فيينا / السبت 13 . 07 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في معاني القرآن الكريم: عوم العام كالسنة، لكن كثيرا ما تستعمل السنة في الحول الذي يكون فيه الشدة أو الجدب. ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة، والعام بما فيه الرخاء والخصب، قال: “عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون” (يوسف 49)، وقوله: ﴿فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما” (العنكبوت 14)، ففي كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة (قال برهان الدين البقاعي: وعبر بفلظ (سنة) ذما لأيام الكفر، وقال: (عاما) إشارة إلى أن زمان حياته عليه الصلاة والسلام بعد إغراقهم كان رغدا واسعا حسنا بإيمان المؤمنين، وخصب الأرض. انظر: نظم الدرر 14/404) موضعها فيما بعد هذا الكتاب إن شاء الله، والعوم السباحة، وقيل: سمي السنة عاما لعوم الشمس في جميع بروجها، ويدل على معنى العوم قوله: “وكل في فلك يسبحون” (الأنبياء 33).
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ” (يوسف 49) معناه ثم يأتي من بعد هذه السنين الشداد عام فيه يمطر الناس من الغيث وقيل يغاثون من الغوث والغياث أي: ينقذون وينجون من القحط “وَفِيهِ يَعْصِرُونَ” الثمار التي تعصر في الخصب كالعنب والزيت والسمسم عن ابن عباس ومجاهد وقتادة ينجون من الجدب من العصرة والعصر والاعتصار الالتجاء قال عدي بن زيد: لو بغير الماء حلقي شرق * كنت كالغصان بالماء اعتصاري. وهذا القول من يوسف إخبار بما لم يسألوه منه ولم يكن في رؤيا الملك بل هو مما أطلعه الله تعالى عليه من علم الغيب ليكون من آيات نبوته عليه السلام قال البلخي وهذا التأويل من يوسف يدل على بطلان قول من يقول إن الرؤيا على ما عبرت أولا لأنهم كانوا قالوا هي أضغاث أحلام فلوكان ما قالوه صحيحا لكان يوسف لا يتأولها. قوله سبحانه “أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ” (التوبة 126) نبه سبحانه على إعراض المنافقين عن النظر والتدبر لما ينبغي أن ينظروا ويتدبروا فيه، فقال “أولا يرون” أي: أولا يعلم هؤلاء المنافقون. وقيل: معناه أولا يبصرون “أنهم يفتنون” أي: يمتحنون “في كل عام مرة أو مرتين” (التوبة 126) أي: دفعة أو دفعتين بالأمراض والأوجاع، وهو رائد الموت “ثم لا يتوبون” أي: لا يرجعون عن كفرهم “ولا هم يذكرون” أي: لا يتذكرون نعم الله عليهم. وقيل: يمتحنون بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما يرون من نصرة الله رسوله، وما ينال أعداؤه من القتل والسبي، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: بالقحط والجوع، عن مجاهد. وقيل: بهتك أستارهم، وما يظهر من خبث سرائرهم، عن مقاتل. وقيل: بالبلاء والجلاء، ومنع القطر، وذهاب الثمار، عن الضحاك.
عن الامثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (البقرة 259) التّفسير: قصة عزير العجيبة: جاءت هذه الآية معطوفة على الآية السابقة و تقصّ حكاية أحد الأنبياء القدامى، و هي من الشواهد الحيّة على مسألة البعث. و قد دارت الآيات السابقة التي استعرضت الحوار بين إبراهيم عليه السّلام و النمرود حول التوحيد و معرفة اللّه. أمّا هذه الآية و الآيات التالية فتدور حول المعاد والحياة بعد الموت. نبدأ بشرح الحكاية بصورة مجملة ثمّ نباشر بالتفسير. الآية تشير إلى حكاية رجل سافر على حماره و معه طعام و شراب، فمرّ بقرية قد تهدّمت و تحوّلت إلى أنقاض تتخلّلها عظام أهاليها النخرة. و إذ رأى هذا المشهد المروع قال: كيف يقدر اللّه على إحياء هؤلاء الأموات؟ لم يكن تساؤله بالطبع من باب الشكّ و الإنكار، بل كان من باب التعجّب، إذ أنّ القرائن الأخرى في الآية تدلّ على أنّه كان أحد الأنبياء، و قد تحدّث إليه اللّه، كما أنّ الأحاديث تؤيّد هذا كما سيأتي. عند ذلك أماته اللّه مدة مائة سنة، ثمّ أحياه مرّة اخرى و سأله: كم تظنّ أنّك بقيت في هذه الصحراء؟ فقال و هو يحسب أنّه بقي سويعات: يوما أو أقل، فخاطبه اللّه بقوله: بل بقيت هنا مائة سنة، انظر كيف أنّ طعامك و شرابك طوال هذه المدّة لم يصبه أي تغيّر بإذن اللّه. و لكن لكي تؤمن بأنك قد أمضيت مائة سنة كاملة هنا انظر إلى حمارك الذي تلاشى و لم يبق منه شيء بموجب نواميس الطبيعة، بخلاف طعامك و شرابك، ثمّ انظر كيف إنّنا نجمع أعضاءه و نحييه مرّة اخرى. فعند ما رأى كلّ هذه الأمور أمامه قال: “أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (البقرة 259)، أي: إنني الآن على يقين بعد أن رأيت البعث بصورة مجسّمة أمامي. هذه الآية كما قلنا تكملة للآية السابقة التي دارت حول التوحيد. هذه الآية والآيات التالية تجسد مسألة المعاد. يرى أكثر المفسرين أن هذه الآية تعني أن الله قد أمات النبي المذكور مدة مائة سنة ثم أحياه بعد ذلك، وهذا ما يستفاد من كلمة ” أماته”. إلا أن صاحب تفسير المنار يحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى نوع من النوم الطويل المعروف عند بعض الحيوانات المسمى بالسبات. حيث يغط الكائن الحي في نوم عميق وطويل دون أن تتوقف فيه الحياة، كالذي حدث مثلا عند أصحاب الكهف.
