الرئيسية / مقالات / مصطلحات قرآنية والبصرة (ح 1): التسمية (جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار)

مصطلحات قرآنية والبصرة (ح 1): التسمية (جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار)

فيينا / السبت 11 . 01 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
 
جاء في الموسوعة الحرة عن البصرة: التسمية: الأسماء: سميت بالبصرة كما يقول الجوهري والأخفش نسبةً إلى الموضع الذي بنيت فيه ويتكون من حجارة رخوة بيضاء اللون. وقال ذو الرمة يصف إبلاً شربتْ ماءاً: تَداعَيْنَ بِاسْمِ الشِّيبِ في مُتَثَلِّمِ * جوانبُهُ في بَصْرَةٍ وسِلاَمِ. وقال عذافر : بَصْرِيَّةٌ تَزَوَّجَتْ بَصْرِيًّا * يُطْعِمُهَا الْمَالِحَ وَالطَّرِيَّا. وقال الطرماح بن الحكيم: مؤلفةٌ تهوى جميعها كما هوى * من النيق فوقَ البصرةِ المتطحطحِ: وساق ياقوت الحموي مجموعة من الآراء في معنى اسم البصرة في كتابه معجم البلدان فمنها قول ابن الأعرابي أن البصرة حجارة صلاب، أما رأي ابن الأنباري وقطرب فهو أن البصرة هي الأرض الغليظة التي فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب أما يعقوب سركيس فيشير إلى أن الاسم سرياني يعني القنوات أو باصرا (محل الأكواخ). وقيل إنها سميت بصرة لأنها كانت تقع على مرتفع من الأرض، فمن يقف بذلك الموقع يستطيع أن يبصر ما حوله. التاريخ: العصور القديمة: موقع جنات عدن شمال مدينة البصرة: يعود تاريخ مدينة البصرة إلى ما قبل العصور التاريخية حيث يعتقد الكثير من الباحثين على أن جنات عدن التي نزل فيها آدم أبو البشر تقع إلى الشمال من مركز المدينة بالتحديد منطقة القرنة التي تحتوي على شجرة آدم حسب الاعتقاد السائد هناك وتبعد عنها 20 كم. وقد بنيت البصرة على أنقاض معسكر للفرس في منطقة كانت تدعى الخريبة. كما أن هنالك مدينة أثرية يعتقد بعض المؤرخين أنه تم بنائها في زمن نبوخذ نصر تدعى طريدون، وادّعى آخرين إنها كانت مدينة آشورية، حيث كان لهذه المدينة سد يحميها من ارتفاع منسوب مياه البحر، فإن صح هذا فان طريدون أو تريدون تكون جنوب مدينة الزبير قرب خور الزبير في الوقت الحاضر، بينما يعتقد الرحالة جسني إن موقع طريدون هو قرب جبل سنام والذي يبعد عن جنوب مدينة الزبير بحوالي ثلاثة عشر ميل، فإذا كان ذلك صحيحاً فيجب أن يكون خور الزبير والذي هو امتداد الخليج العربي يمتد إلى جبل سنام أيام الدولة البابلية.
جاء في موقع كتابات عن البصرة جنة عدن: حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي، كانت البصرة تقدم في التغطيات الصحافية العالمية على إنها وريثة “جنة عدن” التي عرفتها البشرية ليس مكاناً وحسب، بل رواية عن لحظات الخلق الأولى للأنسان، وبدء مسيرته. ووفق الديانات الإسلامية واليهودية والمسيحية، تشير الكتب المقدسة إلى أنها مكان الخلق الأول حيث خلق الله آدم وحواء. وأكثر التعابير وضوحا موجودة في العهد القديم وكلمة عدن مأخوذة من اللغة الأكادية في العراق وتعني الحلاوة. وتعود أقدم الأجزاء المعروفة من النصوص التوراتية التي أعيدت كتابتها إلى 1000 سنة قبل الميلاد، ويرجّح إنها تتضمن أساطير قديمة عن المكان الذي أصبح موطن إبراهيم الذي أتى منه نسل بني إسرائيل، وحدّد النص التوراتي موقعا عند ملتقى نهري الفرات ودجلة لما عرف بـ “جنة عدن”.
قال الله تعالى عن جنات عدن “وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” ﴿التوبة 72﴾، “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ” ﴿الرعد 23﴾، “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” ﴿النحل 31﴾، “أُولَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ۚ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا” ﴿الكهف 31﴾، “جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا” ﴿مريم 61﴾.
عن تفسير الميسر: قوله سبحانه “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” ﴿النحل 31﴾ جنات اسم، عدن اسم علم. جنات إقامة لهم، يستقرون فيها، لا يخرجون منها أبدًا، تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار، لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم، بمثل هذا الجزاء الطيب يجزي الله أهل خشيته وتقواه الذين تقبض الملائكةُ أرواحَهم، وقلوبُهم طاهرة من الكفر، تقول الملائكة لهم: سلام عليكم، تحية خاصة لكم وسلامة من كل آفة، ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون من الإيمان بالله والانقياد لأمره. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله سبحانه “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ” لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ” كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” (النحل 31) “جنات عدن” إقامة مبتدأ خبره “يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءُون كذلك” الجزاء “يجزي الله المتقين”.
