السيمر / فيينا / الثلاثاء 08 . 12 . 2020 —- تدور الأزمة المالية المتقاطعة بين بغداد واربيل في حلقة مفرغة، وما أن تترشح تسريبات بالوصول لحل ما، ينفرط عقد أي اتفاق بشكل سريع، فليس سراً أن أغلب الخلافات بين المركز والإقليم أصله مالي اقتصادي.
العلاقة الكوردية العربية مرت بتحولات بعد عام 2003، وتقريباً منذ حكومة نوري المالكي في دورته الثانية، وتوالت المشاكل المالية بين بغداد واربيل، لتشتد في حكومة حيدر العبادي الذي اقدم على قطع رواتب الموظفين وإيقاف ميزانية الإقليم، نتيجة خلاف على نفط كوردستان، ومضي أربيل بإستفتاء الاستقلال وسط معارضة الحكومة العراقية.
عجلة الأزمة المالية عادت إلى الدوران بوتيرة سريعة بالتزامن مع تفشي وباء كورونا الذي ضرب أسعار النفط، فكما معلوم أن الموازنة العراقية تعتمد بشكل شبه مطلق على واردات النفط، حيث تدحرج سعر برميل النفط الى القاع، مما دفع حكومة مصطفى الكاظمي الى طلب الإقتراض في أكثر من مناسبة، ليستقر على تحويله لقانون بديل عن موازنة 2020.
وهنا اشتدت الأزمة بين بغداد والإقليم، بعد تصويت البرلمان على القانون من دون تضمين رواتب موظفي الإقليم، رغم أن بغداد وأربيل توصلتا الى اتفاق في آب/أغسطس الماضي يقضي بارسال بغداد 320 مليار دينار إلى الإقليم، شهريا لتغطية جزء من نفقات الموظفين لحين التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الخلافات بين الجانبين.
وبعد سلسلة جولات غير منتهية بين بغداد وأربيل، لم يتوصل الطرفان إلى حل بعد.
الحديث الرسمي من بغداد يشير إلى أن أربيل لم تف بالتزاماتها في الموازنة والمتمثلة بتسليم 250 ألف برميل من النفط للحكومة الاتحادية، وهو ما نفت صحته حكومة الإقليم.
ووجه رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني مؤخراً رسالة إلى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي يدعو فيها الالتزام بالاتفاق المبرم بينهما في آب/أغسطس الماضي والذي يتضمن إرسال بغداد لمبلغ 320 مليار دينار شهريا للإقليم.
وقال بارزاني إن إقليم كوردستان لم يستلم أي مبلغ للأشهر أيار، حزيران، تموز، تشرين الأول لعام 2020، إضافة إلى عدم صرف مستحقات ورواتب البيشمركة رغم إدراجها ضمن تخصيصات وزارة الدفاع.
وفي تطور لهذا الملف المعقد، أعلن وفد حكومة اقليم كوردستان المرسل الى العاصمة بغداد اليوم الثلاثاء عن الموافقة على الالتزام بتطبيق البنود الواردة في قانون العجز المالي “الإقتراض” الخاصة بالإقليم بعد جولة من المفاوضات أجراها مع الحكومة الاتحادية.
وقال رئيس الوفد وزير مالية الإقليم آوات شيخ جناب في مؤتمر صحفي مع أعضاء الوفد المفاوض، “تلقينا رسالة من وزارة المالية الاتحادية تنص على الالتزام بتنفيذ بنود قانون العجز المالي، وبدورها اجابت حكومة الإقليم بالموافقة على الالتزام بكل ما ورد بالقانون”.
وقال الوزير ايضا “نعلن إن الكرة الآن أصبحت في ملعب الحكومة الاتحادية، والنواب الكورد، والبرلمان العراقي لتنفيذ القرارات الواردة في قانون الاقتراض المالي بعد إبداء الإقليم التزامه الكامل بالبنود الواردة فيه”.
من جهته قال عضو الوفد وزير شؤون الإقليم خالد شواني خلال المؤتمر، “لم يعد هناك اي مبرر قانوني او سياسي يعيق صرف المستحقات المالية المقرة بالقانون لإقليم كوردستان”.
وبهذا الصدد، أبلغ مصدر مطلع على جولات المباحثات، وكالة شفق نيوز، على تفاصيل الخلاف، الذي بدا غير متحمس للوصول لحل شامل خلال وقت قريب.
وقال، “خلال إحدى الإجتماعات الأخيرة، اكد وزير المالية العراقي علي علاوي لوفد الإقليم، أن الأخير أوفى بكامل التزاماته القانونية الخاصة، ومن حيث المبدأ لا مشكلة بإطلاق حصة الإقليم”.
وأضاف، “بعد الإجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي صارح الأخير وفد الإقليم، أن المشكلة تتجاوز جانبها الفني، وباتت في إطار الخلاف السياسي بشكل بحت”.
وتابع أن الكاظمي أكد أن “الأطراف الشيعية الرئيسية هددته بالإقالة إذا ما أطلق الحصة المالية الكاملة”.
كما أكد المصدر المطلع، أن رئيس الجمهورية برهم صالح لا يعارض فعلياً الموقف الشيعي.
وبين أن حكومة الإقليم تعمل الآن على مسايرة الأمر للوصول إلى حل مؤقت، بخاصة مع تأخر صرف رواتب الموظفين في الإقليم، مؤكداً، “أن لا حل فعلي على أرض الواقع لحين الوصول لإتفاق مع بغداد، فطاقة كوردستان لا تزيد عن صرف ما دون نصف رواتب الموظفين للأشهر الثلاثة المقبلة بمعزل عن الحصة المرسلة من بغداد”.
المصدر / شفق نيوز