السيمر / فيينا / الاربعاء 04 . 12 . 2019
محمد صادق الحسيني
اعرف ان البعض تشاءم من استقالة عبد المهدي واعتبر ذلك انتصاراً للاعب الامريكي في العراق…
ورأى في تفاصيل المشهد العراقي مشهدية تراجيدية قد تكون ذكرته بتاريخ ما حصل في الكوفة في التاريخ القديم…
خاصة وان استقالة الحريري هي الاخرى لا تزال تداعياتها في لبنان كبيرة ومؤلمة وقاسية على المواطنين…
لكن التقدير السليم للموقف العام لمشهد محور المقاومة قد يعيد رسم الصورة الاصلية كما يجب..
فالامريكي المهزوم استراتيجياً فشل فشلاً ذريعاً في احداث انقلابات كلية كان يخطط لها من طهران الى بيروت الى بغداد بما يساوي نقل هذه العواصم من ضفة الى اخرى …
ولانه فشل في ذلك فقد نقل المعركة الى مستوى آخر في محاولة منه لاسقاط القلعة من الداخل تسهيلاً لمهمته الاصلية وهي الاستيلاء على عتاد القلعة ودفع عديدها للاستسلام …!
هذا الامر يجعلنا نألم كما يألمون و في مراوحة مؤقتة مع العدو الذي راح يظن انه كسب نقطة علينا في حملته الشرسة ضدنا فيما يمعن عبثاً في شارعنا العراقي وضغطاً معاشياً في حملته لمحاربتنا في لقمة عيشنا في لبنان ظناً منه اننا سنسلم بهذه بعد ان منعناه من التمكن منا في الميدان…
ولان قيادة المحور تدرك هذا جيدا وتعرف ان ادوات الصراع واساليبه في هذه الحالة قد تغيرت ، لذلك فهي لاتزال عند استراتيجيتها الاصلية التي اعتمدتها في كل الساحات مباشرة بعد افشالها الانقلابات التي كانت قد اعدت لهذا الغرض:
الصبر على الاذى هو الحل الانجع والتمترس خلف الوحدة واوسع تضامن داخلي ، والتقاتل الداخلي ممنوع والعقدة التي يمكن فكها بالايدي لا داعي لاستخدام الاسنان فيها…!
والتركيز على جعل العدو هو من يصرخ اولاً في معركة عض الاصابع…
هذا الامر قد يطول كثيرا حتى الاستحقاق الرئاسي الامريكي اي حتى نهاية العام ٢٠٢٠ لان المعركة كانت ولاتزال في الاستراتيجيا مع واشنطن قبل ان تكون مع اي طرف آخر محلي او اقليمي…
اداتنا الرئيسية في حمله على الصراخ اولاً، ستظل هي الصبر ومن ثم الصبر والانتظار…
سنجعله يجزع في معركة هو يستعجل حسمها فيما نحن ندفع وقوعها لتأتي بتوقيتنا…
سنجعله يتلظى متبرماً ويبقى موجوعاً “لا يموت فيها ولا يحيا”…!
فيما سنكون فيها نحن الاعلون و الاقوى والاكثر تماسكاً من اي وقت مضى…
ومن اجل نجاح هذه الاستراتيجية وتكتيكاتها المرنة والمتحركة التي تتطلب الكثير من المداراة مع الخصم الى جانب المروءة مع الصديق، فان المطلوب من جمهور المقاومة وبيئتها الحاضنة اعلى درجات التحلي بالهدوء والانضباط و عدم السماح للمرجفين في المدينة بالتسلل الى جبهتنا الداخلية …
كل وقائع ومعطيات الاحداث في العراق كما في لبنان ودون الغوص بالتفاصيل تتلخص في الاتي :
الفاسدون والمفسدون فيهما يُصفّون بعضهم بعضاً فيما هم يقاتلوننا قتالا تراجعياً يائساً بعد ان فشلوا في تنفيذ مؤامرة نقل الساحتين من ضفة الى اخرى …
فالحشد الشعبي والمرجعية المستهدفين بالانجرار او الكسر بخير والمقاومة والحزب المستهدفان بالاستنزاف بالف خير
بينما هم يُخربّون بيوتهم بايديهم وايدي المؤمنين في معارك تناحرهم على السلطة ويطيحون بآخر بنيان الفساد لديهم وتتساقط رموزهم وتتعرى الواحد بعد الاخر …
مهما ضيقوا علينا في لقمة عيشنا ومهما استمدوا من الخارج عوناً ووقتاً اضافياً لعمرهم القصير ، فانهم يعرفون كما نعرف بانهم في النزع الاخير ، وانهم يلفظون انفاسهم الاخيرة…
نحن لم نمد يدنا على الاحتياطي الاستراتيجي من الغذاء والدواء والثراء بعد،والحليف القريب والبعيد على اهبةالاستعداد للنجدة عند الضرورة والحاجة وبكامل قوته وبأسه…
فيما سيدتهم المنكسرة والمهشمة داخلياً وخارجياً لن تاتي هذه المرة باساطيلها لانقاذهم ، بل ستتركهم هشيماً تذروه الرياح …
ان لم تكن اصلاً قد استعملتهم حتى الان حائط دخان ونار للانسحاب والفرار…!
فقط انتظروا بعض الوقت وسترون بام عيونكم كيف ينبلج صبح عراق جديد ولبنان اقوى واشد عوداً…
وتبقى عاصمة مقاومة امريكا وامامها، الاقوى في معركةالنفس الطويل وديبلوماسية حياكة السجاد.
لكل نبأ مستقر
بعدنا طيبين قولوا الله
مجلة العصر