عن جامعة الينويز الامريكية – قسم السياسة: غالبًا ما يطلق على الأهوار في جنوب العراق اسم “جنة عدن”، وكانت ذات يوم موطنًا لنظام بيئي نابض بالحياة. لأكثر من خمسة آلاف عام، دعم هذا النظام البيئي حضارة المعدان، وهي حضارة فريدة من نوعها لعرب الأهوار، والتي كانت محمية ومعزولة عن القوى الخارجية بسبب الغطاء النباتي الكثيف الذي لا يمكن اختراقه في الأهوار.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله سبحانه “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” ﴿النحل 31﴾ “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا” كما يقال نعم الدار دار ينزلها “تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ” سبق معناه “لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ” أي: يشتهون من النعم “كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” أي: كذلك يجازي الله الذين اتقوا معاصيه. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله سبحانه “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” ﴿النحل 31﴾  لا يدخل هذه الجنة العظمى الا المتقون، وهم الذين جاهدوا لنصرة الحق، وصبروا لتحمّل الأذى من أجله، وقد نص القرآن بوضوح على هذا التحديد للمتقين في الآية 142 من سورة آل عمران: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم اللَّه الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين). أنظر ج 2 ص 165، وج 1 ص 242 فقرة (ثمن الجنة).
جاء في معاني القرآن الكريم: جنن أصل الجن: ستر الشيء عن الحاسة يقال: جنة الليل وأجنة وجن عليه، فجنه: ستره، وأجنه جعل له ما يجنه، كقولك: قبرته وأقبرته، وسقيته وأسقيته، وجن عليه كذا: ستر عليه، قال عز وجل: “فلما جن عليه الليل رأى كوكبا” (الأنعام 76)، والجنان: القلب، لكونه مستورا عن الحاسة، والمجن والمجنة: الترس الذي يجن صاحبه. قال عز وجل: “اتخذوا أيمانهم جنة” (المجادلة 16)، وفي الحديث: (الصوم جنة) (الحديث يروى: (الصيام جنة) وهو صحيح متفق عليه. وأخرجه مالك في الموطأ، باب جامع الصيام، انظر: تنوير الحوالك 1/287؛ وفتح الباري 4/87؛ ومسلم رقم (1151)، وانظر: شرح السنة للبغوي 6/225). عدن: قال تعالى: “جنات عدن” (النحل 31)، أي: استقرار وثبات، وعدن بمكان كذا: استقر، ومنه المعدن: لمستقر الجواهر، وقال عليه الصلاة والسلام: (المعدن جبار) (عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السائبة جبار، والجب جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس) أخرجه أحمد في المسند 3/354؛ وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط، وأبو يعلى، والدارقطني 3/178. وانظر: مجمع الزوائد 6/306).
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله سبحانه “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ ۚ كَذَٰلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ” ﴿النحل 31﴾ ثمّ تصف الآية التالية ـ بشكل عام ـ محل المتقين في الآخرة بالقول: “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ”. فهل ثمّة أوسع وصفاً من هذا أم أشمل مفهوماً لبيان نعم الجنّة. حتى أنّ التعبير يبدو أوسع ممّا ورد في الآية (71) من سورة الزخرف “وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ”، فالحديث في الآية عن “ما تشتهيه الأنفس”، في حين الحديث في الآية مورد البحث عن مطلق الإِشاءة “ما يشاؤون”. واستفاد بعض المفسّرين من تقديم (لهم فيها) على “ما يشاؤون” الحصر، أي يمكن للإِنسان أن يحصل على كل ما يشاء في الجنّة فقط دون الدنيا. وقلنا أنّ الآيات مورد البحث توضح كيفية حياة وموت المتقين مقارنة مع ما ورد في الآيات السابقة حول المشركين والمستكبرين، وقد مرّ علينا هناك أنّ الملائكة عندما تقبض أرواحهم يكون موتهم بداية لمرحلة جديدة من العذاب والمشقة، ثمّ يقال لهم (ادخلوا ابواب جهنم).

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً