الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / ما هو المسار الإجباري في السعودية للوصول إلى العرش؟

ما هو المسار الإجباري في السعودية للوصول إلى العرش؟

السيمر / فيينا / الأربعاء 07 . 12 . 2022 —– تعبتر القبيلة، بناء على ارتباطها بالصحراء والبادية والبحر وساحل الخليج الفارسي والزراعة في الواحات، الوحدة الاجتماعية الرئيسية في مجتمع شبه الجزيرة العربية، وكان لها على مر الزمن أدوار مهمة.

ولعل الأدبيات المعاصرة تنظر غالبا إلى القبيلة على أنها تنتمي إلى الصحراء، أو على أنها بدوية، وهذا هو المفهوم الدارج والأكثر استخداماً وشيوعاً على الرغم من عدم دقة الربط بين القبيلة والبداوة اللتين تمثلان مفهومين مختلفين، كما أشار إلى ذلك المختصون والباحثون في مجال الأنتربولوجيا والاجتماع.

إن المفاهيم السياسية تولّدت عبر الروابط الاجتماعية القائمة في القبيلة وانقسامها إلى بدنات وعشائر. وتولّد ما هو معروف في نظام القبيلة السياسي بأن يكون لكل مجموعة أو تجمع أو كيان اجتماعي من أهل البادية رئيس يسمى الأمير أو الشيخ. وهناك في العلاقات السياسية لمشيخة القبائل تدرّج هرمي مبني على حجم المجموعات التي تختلف من بدنة إلى عشيرة ومن ثم إلى قبيلة. ويجري اختيار الشيوخ ضمن دائرة العائلة الواحدة، وغالباً ما يتم التوريث السياسي القبلي فتنتقل به المشيخة، مثلاً، من جيل إلى جيل. ويتم اختيار شبخ القبيلة بتوافق الآراء وبعد عملية تشاورية. وشيخ القبيلة يكون في الغالب كبير السن، وممن يحظون بمكانة اجتماعية عالية عند أفراد القبيلة.

لطالما شكلت مسألة اللعب على وتر التباين بين القبائل والعوائل، سياسة قديمة سبقت إمساك محمد بن سلمان مقاليد الحكم الفعلية في شبه الجزيرة العربية، بل اعتمدها المؤسس عبد العزيز بن سعود في تعامله مع قبائل البدو العجمان وغيرهم، حيث اعتمد سياسة الفتنة بهدف الاستيلاء على المناطق، بعد أن كانت مشيخات القبائل هي الحاكمة.

ففي حائل، على سبيل المثال لا الحصر، عمد آل سعود إلى محاربة مشيخات القبائل الحاكمة فيها، سيّما آل رشيد، وبعد أن تمكّن من السيطرة على المنطقة، نكث وتخلص من القبائل التي حاربت إلى جانبه وناصرته.

ومن الجدير الإشارة إلى أن آل سعود كعائلة لم تكن تتمتع بميزة امتلاكها للقوة والعديد في حروبها ضد القبائل وغزواتها، بل دائما ما استندت إلى أساليب المكر والدهاء لاستمالة القبائل ودفعها نحو القتال إلى جانبها. من جهة أخرى، دأبت وزارة الداخلية خلال ما لا يقل عن 30 عاما، على زرع الخلافات وسط القبائل، وذلك من بوابة استهداف الأعراف التي يحتكمون إليها. ماورد يمكن الاستدلال إليه عبر ما يقوم به “أمراء” المناطق بتجاوز المتعارف عليه داخل القبيلة لناحية عدم إيلاء المشيخة حصرا لـ “فخذ أو جب” بعينه، حيث تنحصر به قيادة القبيلة، بل الإقدام على تعيين شخص من غير الفرع (الفخذ) المتعارف عليه وجعله شيخا للقبيلة بعد سحب الختم من الشيخ السابق والمنتمي إلى الفرع الأساس.

كل ذلك يجري خدمة لهدف آل سعود القاضي بزرع الفتنة داخل القبيلة وتقسيمها وإضعافها، وبالتالي سهولة السيطرة على أبناء القبيلة من خلال تبعية الشيخ الجديد لهم والاحتكام لأوامرهم.

وفي سياق متصل، لم تمتنع الرياض عن استخدام ورقة القبائل في أزمتها الأخيرة مع الدوحة، والحصار الذي فرضته عام 2017 عليها إلى جانب من عدد من العواصم العربية الحليفة والتابعة بحكم الدولار.

وفي حرب ابن سلمان وابن زايد على تميم ابن حمد، لم تستثن القبائل من أدوات الضغط، حيث شملت المحاولات تأليب القبائل الموزعة بين قطر ودول عربية أخرى في الخليج الفارسي لتأليبها على السلطة في قطر، حيث شهدت آنذاك مناطق شرق الجزيرة العربية تجمعات وحشود استعراضية مسلحة لقبائل مقربة من بن سلمان تنتشر في صحاري الأحساء حفر الباطن.

في الطريق إلى العرش: محمد بن سلمان يعزز علاقاته بعائلات نجد “سيكون على الأميركيين التعايش مع السعودية تحت حكم ابن سلمان وربما لخمسين عام مقبلة “، نبوءة كان قد أدلى بها أنطوني بلينكن سابقا.

الأمر الذي يتضح أكثر وأكثر مع تبيان بصمات محمد بن سلمان على مختلف المجالات في شبه الجزيرة العربية. المحطة هذه المرة استهدف من خلالها ابن سلمان إعادة رسم خريطة العائلات القوية في “السعودية”، عبر توسيع نفوذ عائلات المنطقة الوسطى ونجد والساحل الشرقي، من خلال دعمهم بالصفقات والمناصب والتمويل. وفي التفاصيل، أشار موقع “إنتلجنس أونلاين” الفرنسي المعني بالشؤون الاستخباراتية إلى أن “ما يسعى ابن سلمان إلى تنفيذه يشبه الانقلاب على علاقات عائلة آل سعود طويلة الأمد مع العائلات العريقة في الساحل الغربي والحجاز”.