جاء في موقع الألوكة الأدبية اللغوية عن الترادف من خصائص اللغة العربية ومميزاتها للكاتب أسرحا بانو محمد أشير: إن اللغة ظاهرة الفكر وأداته، وثمرة العقل ونتاجه، ثم هي معرض الثـقافة الإنسانية وحضارتها، ووسيلة للتواصل البشري يعبر بها الإنسان عمـا يختلج في صدره من أفكار ومشاعر، أمـا اللغة العـربية فهي واسطة عقد اللغــات العالمية لمسايرتها الزمن وطواعيتها للنمو والتـقدم، وقدرتها الفطــري علي التعبير عن الذات والموجــودات، وفوق مــا تتصف أنها لغة رسالة اﷲ الخالدة، ووعاء سنـة نبيه المطهرة، ومعلم في طريق العلم، تنتمي اللغة العــربية إلي أسرة اللغات السامية المنبثقة من مجمـوعـة اللغـات الأخرى. فالعربية لغة نابضة متدفقة يتحدثها عشرات ملايين كلغة رسمية وكذلك مئات الملايين كلغة دينية، وقد تمتعت هذة اللغة بخصائصها العجيبة ومعجزاتها الفريدة منها الخصائص الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية كما منها خصائص حروفها وإعرابها، وتعدد أبنيتها وصيغها، ووفرة مصادرها وجموعها وجودة مفرداتها واشتقاقها والدقة في تعابيرهــا وتراكيبها، وفي ذلك يقول أرنست رينان العالم الفـرنسي: (إن هذه اللغة قد بلغت حد الكمال في قلب الصحراء عند أمــة من الرحل ففاقت اللغـات بكثرة مفرداتها، ودقة معانيها، وحسن نظـام مبانيها)، كما يقول عبد الرزاق السعدي أحد أعلام اللغة والأدب: (العربية لغة كاملة معجبة تكاد تصور الفاظها مشاهد الطبيعة، وتمثل كلماتها خطـوات النـفوس، وتكاد تنجلي معــانيها في أجراس الألفاظ، كأنما كلماتها خطوات الضمير، ونبضات القلوب، ونبرات الحياة). المترادفات والأضداد: الترادف مظهر من مظاهر اللغة العربية التي ارتـفعت به حتى بزت اللغات اتساعا وتشعبا، فاللغة العــربية فسيحة الآفاق، مترامية الأطراف تتميز بالثراء، وغزارة الألفاظ والمفردات التي ليست لها في اللغــات الحية شبيها، وقد اتسمت هذه المفردات بحلاوة الجرس، وسلامة النطق والعذوبة حيث تمتاز بمرونة، ولنأخذ مثالا لخضم المفردات في لسان العرب من كلمة (الـعسل)، وقد بلغ عدد أسمــائه المـرادفة ثمــانون اسمـا منها: الضرب، والضربة، والضريب، والشوب، والذوب، والــحميت، والتحمـويت، والجَلس، والورس، والشَّهد، والشُّهد، والمــاذي، ولعاب النحل، والرحيق وغيرها، ولـكلمة (سيف) عشرات من الأسمـاء المترادفة مثل الصارم، والـرداء، والـقضيب، والصفيحة، والمفقّر، والصمصامة، والكهام، والمشرفي، والحسام، والعضب، والمذكر، والمهند، والــصقيل، والأبيض ومـــا إلى ذلك، وممـــا يكشف عن تعدد المترادفـات وتنوع الدلالات في الـعربية أن يقـول جرجي زيدان الأديب الفاضل: (في كل لغـة مترادفات أي عدة ألفـاظ للمعني الواحد، ولكن العـرب، فاقوا في ذلك سائر أمم الأرض، ففي لغتهــم للسنة 24 اسمًا، وللنور 21 اسمًا، وللظــلام 52 اسمًا، وللشمس 29 اسمًا، وللسحــاب 50، وللمطــر64، وللبئر 88، وللمــاء 170 اسمـًا، وللبن 13 اسمًا، وللعسل نحــو ذلك، وللخمر مائة اسم، وللأسد 350 اسمًا، وللحية مائة اسم، ومثل ذلك للجمل، أما الناقة فأسماؤها 255، وقِسْ على ذلك أسماء الثور والفرس والحمــار، وغيرهــا من الحيوانات التي كانت مألوفة عند العرب، وأسماء الأسلحة كالسيف والرمح وغيرهمــا، ناهيك بمترادفات الصفات، فعندهم للطويل 91 لفظًا، وللقصير160 لفظًا، ونحو ذلك للشجاع والكريم والبخيل مما يضيق المقام عن استيفائه).