعية على طريق إزالة الكيان الصهيوني من الوجود كما يتحدث قادة الحزب.