السيمر / فيينا / الاربعاء 15 . 07 . 2020
سليم الحسني
بعد انتخابات عام ٢٠١٠ دعمتْ مرجعية السيد السيستاني تولي نوري المالكي رئاسة الوزراء لدورة ثانية. كان السيد محمد رضا السيستاني متحمساً لدعم المالكي، فقدّم من خلال نفوذه المؤثر إسناداً كبيراً للولاية الثانية، وسهّل له تقليص دائرة المعارضة في التحالف الوطني حيث كان السيد مقتدى الصدر أشد المعارضين للمالكي، لكنه اضطر للقبول تحت ضغط المرجعية العليا ومساندة إيران وقبول أمريكا. وهي الأطراف الثلاثة التي لها القرار النهائي في تحديد شخصية رئيس الوزراء.
مع تشكيل الحكومة كان نوري المالكي قد وصل مرحلة متقدمة من الزهو بالنفس، وسيطرت عليه فكرة الإمساك بالسلطة بشكل نهائي دورة بعد أخرى. شخص آخر بلغ حالة المالكي في الزهو وربما أكثر، وشعر بأن العملية السياسية صارت خاضعة له، وأنه صاحب القرار الأعلى، ذلك هو السيد محمد رضا السيستاني.
مع بلوغ الرجلين هذه الحالة من الاعتداد المغالي، صار التصادم بينهما مسألة حتمية. فالمالكي يريد إدارة سلطته وفق حسابات السياسة ومعادلاتها باعتباره رئيس الوزراء. ومحمد رضا السيستاني يرى نفسه صاحب الفضل الأكبر في تثبيت المالكي وعليه يجب أن يرجع اليه ويستشيره ويأخذ رأيه باستمرار.
أعطى المالكي على نفسه المبررات الكافية التي تمكّن خصمه من إضعافه، فقد تمادى المالكي في ولايته الثانية في تمكين أفراد أسرته من بسط نفوذهم على الدولة، ووصل لدرجة أنه بدأ يتصرف على أن النقد الموجّه لابنه وأصهاره في مجال الفساد والثراء الفاحش على أنه موقف معارض يستهدفه شخصياً.
وقع المالكي في خطأ آخر عندما أحاط نفسه بنمط من المستشارين يذوبون حباً في مصالحهم الشخصية. وكانت الغرابة أنه يعرفهم شخصياً بدقة، ومع ذلك أبقاهم حوله، فعزلوه تماماً عن الأصوات الناصحة التي أرادت له الخير.
عامل آخر كان له دور سلبي على المالكي، وهم مجموعة من قيادة حزب الدعوة التي تنازلت عن شخصيتها الحزبية ورضيت بالتحول الى تابعين له، يبتعدون عن إزعاجه ويسكتون على أخطائه، بل كان بعضهم يبرر هيمنة ابنه أحمد، بالقول انه ابنه الوحيد فماذا يفعل؟ (يأتي الكلام عن ذلك وغيره في مقالات لاحقة)
في المقابل كان السيد محمد رضا السيستاني يرصد أداء المالكي ويرسل إشارات التحذير عن طريق خطب الجمعة، معتمداً الهدوء والنعومة والإيحاء، فيما كان المالكي يتصرف بعقلية القروي العشائري.
كان محمد رضا السيستاني يبحث عن نقطة التصادم ليغلق باب المرجعية العليا بوجه المالكي. كانت ساعة الصفر، تصاعد الشكوى الشعبية من وجود نواب لرئيس الجمهورية. فقد أراد السيد محمد رضا من المالكي أن يبادر الى عزل خضير الخزاعي من منصبه، لكن ذلك لم يحصل، فالخزاعي كان قد ارتبط روحياً بالمنصب وكاد أن يشرك الكرسي مع الله. ونتيجة ذلك أعلن مكتب المرجع الأعلى السيد السيستاني غلق بابه بوجه المسؤولين والسياسيين العراقيين، وظلت الباب موصدة حتى يوم كتابة هذا المقال.
للحديث تتمة
١٤ تموز ٢٠٢٠
الجريدة لا علاقة لها بكل ما طرح من آراء داخل المقالة