الرئيسية / مقالات / (مـ: لزوم الوقف) في القرآن الكريم (ح 5)

(مـ: لزوم الوقف) في القرآن الكريم (ح 5)

فيينا / الجمعة 29. 03 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
قال الله تعالى في آيات قرآنية فيها علامة (مـ: لزوم الوقف) في سورة المائدة: “وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ (ج: جواز الوقف) غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا (مـ: لزوم الوقف) بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ (ج: جواز الوقف) وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا (ج: جواز الوقف) وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (ج: جواز الوقف) كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ (ج: جواز الوقف) وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا (ج: جواز الوقف) وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” (المائدة 64)، و “لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ (مـ: لزوم الوقف) وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ (ج: جواز الوقف) وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (المائدة 71).
من كتاب الوقف اللازم في القرآن الكريم للشيخ جمال القرش: الوقف على: “وَلَدٌ” قال تعالى: ” إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ مـ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ ” (النساء:171). الوقف تام: لأن جملة ” لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ” مستأنفة، والمعنى غير متصل معنى ولفظًا لاختلاف الأسلوبين خبرًا وإنشاء. يلزم الوقف لئلا يوهم أن المنفي ” وَلَدٌ ” موصوف بأنه يملك السماوات والأرض. الوقف على: ” تَعْتَدُوا” قال تعالى: ” وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا مـ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى” (المائدة 2). الوقف كاف: لأن جملة: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ” مستأنفة، والمستهدف بالنهي والأمر في “وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ وَتَعَاوَنُوا” فئة واحدة. يلزم الوقف: لئلا يوهم الوصل أن “وَتَعَاوَنُوا..” معطوفًا على ” أَنْ تَعْتَدُوا”، فيصير المعنى: لا يحملنكم بغض قريش لأنهم صدوكم عن المسجد الحرام على العدوان والتعاون على البر، وهو معنى متناقض. الوقف على: ” أَوْلِيَاءَ” قال تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ مـ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعض” (المائدة 51). الوقف كاف: لأن جملة: ” بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعض” مستأنفة، والمعنى متصل، وهي تعود على من سبق ذكرهم من اليهود والنصارى. يلزم الوقف: لئلا يوهم الوصل النهي من اتخاذهم أولياء صفتهم أن “بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بعض”، أي مشروطًا بولاية بعضهم لبعض، فإذا انتفى هذا الوصف جاز اتخاذهم أولياء وهو محالٌ.
جاء في کتاب فضل علم الوقف والابتداء وحكم الوقف على رؤوس الآيات للمؤلف عبد الله الميموني: قال ابن النحاس: (من التبيين تفصيل الحروف والوقف على ما تم معناه منها) وقد حكى ابن النحاس وأبو عمرو الداني وغيرهما، إجماع العلماء على أهمية مراعاة الوقف والابتداء، واستدلوا على ذلك بقول عبد الله بن عمر: (لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها، وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدقل). رواه الطبراني في الأوسط ، وابن النحاس، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة، ووافقه الذهبي، والبيهقي، وسنده جيد. والشاهد منه قوله: (وما ينبغي أن يوقف عنده منها) وبه استدلَّ ابن النحاس، والداني وغيرهم من علماء القراءات والوقف، وعبارة الداني (ففي قول ابن عمر دليل على أن تعليم ذلك توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم) فهذا دليل قد ذكره كثير من العلماء مستدلين به على الوقف والابتداء، وقد عارض ذلك الشيخ ملا القاري في شرحه على الجزرية بعد أن ذكره بقوله: (ولا يخفى أن قوله: (وما ينبغي أن يوقف عنده منها) لا يبعد أن يراد به الآيات المتشابهات في معناها، فليس في الحديث نص على الوقف المصطلح عليه)، أقول كلا المعنيين محتمل من جهة اللفظ، وقوى الاحتمال الأول كلام أولئك الأئمة في الاستدلال به على مراعاة الوقوف.
جاء في ملتقى الخطباء عن إضاءات للأئمة حول الوقف والابتداء في القرآن الكريم للشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم العليان: – وكذلك الاستثناء، فلا يحسن فصل المستثنى وأداة الاستثناء عن المستثنى منه إذا كان ذلك في آية واحدة، كقوله تعالى: “حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كلٍّ زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن” (هود 40)، وقوله: “وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى” (النجم 26)، ومن ذلك قوله تعالى: “ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله” (البقرة 229). وأحيانا يكون الوقف قبل أداة الاستثناء يؤدي معنى فاسدا، كما في قوله “وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” (الانبياء 25)، وقوله: “وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه” (النحل 64). ومما يلحق بالاستثناء: الاستدرك بـ (ولكن)، فيحسن وصل ما قبلها بما بعدها، وهي كثيرة جدا في القرآن، كقوله: “وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون” (البقرة 57)، وقوله: “ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض” (محمد 4).
جاء في الموسوعة الحرة عن تحريرات القراءات: مناهج العلماء في تحرير طيبة النشر: القسم الأول: المحررون على ظاهر النظم، ويطلق عليها (مدرسة المنصوري). وقد سار على ذلك النهج أغلب المحررين فكانوا لا يخرجون في الغالب عما ذكره ابن الجزري في النشر، ومؤسس هذا النهج هو: علي بن سليمان المنصوري في كتابه (تحرير الطرق والروايات)، ونظمه: (حل مجملات الطيبة)، ومدرسة المنصوري تعتبر من أكثر مراجع المحررين، وسار على دربه كثير من المحررين، كالميهي في فتح الكريم الرحمن في تحرير أوجه القرآن، والطباخ في هبة المنان في تحرير أوجه القرآن. وتتميز مدرسة المنصوري بأمور منها: جل اعتمادها في التحريرات على نقل ابن الجزري. عدم الالتزام بالطرق التي أسندها ابن الجزري تفصيلياً للكتب، فقد يأخذون بوجه ذكره ابن الجزري في كتاب أسنده إسناداً عامّاً دون أن يذكر طريق أحد الرواة أو القراء منه. القسم الثاني: المحررون على الكتب المسندة، ويطلق عليها: (مدرسة الأزميري) و الأزميري هو مؤسس هذا الاتجاه، فقد اعتمد في تحريراته على الكتب التي تعد مصادره في النشر، ولم يعتمد على نقل ابن الجزري إلا في مواضع قليلة ترك فيها ما وجد في الكتب، ولذلك خالفت تحريراته تحريرات السابقين فمنع أوجهاً من الطيبة لم يمنعها من سار على طريقة المنصوري وأتباعه. وجاء المتولي وتوسع في الاعتماد على ما في الكتب المسندة، وترك الاعتماد على نقل ابن الجزري في غالب تحريراته فخالف الأزميري في مسائل عديدة. مميزات مدرسة الأزميري: الإكثار من الرجوع إلى كتب مصادر النشر الأصيلة لأخذ الأحكام. عدم الاعتماد على نقل ابن الجزري إلا قليلا.

اترك تعليقاً