السيمر / فيينا / السبت 22 . 04 . 2023
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
الدول العربية نتاج طبيعية للمنتصرين بالحرب العالمية الأولى، رسموا حدود دول الشرق الأوسط حسب مصالح قوى الاستعمار البريطاني والفرنسي، سلطوا على الدول العربية التي رسموا حدودها أشخاص مكنوهم ليصبحوا ملوك ورؤساء على الدول الناشئة، لم يقوموا في تشريع دساتير تكون حاكمة، انعدمت العدالة والمشاركة السياسية لابناء المكونات، تقصد المستعمر تسليم الحكم لعملائه، وبسبب بيع فلسطين، وقعت ارتدادات، كانت ردود فعل الشعوب العربية الحية قام العسكر في تدبير عمليات انقلابية أطاحت بـ عملاء المستعمر.
بعد وصول العسكر للسلطة، أيضا وقف قادة الانقلابات العسكرية بالدول العربية مع المعسكر السوفياتي الداعم لعمليات التحرر وتصفية آثار الاستعمار في الشرق الاوسط وافريقيا، قادة العسكر طمعوا في المناصب، قائد الانقلاب دخل القصر من خلال الدبابة ولم يخرج من الكرسي إلا في انقلاب عسكري ثاني يطيح به، وإذا بقي بالسلطة يورث الحكم من بعده إلى ابنه أو أقاربه، عندنا رئيس عربي بقي يحكم إلى أن أصيب بالزهايمر وزوجته كانت هي التي تدير القصر الجمهوري، زوجة الرئيس رئيسة تتحكم في البلاد والعباد.
تم تنصيب وزير داخلية كان يعمل سفير في بولوندا، هذا الوزير دخل لمقابلة رئيس الجمهورية العربي الاشم، اشتم رائحة كريهة، وإلا بالسيد الرئيس فاقد السيطرة على فضلاته، الرئيس يلبس حفاظة، هنا فكر السيد الوزير بشكل جيد، زوجة الرئيس نصبت زوج بنتها رئيس للوزراء، حدثت لها مشكلة معه، قامت بعزله، هنا وزير الداخلية خطط بشكل جيد، بحركة سريعة، احضر قوات الشرطة ودخل للقصر الجمهوري اعتقل زوجة السيد الرئيس، واحتل محطة الإذاعة والتلفزيون، اعتقل وزير الدفاع، ونصب نفسه رئيسا للجمهورية، وبقي رئيس إلى أن حدثت أحداث الربيع، عندما شاهد المظاهرات، لم يقوم بقمع المتظاهرين وإنما استقل طائرة وهرب خارج بلاده، وفتح الطريق لانتقال الربيع العربي إلى بلدان اخرى، أكيد عرفتوه هذا الرئيس، حتى القذافي استشعر بالخطر، خرج في مسيرة مع كتائبه العسكرية ويقول هرب….. وسلم الدولة الفلانية، نحن نبيدهم.
لذلك العسكر عندما وصلوا للسلطة فهم لم يؤسسوا مؤسسات حاكمة ولم يقوموا في تشريع دستور حاكم، لننظر إلى السودان، الجنرال سوار الذهب عمل انقلاب، وسلم الحكم للشعب، ولم يرشح نفسه للانتخابات، في حالة فريدة، شعب السودان انتخب الصادق المهدي رئيسا للحكومة، تآمر قريبه شقيق زوجته الدكتور حسن الترابي مع الجنرال عمر البشير لعمل انقلاب عسكري انتهت بالإطاحة في الصادق المهدي.
عمر البشير بقي جاثم على الشعب السوداني، وعزل صديقه حسن الترابي واذله، وحارب رؤوس القاعدة، وطرد المواطن السعودي زعيم القاعدة أسامة بن لادن من السودان، حاول يرضي دول الخليج، شارك معهم لقتل الشعب اليمني، النتيجة دول الخليج لديهم ثأر مع عمر البشير، ثأر قديم، بسبب وقوفه مع صدام الجرذ في غزو الكويت، انتهزوا الفرص وعندما حدثت مظاهرات بالسودان تم عزله من خلال ضباط سودانيين تم تجنيدهم من قبل المخابرات الخليجية، أثناء تواجدهم في محاربة الشعب اليمني تحت قيادة السعودية.
مانشاهده اليوم من قتال ما بين صفوف العسكر في السودان، كانت نتيجة طبيعية لعدم وجود دستور حاكم، لذلك العسكر أصبحوا طرفين وكل طرف يمثل مشروع لدول الجوار والدول الاقليمية والدول الكبرى، عندما خرجت المظاهرات ضد عمر البشير، القوى الإقليمية سرقت مطالب الثوار وتم تنصيب قادة الجيش في حكومة انتقالية للاعداد إلى انتخابات لانتخاب حكومة مدنية، لكن دول الاستعمار لايهمها وجود دستور حاكم ووجود حكومة منتخبة، الذي يهم دول الاستعمار مصالحها وسرقة خيرات شعوب الدول العربية.
