السيمر / الثلاثاء 15 . 01 . 2019
نفى نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، جمال جعفر الإبراهيمي، المعروف بـ “ابو مهدي المهندس”، أن تكون الصواريخ التي يصنعها الحشد الشعبي، معدة لاستهداف المملكة العربية السعودية أو غيرها.
وقال المهندس، في مقابلة موسعة مع “ناس”، أجراها الخبير الستراتيجي البارز هشام الهاشمي، إن الحشد نجح بإعادة تأهيل بعض المصانع العسكرية، مشيرا إلى أن “كوادر الحشد الهندسية، نجحت بصناعة صواريخ قصيرة المدى واُخرى متوسطة”.
وأضاف المهندس، أن هذه الصواريخ “ليست لتهديد السعودية او أي كيان اخر، وإنما لسد فراغ عدم وجود سلاح جو لقوات الحشد”.
وأكد، أن الولايات المتحدة تعمل على التصعيد ضد الحشد الشعبي بهدف حله، مشيرا إلى أن هناك نوابا “وسطيين”، يعملون على تشريع قانون يلزم القوات الأجنبية المسلحة بالخروج من أرض العراق.
ويقول المهندس، “نحن نؤمن أن السياسية الأميركية اتجاه الحشد الشعبي تتجه نحو التصعيد والعمل على حله، ونعتقد أنه حان الوقت لنعطي بديلا فى المجال السياسي يوازى الأعمال القتالية الدفاعية التى نقوم بها”.
والمهندس “جمال جعفر الإبراهيمي” هو أحد أبرز رموز العمل المسلح الإسلامي الشيعي في العراق منذ عام 1983، واستمر في العمل المسلح حتى انهيار حكم البعث عام 2003.
نص الحوار:
اين تضع تجربة الحشد الشعبي بين تجربتي الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني؟ هذا السؤال الذي يثار في ذهن المراقب للتجربة العراقيّة في التحشيد والتعبئة الشعبية المسلحة التي شهدت حضورا ومشاركة واسعة للجمهور الإسلامي الشيعي بعد فتوى مرجعية النجف في 13 حزيران 2014 بما أثار القلق من أن “تستخدم هذه التعبئة” طائفيا وسياسيا وتبتعد تدريجيا عن مشروعها الدفاعي الأوسع في حماية مكتسبات النظام السياسي العراقيّ بعد عام 2003.. كيف تعلقون؟
الحشد لن يقاتل خارج حدود الوطن الا بأمر من القائد العام للقوات المسلحة، وسوف يدافع عن كل ارض في الوطن، وتجربة الحشد هي تجربة عراقية بامتياز، وهي تختلف عن تجربة حزب مقاوم في دولة بدون قانون صريح، وبين تجربة قوات ثورية تأسست مع تأسيس النظام وبكيان له كامل أدواته التنظيمية، وكلف بمسؤولية حراسة مكتسبات الثورة في الجمهورية الإسلامية الايرانية، فالحشد جاء ليقاتل بعد انهيار المنظومة الدفاعية العراقيّة امام هجمات داعش وشرع له قانون، فهو لم يأت من حزب بلا قانون، ولَم يؤسس ابتداء مع النظام الجديد والدولة في كامل قوتها، اكيد كانت فكرة تأسيس قوة شعبية لحماية حزام بغداد قد اُخذ بها قرار في آذار 2014 وبدأ العمل بها، لكن فتوى المرجعية هي من منحت الحشد هذا التمايز والخصوصية.
NAS
هل اختطفت الانتهاكات صورة إنجازات الحشد الشعبي؟
الحشد الشعبي نشأ جهاديا مؤمنا بالدفاع عن العراق.. وأي تعبئة شعبية مسلحة تجاوزت مرحلة المعارك تكون بحاجة الى دخول ميادين جديدة ومراجعات ومعالجات.. صحيح أننا سنضحي بالكثير من الأصدقاء حينما نقوم بهذه التصفية وتطهير صفوف وألوية الحشد من تلك الثغرات وأننا سنواجه الكثير من العقبات لكن الطريق شاق وهناك حاجة للوقت والصبر الجميل، والتصدي للشأن العسكري الوطني لا بد له من ضريبة، وسوف يكون لنا الكثير من الخصوم.
