الرئيسية / ثقافة وادب / مستشار جورج بوش ، من الكنيسةِ الى الأيدز ..

مستشار جورج بوش ، من الكنيسةِ الى الأيدز ..

السيمر / فيينا / الأربعاء 17 . 11 . 2021 

هاتف بشبوش*

فيلومينا ، فتاة من الواقع الكاثوليكي الآيرلندي المحافظ في تقاليده ، في عام 1951 وهي في الخامسة عشر تحب فتىً ليس على طريقة نظرةٍ ثم إعجابٍ ثم لقاء وإنما من شدة جاذبيته كان حبها له على طريقةِ نظرةٍ ثم مضاجعة حسب ماترويها هي حينما بلغت السبعين من عمرها فتقول : كانت مضاجعة طارت بها الى السماء السابعة من السعادة . مضاجعة هي الأولى والأخيرة وبعدها يختفي هذا الفتى تحت ظروف ملتبسة ، فتحبل فيلومينا ، ويتبرأ منها أهلها ويرسلوها الى الدّير (كنيسة سيكروبو) لكي تنال عقابها الإلهي ضمن الأعراف التي كانت تحكم أنذاك فتظل أربعة سنوات في عمل شاق كسجينة عليها أن تؤدي الضريبة الإلهية في التطهير من خطاياها وإثمها . الكثيرات يلدن في الكنيسة ومنهن قد توفين من جراء سوء التوليد من قبل الراهبات المتغضنات في معاملتهن الفضة اللارحيمة . تلد فيلومينا صبياً جميلاً ( أنتوني ) في الكنيسة ذاتها . وهو لم يزل يحبو تبيعهُ الكنيسةُ لرجلٍ ثري أمريكي بآلاف الباونات حيث كانت هذه تجارة رائجة أنذاك في الدير بإسم الرب . تأخذه سيارة الرجل وأمهُ تصرخ بحرقة وما من أحدٍ يكترث لهذه الأمومة المغلوبة على أمرها ، بحجةِ أنه سينال تربية دينية صالحة هناك تختلف عن سلوك أمه التي نُعتت بالعاهرة . فيلومينا تهرب من الكنيسة بعد تخطيط ذكي وإصرار على التحدي وبعد الويلات والعذابات والعقاب الشديد من العمل الشاق . تستمر في حياتها وتتزوج وتنجب أطفالا عديدين بل يصبح لها أحفادا أيضا لكنها تظل تلهج بإسم طفلها الغير شرعي ( أنتوني) لمدة ستين عاما وهذا هو دأب الأمومة ، حتى تلتقي صحفي وروائي ومذيع ( مارتين سكسميث) يعمل في أحد القنوات البريطانية . تلتقيه وتشرح له قصتها وهو بالأساس لادينياً يحمل نظرة مغايرة على هكذا أفكار ظلامية . في العام 2010 يذهبان الى كنيسة (سيكروبو) التي لاتزال في آيرلندا وهناك يلتقيان بالراهبات ويسألوا عن هذا الطفل الذي باعته الكنيسة فلم يعطوهما خبر إبنها علماً بأنّ لديهم السجلات كاملة ويعرفوا بحقيقة الأبناء الذين تم بيعهم بأبشع الطرق من أجل المال والتجارة بالدين غير انهم يكتفوا بإخبارهم من أنه في أمريكا . يذهبان الى أمريكا( مارتن وفيلومينا) وهناك تكتشف من أنّ إبنها أصبح ذو شأن عظيم حيث أكمل دراسته القانونيّة العليا وأصبح مستشارا كبيرا للرئيس الآمريكي جورج بوش وعضوا ناجحا في الحزب الجمهوري . لكن الطامة الكبرى أخبروها من أنه توفي منذ ثمانية عشرعاما 1992 بداء الآيدز وهو في عمره الأربعيني . حب الأم لإبنها يجعلها تريد معرفة هل كان إبنها يسأل عن والدته طيلة هذه الأعوام فالسؤال هذا كثيرا ما كان يؤرقها . وبعد عملية بحث أخرى يتضح أنه كان له صديقا حميما تربطهما علاقة مثلية . وهناك يلتقون صديقه ، وفي البيت يعرض لهم فيديو يوضح العلاقة المثلية (المنحرفة) بينه وبين إبنها ثم يخبرهم بأنه مات من الآيدز . وقال للأم من أنه كان دائم السؤال عن أمه ، وفي الفترة الأخيرة وفي أثناء إحتضاره أخبره أبوه بالتبني من أنه إشتراه من كنيسة في آيرلندا . يذهب الإبن ( أنتوني) وهو يحتضر من الآيدز الى الدير في آيرلندا لكن دناءة الرهابنة كانت أكثر إنحطاطا فلم يخبروه عن أمه من أنها حيّة ترزق ، حتى مات ودفن في الكنيسة نفسها لإخفاء حقيقته عن الإعلام الغربي الحديث . وبعد عراك وسباب من قبل الصحفي مع العاملين في الكنيسة يخبروهم بمكان قبره وبهذا إستطاعت ألام أن ترى قبر إبنها الذي ضاع منها وهو في عمر الرضاعة . ووضعت عليه زهورا وبهذا تكون قد إستراحت وراحت إبنها في قبره . فهنا السؤال : هل نجحت الكنيسة وتعاليم الروح القدس في منح هذا الطفل البريء أخلاقاً مثلما رسمتها تعاليم الدير والإتجار بالدين . لم تفلح أبداً . ودليلنا من أنّ بيت المسيح ذاته لم يمنحه الشرف المتعارف عليه بل مات بالآيدز . بل حطّمت حياة طفولية كان من المفروض لها أن تنشأ في أحضان الأمومة ، بل إرتكبت الجريمة الكبرى بحق الطفولة وياما قالها كزانتزاكيس الروائي اليوناني الشهير ( عالمٌ لايحترم الطفولة سأنزع إحترامي له ) . تلاقف الفن السابع هذه الرواية المؤلمة من الصحفي ذاته ( مارتين سكسميث) الذي فضح الكنيسة وأباطيلها ، لتصبح فلماّ عظيما في عام 2013 تمثيل ( جودي دينيش) و( ستيف كوجان) وحازعلى العديد من الجوائز الكبرى .

هاتف بشبوش/شاعر وناقد عراقي

اترك تعليقاً