السيمر / فيينا / السبت 13 . 06 . 2020
كفاح الزهاوي
1-
عندما يفيض العقل ضياءً
مصاب بداء النرجسية والفردية المطلقة، يقبع على الأرض في زاوية معتمة في الغرفة المغلقة، يحدق في نقطة مضيئة، تتدفق من براثن الظلام حروفاً، يراوده القلق ممزوجا بالغضب، وهو يرى بريق الكلمة يزداد نوره اتساعا، حتى بات يتخيله قنبلة مؤقتة، قد تنفجر في تلك اللحظة، عندما تتحول الكلمة من كتاب إلى مكتبة.
– 2
همسات في زمن الضياع
في ليل عاتٍ هبت رياح صفراء، اتلفت معالم المدينة… في غفلة من الزمن الرديء انهارت ركائز الأخلاق وغاب صوت الضمير… اشجار عارية و صخور صماء تناشد السماء طالبة من السراب الخلاص… عاصفة رعناء مع الامواج الهائجة تهامست في زمن تهاوت أسوار القلاع… ومن ذات التربة انطلقت الوحوش الكاسرة مُكَشِّرَة عن أنيابها الحادة، حاملة بذرات موروثة من زمن مضى على تاريخها دُهور… أصوات خافتة تتصادم مع مخلوقات قد اصابها الاكتئاب و ازدواجية العقل، تبحث عن معنى الحياة في سراديب الموت… تلك الأصوات تاهت في غمرة الفوضى، وكثافة الضباب… وجدت نفسها هائمة، تتأرجح في بحر النسيان.
– 3
استنفاد
في صباح يوم مشمس، كانت الرياح ساكنة والاجواء يعتريها الصمت، وكنت أرنو إلى سحر الطبيعة وعذوبتها من خلال الواجهة الزجاجية للمقهى الواقع في وسط حديقة كبيرة. وبينما كنت احتسي رشفة من القهوة، فجأة أمطرت السماء بغزارة أطنانا من الموز حتى امتلأت الحديقة، وإذا بعاصفة من الناس يهرعون من كل منافذ الحديقة سعيا منهم للحصول على أكبر كمية منها. ارتأيت أن اتلذّذ بشرب القهوة حتى النهاية و أتريث حتى تهدأ العاصفة، عندها خرجت متفائل كي اغتنم نصيبي من الموز، وجدت فناء الحديقة الواسعة خاوية.
– 4
النور المخادع
يعيش في نفق مظلم، وحيدا، منعزلا، غافلا للنهارات المشرقة، متكلا، ينتظر حلولا من السماء… وفجأة تراءى له من بعيد ضياء خافت يتدفق. بعد ان قضى سنوات جحاف من العزلة في هذا الصمت الموحش، كصمت القبور، سار باتجاه النور. ما كاد ان وصل الى نهاية النفق، حتى وقع في حفرة سحيقة أشد عتمة.