NAS
صف لنا هوية الحشد الشعبي؟
رغم أن هيئة الحشد الشعبي هي هيئة وطنية عسكرية مسلحة، لكنها تتمتع بشخصية ثقافية وطنيّة وخدمية واجتماعية، ينبغي أن تكون رسالتنا واضحة.. ونحن نرى أننا معنيون بالالتزام بالقانون ومعاقبة المسيء ونصرة المظلوم، هناك 350-400 منتسب للحشد في المواقف والسجون ولدينا قاض يتبع مجلس القضاء الأعلى، والمحاكم بدأت تحاكم المسيء. حماية أوضاع العراقيين السياسية والاقتصادية والثقافية تقع ضمن مسؤولياتنا، ومعنيون بمسألة ضمان الحريات العامة فى البلد كما نص عليها الدستور وكلها أمور تتطلب من هيئة الحشد الشعبي عدم الدخول بالمجال السياسي، ويجب دعم حق الجميع بالمنافسة والاحتكام الى صناديق الإقتراع.
NAS
الحشد في عام 2018 اخذ يميل الى صناعة اقتصاده الخاص على حساب اقتصاد الدولة واقتصاد الشعب، نسمع كثيرا من شهادات الثقات ان قيادات في الحشد من المتورطين بالاقتصاد على حساب سمعة الحشد؟
ألوية هيئة الحشد الشعبي هي التي تخضع لقانون العقوبات عند المخالفة، وهناك فصائل مسلحة خارج ألوية هيئة الحشد، ينبغي ان تتعامل معها الدولة العراقيّة، فهي خارج هيكلية هيئة الحشد وقانونها، وهذا التفصيل لا يمنع من الاعتراف بوجود من يتربح اقتصاديا تحت عنوان هيئة الحشد الشعبي، وهناك حملة للمتابعة والتطهير قد اكمل منها قرابة 60% ومع الوقت يتم تجاوز هكذا خروقات. الحشد لا شأن له بالهيئات الاقتصادية التي في نينوى وصلاح الدين، هي في الغالب لفصائل خارج منظومة الحشد، وقد داهمنا بعضها واعترضت علينا احزابهم السياسيّة.
أما بالنسبة الى التهم الأخرى فقد يظهر التراجع فيها مع الوقت لكن الأمر لا يعود إلى عدم كفاية الأدلة والوثائق أو إلى عجز في قدرة أمن وقانونية الحشد عن تقديم المسيء الى القانون، بل لأن المجتمع العراقي كله – والحشد جزء منه- مشغول هذه الفترة بالجدل السياسي حول انسحاب القوات الأميركية من سوريا، وبعض القضايا مثل عودة نازحي جرف النصر “الصخر” تحتاج الى قرار وطني، وأخرى الى قرار محلي عشائري مثل يثرب.. لكن بعد انتخابات 2018 قد لا يعود المجتمع لطبيعته وقد تحدث تحولات لعدة مجالات سياسية واجتماعية.
NAS
لكن هل في وعيكم وأنتم تتوسعون في دخولكم لصدام مع مصالح أميركا وحلفائها في العراق، أن مدخل المجتمع الأساسي هو العمل الخدمي وتحسين أدوات الدولة ومؤسساتها ومكافحة الفساد وتقليل نسب البطالة والفقر، وليس المقاومة المسلحة لطرد الأميركان والأتراك والفصائل المسلحة من جنسيات غير العراقيّة، وأن قوات هيئة الحشد الشعبي محصلة المتطوعين الذين استجابوا لفتوى طرد داعش من مدن العراق؟
البرلمانيون الوسطيون المنسجمون مع رؤية الحشد الشعبي يمارسون العمل السياسي التشريعي وهم يدركون أن الوسيلة الوحيدة للحفاظ على سيادة العراق تكون بإصدار قانون او تشريع بإخراج القوات المسلحة الأجنبية من العراق، وهذا لا يسبق بالدعوة الى المقاومة والأعمال الأخرى داخل العراق، ونحن نؤمن أن السياسية الأميركية تجاه الحشد الشعبي نحو التصعيد والعمل على حله، ونعتقد أنه حان الوقت لنعطي بديلا فى المجال السياسي يوازي الأعمال القتالية الدفاعية التى نقوم بها.
NAS
لديكم تنوع في ألوية الحشد الشعبي بين شيعي وسني ومسيحي وعربي وتركماني وايزيدي وشبكي وكاكائي.. كيف تنظرون إلى هذا التنوع الكبير داخل هيئة الحشد الشعبي، هل هو تنوع بالأفراد دون القيادات؟
هذه التعددية الثقافية موجودة في جميع صنوف منظومة الدفاع الوطنية العراقية وليس فى ألوية الحشد فحسب رغم بروز هذا التنوع والاندماج الثقافي فى الفترة الماضية داخل هيئة الحشد.. صحيح أننا كنا في فترة من الفترات نرى في المقاتل المتطوع الجنوبي والفراتي أولوية، لكن بعد معركة آمرالي وفِي وقت مبكّر دخل هذا التنوع، والأمر مازال يتطور الى توازنات بحسب الحاجة الميدانية.. ثم كادت تقع مشكلات ابان معركة تحرير الموصل، حيث فتح التطويع المناطقي كوحدات شعبية ساندة دون الرجوع الى قيادة هيئة الحشد، وايضاً وقعت لنا مشكلات تمثلت بضغط الإعلام الخارجي على مقاتلي الحشد في معارك شرق تكريت، الاميركان ايضا كانوا يضغطون على القيادة المشتركة العراقية ويطالبون بانسحابنا كما حدث في معركة تحرير مركز تكريت وبيجي. منتصف عام 2015 بدأنا قبل الذهاب الى اَي معركة نوسع العلاقات العامة مع أطراف النزاع من شيوخ العشائر والأعيان والحكوميين والسياسيين، ولهذا لم يؤشر على الحشد الشعبي اَي انتهاك في معارك تحرير الحضر وتلعفر والمحليية والقيروان والبعاج وحتى شمال نهر الفرات وكل قرى غرب الثرثار، وأخذنا قرارا ان لا ندخل مدن الفلوجة والرمادي، بخصوص المختطفين من في معركة الصقلاوية، فقد اجرت القيادة المشتركة تحقيقا حول دعوى اختطاف 670 اثناء معركة الصقلاوية وأخبرونا بنتيجة هذا التحقيق انه لا تفاصيل تؤكد تلك الدعاوي، وتاليا لا نقف امام مسؤولية الدولة في التحقيق بهذا الموضوع من حيث ابعاده الإنسانية والقانونية.
مشكلات احتياجات هيئة الحشد مِن حاجتهم الى توحيد زيهم العسكري، واعطائهم معسكرات خارج المدن، واعادة تأهيلهم وتدريبهم وانضباطهم وفق التعليمات الخاصة بالحشد. الحشد قدم نحو 8200 شهيد وقرابة 17500 جريح في معارك التحرير بالضد من داعش، وقريبا تصدر تعليمات تم الاتفاق عليها بعد المشاورة مع رئيس الوزراء ا.عبد المهدي وتوصلنا الى شبه حلول – دون مؤتمرات صحفية طبعا ولا حوارات تلفزيونية.. لقد فهم الجميع أن المعركة ليست بين المتدين الشيعي المقلد لفتوى السيستاني.. بل بين العراقيين وبين التوحش التكفيري الذي يسعى لتقسيم المجتمع ولتطرفه واخراجه عن عادته وتقاليده وثوابته لهذا الهدف أو ذاك.. وقد صار الجميع يدرك الآن أن ألوية الحشد ينبغي أن ترشد وتسير في اتجاه واحد وهو العمل تحت مظلة القائد العام للقوات المسلحة أسوة بباقي أصناف القوات المسلحة الوطنية.
