السيمر / فيينا / الثلاثاء 13 . 12 . 2022 —– فتشت سلطات التحقيق البلجيكية مكاتب في البرلمان الأوروبي في بروكسل يوم أمس الاثنين، وذلك في إطار تحقيق في اتهامات بتلقّي مسؤولين في البرلمان رشاوى من دولة قطر التي تستضيف كأس العالم الآن.
ويعدّ هذا التفتيش هو العشرين الذي تجريه السلطات منذ يوم الجمعة.
وحذرت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا أعضاء البرلمان من أن “الديمقراطية تتعرض لهجوم”، على حد تعبيرها.
واتهمت الشرطة البلجيكية أربعة من هؤلاء النواب بينهم اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، بتلقي رشاوى من دولة قطر التي تنفي بدورها القيام بأي تصرّف مخالف.
ويقول محامي إيفا كايلي إن موكلته بريئة.
وبسؤاله عما إذا كانت الشرطة عثرت على أموال في منزل إيفا كايلي، قال المحامي: “ليس لدي فكرة عما إذا كان قد تم العثور على أي أموال ولا كم كان عددها”
وسيناقش أعضاء البرلمان الأوروبي قضية هذه الفضيحة اليوم الثلاثاء.
وقالت سلطات التحقيق البلجيكية إنه تم العثور على أموال نقدية تناهز قيمتها 632 ألف دولار في منزل أحد النواب المشتبه بهم. كما تم العثور على ما يزيد على 158 ألف دولار في شقة نائب آخر، فضلا عن عدة مئات الآلاف من اليوروهات في حقيبة بأحد الفنادق في بروكسل. كما صادرت الشرطة أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة لفحص محتوياتها.
وجرت عمليات تفتيش في بروكسل وإيطاليا. وتمّ “تجميد” خاصية معالجة البيانات الخاصة بعشرة موظفين في البرلمان الأوروبي، وذلك للحيلولة دون اختفاء بيانات ضرورية للتحقيق.
وقالت سلطات التحقيق في بيان يوم الأحد، إن أربعة من المشتبه بهم -كانت الشرطة البلجيكية ألقت القبض عليهم- وُجّهت إليهم اتهامات بـ “المشاركة في تنظيم إجرامي، وغسيل أموال، وفساد”.
وتم إيقاف إيفا كايلي، عضوة البرلمان الأوروبي منذ ثماني سنوات، عن أداء عملها كواحدة من بين 14 نائبا لرئيسة البرلمان ميتسولا.
كما تم تعليق عضوية كايلي في مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، فضلا عن فصلها من حزب الحركة الاشتراكية اليونانية في يسار الوسط.
وأفادت تقارير بأن سلطات التحقيق في اليونان جمّدت كل أصول كايلي المالية.
وتم احتجاز ستة أشخاص يوم الجمعة، وذلك في إطار التحقيق في اتهامات بأن دولة قطر قدمت رشاوى إلى مسؤولين في الاتحاد الأوروبي لإحراز نفوذ. وفي وقت لاحق، جرى الإفراج عن اثنين من هؤلاء المحتجزين.
ولم يتم التصريح علانية عن هويّة المشتبه بهم، غير أنه من المفهوم أن كايلي بين هؤلاء الذين وجّهت إليهم اتهامات.
ويحمل المتهمون الثلاثة الآخرون الجنسية الإيطالية، ومن بينهم المساعد البرلماني فرانشيسكو جيورجي – شريك حياة كايلي.
ومن بين المشتبه بهم، النائب السابق في البرلمان الأوروبي بيير أنطونيو بانزيري، الذي يدير الآن مجموعة فايت إمبيونيتي الحقوقية، بحسب ما قالت مصادر. كما أفادت تقارير بأن زوجة بانزيري وابنته بين المقبوض عليهم.
وبحسب مصادر، فإن الأمين العام لاتحاد النقابات الدولي لوكا فيزنتيني، بين المشتبه بهم.
وتقول مراسلة بي بي سي في بروكسل، جيسيكا باركر، إن ما أفرجت عنه السلطات البلجيكية من تفاصيل حول الواقعة في الأيام القليلة الماضية ترك كثيرين في دوائر الاتحاد الأوروبي في صدمة.
وقال أعضاء في البرلمان الأوروبي لمراسلتنا إنهم مصدومون من حجم الاتهامات ووضوحها على السواء.
الديمقراطية الأوروبية تتعرض لهجوم
وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي ميتسولا إن “المجتمعات المنفتحة الحرة الديمقراطية تتعرض لهجوم”.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، إن تلك الاتهامات “خطيرة جدا”، مطالبة بتأسيس جهاز للرقابة على الأخلاقيات لضمان الالتزام بها في منطقة اليورو.
وقال مراقبون وأعضاء برلمانيون معارضون إن التحقيق في الرشوة قد يمثل واحدة من أكبر فضائح الفساد في تاريخ البرلمان الأوروبي.
وأدلى رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، رغم عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي، بتعليقات تنطوي على سخرية من التكتل الأوروبي بعد ظهور مزاعم الفساد هذه على السطح.
وقالت النيابة الفيدرالية في بلجيكا إنها تشتبه في أن دولة خليجية كانت تمارس نفوذا للتأثير على القرارات الاقتصادية والسياسية لأشهر عدة، خاصة في القرارات ذات الصلة بالمعونات الموجهة.
وأشارت وسائل إعلام إلى أن الدولة التي تواجه اتهامات الفساد والرشوة هي قطر، لكن الحكومة القطرية أكدت أن أي مزاعم تشير إلى ارتكابها مخالفات ما هي إلا “معلومات مضللة إلى حدٍ خطير”.
وتتضمن مسؤوليات كايلي في البرلمان الأوروبي كنائبة لرئيسة البرلمان الأوروبي مهام قضايا الشرق الأوسط، كما عرفت بالدفاع عن قطر في الماضي.
والبرلمان الأوروبي هو الجهة الوحيدة التي يتم انتخابها بشكل مباشر، إذ يتوجه الناخبون في 27 دولة، التي يتكون منها الاتحاد، لانتخاب حوالي 705 أعضاء يجتمعون للتدقيق في التشريعات المقترحة والتصويت عليها بموجب القانون الأوروبي.
ويتمتع أعضاء البرلمان الأوروبي بشكل عام بالحصانة من الخضوع للتحقيق، عدا حالات التلبُّس بارتكاب خرق للقانون، بحسب لوائح البرلمان.
المصدر/ بي بي سي