القتال الحالي في السودان بين الجنرالات، من يدفع الثمن هم الأبرياء من الشعب السوداني، انتهكوا كل القيم الانسانية، وفي شهر رمضان، سقط العشرات بل المئات من الضحايا بين مدنيين وعسكريين، وهم صائمون، بكل الاحوال القاتل والمقتول مابين قوى العسكر المتناحرة، هم ابرياء، بل بسبب القتال مابين العسكر، سقط من المدنيين مئات الضحايا أبرياء، الضباط والجنود المتناحرين زُج بهم في هذا الصراع الدامي والمدمر، ولاتوجد مصلحة للضباط الصغار والجنود أن يقتل بعضهم البعض الاخر.
قتلى العسكر والقتلى المدنيين ضحايا لصراع جنرالات العسكر والذين يمثلون مشاريع لقوى اقليمية ودولية تريد نهب ثروات الشعب السوداني وليس لنشر الديمقراطية.
الصراع مابين الجنرالين البرهان وحميداتي، اللذين كانت تربطهما صداقة وعلاقة جهادية في قمع ابناء الشعب السوداني في دار فور، كلا الجنرالين هم مجرمين قتلة تلوثت اياديهم في دماء الشعب اليمني، السودان يتكون من عرقيات واثنيات واديان، سبق أن انفصل الجنوب المسيحي عن الخرطوم بسبب دعم حسني مبارك بعد تعرضه لمحاولة اغتيال في نيروبي اتهم بها تنظيمات اسلامية مرتبطة في الترابي، كانت ردة حسني مبارك دعم جون قرنق بالسلاح بعد أن كانت قوات قرنق هاربة خارج أراضي السودان، الدعم العسكري والمادي المصري والخليجي الى قرنق انتهت في انفصال جنوب السودان وإعلان استقلاله، السودان الحالي مهدد أن يتقسم الى عشر دول، بسبب لغة الإقصاء والتهميش، وعدم وجود دستور حاكم، قتلوا اهل الجنوب بسبب مسيحيتهم، وقتلوا أهالي دارفور بسبب عرقيتهم رغم أنهم مسلمون سنة مثل قادة العسكر في الخرطوم، نفس ديانة الجنرال عمر البشير، مسلمون سنة لكن يختلفون عن البشير أهالي دار فور قوميا وليس دينيا ومذهبيا، البرهان وحميداتي قتلوا أهالي دارفور، خلاف الزعامة بين الجنرالين أنهى الصداقة الاخوية صداقة رفاق السلاح في قتل ابناء الشعب السوداني المسكين، بقناة الجزيرة الجنرال حميدتي وصف الجنرال البرهان بـ«المجرم الكذاب»، بينما البرهان رد ايضا عبر قناة الجزيرة بوصف حميدتي بقائد «ميليشيا متمردة».
واهم من يعتقد أن السودان دولة فقيرة، بلد زراعي يستحوذ على أكبر رقعة جغرافية خصبة للزراعة ووفرة الماء، لكن شعب السودان يعيش في فقر موقع بسبب سيطرة أنظمة العسكر التي وصلت للحكم عن طريق الانقلابات العسكرية، الزراعة بالسودان كافية لجعل السودان أغنى دولة في افريقيا، هناك مصالح استعمارية تريد بقاء حكومات السودان تهمل دعم تنمية الزراعة ، لأن دعم الحكومات السودانية للزراعة يعني دخول السودان منافس إلى الدول الراسمالية التي تحتكر تصدير الحبوب والفواكه والخضروات لدول العالم، دول كبرى تدعم الصراع المستمر على الأراضي الزراعية والمراعي في ولايات السودان والتي باتت عمليات القتل على الأراضي والمراعي حالة جدا طبيعية، ومن المؤسف أصبحت أراضي ولايات سودانية كثيرة غير مستغلة زراعيا بسبب الصراعات المحلية.
المؤسسة العسكرية وقوات الدعم السريع لم ولن يقيما للشعب السوداني نظام سياسي يقبل به جميع السودانيين من دون إقصاء، لا يمكن بناء دولة بدون وجود دستور حاكم، بكل الاحوال الصراع بين العسكر سوف يفتح المجال إلى دخول أطراف أخرى للدخول بالساحة السودانية، وربما يتم إرسال المجاميع التكفيرية من قبل الدول الكبرى الاستعمارية في دعم أحد طرفي النزاع.
22/4/2023