NAS
ماذا عن التوتر بينكم وبين رئيس الوزراء السابق، وما هي حقيقة العلاقة بينكم وبقية المجموعات السياسية الأخرى؟
لم يكن هناك توتر من هذا النوع مع رئيس الوزراء السابق أو بقية المجموعات السياسية، وهذا راجع إلى المنهجية التي اُدير بها الخلاف والاستفزاز الذي وقع.. على سبيل المثال فقد ركزنا جميعا على قضية عدم حل او دمج ألوية الحشد الشعبي وحتى استقر الامر كما خططنا له وفق التشريع والقانون.. كما أن مسألة ضبط ومحاسبة العناصر المسيئة العاملة ضمن ألوية الحشد التي طرحت فى المؤتمرات الأمنية الخاصة مع رئيس الوزراء، جرى معالجة الكثير منها، ولا توجد عندنا بشكلها المعروف كما أن الذين باشروها تمت محاسبتهم قانونيا ولم يقف معهم قيادي من الحشد أو أي شخص ذي بال في المجتمع العراقي.
أما تحالف النصر فعلاقتنا بهم جيدة ولله الحمد نبين لهم فى حدود المسؤولية والقانون ونستفيد من نقدهم وخبرتهم ونضج قادتهم لأنها أمور نحن نحتاج الينا لحفظ الهوية الوطنية للبلد.
NAS
البعض يأخذ عليكم عدم تمكنكم من انجاز تقدم ملموس على الأرض فى هذه الملفات مثلما هو الحال في قضية رتب الحشد ونوع السلاح وهل هم قوة مناطقية او اتحادية أو قضية الرواتب والمخصصات القتالية وما هي قصة مصانع الصواريخ الباليستية التي تهدد اسرائيل والسعودية؟
فعلا مسألة الرواتب والمالية كانت معقدة بسبب الخلاف السياسي داخل البرلمان وتم تجاوز ذلك. وقعت عرقلات كبيرة أثرت فيها بشكل واضح، لكن عموما هنالك تطور في حل تلك المشكلات.
أما مسالة مصانع السلاح، فالحشد نجح بإعادة تأهيل تلك المصانع ونجحت كوادر الحشد الهندسية بصناعة صواريخ قصيرة المدى واُخرى متوسطة ليس لتهديد السعودية او أَي كيان اخر، وإنما لسد فراغ عدم وجود سلاح جو لقوات الحشد فاستخدام الصواريخ لسد ذلك الفراغ، فالموقف منها واضح جدا لدى العسكريين والقيادة العراقيّة، فنحن دعمنا مطلع عام 2015 هذا النشاط وضغطنا وشجعنا كل الخطوات التي أتخذت في سبيل عودة التصنيع العسكري العراقي.
NAS
تكرر حدوث اشتباكات بين بعض ألوية الحشد والقوات الأمنية مثلما حدث في شارع فلسطين بين احد الفصائل وقوة من عمليات بغداد.. ما هو موقفكم منها؟
الإشكالية أن هذا الاشتباك هو من فعل الفصائل وليس فعلا يحسب على هيئة الحشد، وبالتالي على الدولة ان تتعامل مع هكذا اشتباك ووفق القانون السائد، أطروحاتنا المعلنة ينبغي ان يطبق القانون على الجميع ولا يوجد إشكال في هذا الموضوع على الإطلاق إلا في الأوساط الإعلامية المتحيزة.