واستشهد الموقع بحضور ممثلين وأعضاء عن 2 من العائلات القوية الصاعدة في “السعودية” بدعم من ابن سلمان، فعالية أقيمت في دبي في الفترة من 1 إلى 2 تشرين ثاني/نوفمبر، موضحًا أن “العائلتين اللتين حضرتا هذه الفعالية التي نظمها الرئيس السابق لديوان ولي العهد في البحرين عبد العزيز بن دعيج، هما المهيدب من الدمام، وأبو نيان من الرياض”. ولفت الموقع إلى أن “العائلتين اجتمعتا في دبي بالعائلات التجارية الكبرى في الشرق الأوسط، وبينهم الفطيم الإماراتية، والغانم الكويتية”. وذكر أن “كل ذلك يأتي في الوقت الذي تقوم فيه عائلات أخرى من وسط السعودية ونجد والساحل الشرقي، تم اختيارها ودعمها من قبل ابن سلمان، بتوسيع نفوذها على قطاع الدفاع في البلاد”، مضيفًا أن “عائلة العجلان تأتي في صدارة تلك العائلات القوية الصاعدة في المملكة والتي تحظي بدعم ولي العهد”. وبحسب الموقع، اشتهرت العجلان بكونها امبراطورية صناعية كبيرة، فهي المنتج الوحيد للمياه في المملكة والموزع المحلي للسيارات الفاخرة “فيراري” و”لامبورجيني” و”بوجاتي””.

وتابع أن “ابن سلمان كلف عائلة العجلان بإنشاء صناعة دفاعية ذات سيادة على الأراضي السعودية على وجه السرعة، ونتج عن هذا التكليف إنشاء “سكوبا” للصناعات (Scopa Industries)، وبذلك تتحول العائلة من تجارة المياه والسيارات إلى أحد أعمدة استراتيجية الدفاع في البلاد”.

كما ذكر الموقع أن “تكليف ابن سلمان للعجلان وإنشاء “سكوبا” للصناعات يجلب معه مسؤوليات سيادية أكبر، والانضمام إلى عائلات بارزة أخرى في نجد والساحل الشرقي”، مشيرا إلى أن “ولي العهد طلب من العديد من هذه العائلات (في نجد والساحل الشرقي) مساعدة عائلة العجلان على إنجاح المشروع”.

ولفت إلى أن “ابن سلمان يتجاهل العائلات الأخرى في الحجاز التي لطالما حظيت بنفوذ كبير في العهود التي سبقت توليه لمنصبه”، موضحًا أن “من تلك العائلات الآخذ نفوذها في التضاؤل تأتي عائلة “بن لادن” (في البناء) و”خاشقجي” (مستشارين ملكيين)”.

ووفقا لـ”إنتلجنس أونلاين”، “حوّل ابن سلمان شركة “أكوا باور” إلى ذراع تحول الطاقة الخاص به، بتمويلها من صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي أعلن مؤخرًا عن زيادة حصته بالشركة إلى 33.36% إلى 50%”. “أكوا باور” التي نمت لتُنافس شركة “مصدر أبو ظبي” على المسرح العالمي، تقودها في الواقع شركة “فيجن انفست”، وهي مشروع مشترك بين عائلتي المهيدب وأبو نيان، مُدار من قبل الشركة الأولى بالإضافة إلى سليمان المهيدب، حسبما أفاد الموقع. ولفت الموقع إلى أن “عائلة “أبو نيان” تشتهر بكونها من الشركاء السعوديين للعديد من المجموعات الدولية الكبرى في مجالات الطاقة والصناعة، مثل “سيمنز” و”هيونداي” و”ماروبيني” و”شنايدر إلكتريك””، مشيرًا إلى أن “هذه العائلات من نجد والساحل الشرقي المدعومة من ابن سلمان، تحظي بصعود سياسي أيضا إلى جانب التجارة والصفقات”.

الموقع ذكر أنه “بالإضافة إلى وجود مقاعد في مجالس إدارة المحركات الرئيسية للاقتصاد السعودي، تم تكليف آل الفوزان وهي عائلة من مدينة الخبر الساحلية، بالعديد من المسؤوليات السياسية”،موضحًا أن “مها الفوزان أصبحت المستشارة العامة للصندوق الوطني للتنمية، وهو كيان أطلقه ويديره ابن سلمان ويشرف على 10 صناديق تركز على تنويع الاقتصاد السعودي كجزء من رؤيته 2030”.

وحصلت عائلة أخرى موالية لولي العهد وهي عائلة “الراجحي” على مسؤوليات سياسية بعد بناء إمبراطورية اقتصادية ومالية إلى حد كبير، منها أحمد بن سليمان الراجحي، نجل سليمان بن عبد العزيز الراجحي، ويشغل منصب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (وزارة العمل سابقاً) منذ عام 2018، وفقا للموقع. وأوضح الموقع أن “العائلة المعروفة بتبادل العملات أثناء الحج، تمتلك مصرف “الراجحي” أكبر بنك إسلامي في العالم بقيمة 146 مليار دولار من الأصول الخاضعة للإدارة”، مضيفًا أن “هذه العائلة لطالما كانت تدعم آل سعود ماليًا والآن، بفضل ابن سلمان، هي أيضًا مسؤولة عن الأمن الغذائي للمملكة”.

المصدر / مرآة الجزيرة 

اترك تعليقاً