السيمر / فيينا / الأربعاء 19 . 07 . 2023
برزت ظاهرة كبيرة في فرنسا أثناء الاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية تمثلت في النساء اللائي ارتبطن بعلاقات عاطفية مع جنود هتلر، وواجه الفرنسيون الموقف بالعداء والعنف.
أعداد لا بأس بها من النساء الفرنسيات غامرن بإقامة علاقات عاطفية مع أفراد من قوات ألمانيا النازية التي احتلت القسم الأكبر من بلادهن، وأقامت في القسم الجنوبي حكومة “فيشي” الموالية لها. ربما استسلمن للأمر الواقع بتعاملهن مع العسكريين النازيين وارتباطهن بعلاقات عاطفية مع هؤلاء.
كان الألمان النازيون وحلفاؤهم الإيطاليون قد احتلوا معظم فرنسا، بنسبة الثلثين تقريبا بحلول صيف عام 1940، فيما أقيمت في الأراضي المتبقية بجنوب شرق البلاد، وفي المستعمرات الفرنسية ما وراء الحدود، دولة دمية سميت نظام فيشي، على اسم المدينة التي تمركزت بها تلك الحكومة بقيادة المارشال هنري فيليب بيتان.
الفرنسيون الذين انخرطوا في مقاومة الاحتلال النازي لبلادهم، قاموا في تلك الفترة بتوزيع منشورات حملت النص التالي: “النساء الفرنسيات اللواتي ألقين بأنفسهن في أحضان الألمان سيتم حلق شعورهن حتى الأخير. سوف نكتب على ظهوركن: بعن أنفسهن للألمان”.
بيانات فرنسية تحدثت عن 200000 طفل ولدوا لنساء محليات من الجنود الألمان، ما يشير إلى أن أعدادا كبيرة من النساء الفرنسيات، اقمن علاقات عاطفية مع عسكريي هتلر.
حدث ذلك على الرغم من أن زعيم النازيين أدولف هتلر هو الآخر لم يستسغ إقدام ضباطه وجنوده على معاشرة الفرنسيات والإنجاب منهن، لأنه كان يعتبر الفرنسيين أمة لا قيمة لها.
سلطات الاحتلال النازية لجأت إلى الحد من إقامة العسكريين الألمان لعلاقات عاطفية مع الفرنسيات بفتح بيوت للدعارة والإشراف عليها.
عقوبة التعاون مع النازيين والتي مضت إليها بعض النساء بطيب خاطر، أطلق عليها الفرنسيون أنفسهم اسم التطهير الوحشي، “L’epuration sauvage”.
التقديرات الأكثر تواضعا تحدثت عن تعرض ما لا يقل عن عشرين ألف امرأة بين عامي 1943 – 1946 إلى العنف، وفي بعض الأحيان إلى القتل من قبل الثوار الذين قاوموا الاحتلال النازي في البداية، ثم من قبل السكان المدنيين بعد تحرير فرنسا.
باريس في اليوم التالي للتحرير في 26 أغسطس 1944، اجتاحتها موجة من الاعتداءات اللفظية والبدنية على النساء اللاتي ارتبطن بعلاقات “متعة” مع الألمان، وتعرضت هؤلاء النسوة للضرب في الشوارع والإذلال العلني بمختلف الأشكال.
في سنوات ما بعد التحرير، جرت إدانة أكثر من 18500 امرأة لارتباطهن بالنازيين، وتم وصفهن بأنهن “غير جديرات وطنيا”، وحكم عليهن بالسجن من 6 إلى 12 شهرا.
الكثير منهن رسم على جباههن صليب النازية المعقوف، كما تم إرسال أطفال “متعاونات المتعة مع المحتلين” إلى دور الأيتام والمؤسسات المشابهة. معظم هؤلاء الأطفال واجهوا مصيرا صعبا للغاية بكونهم، غير شرعيين ومن محتلين!
كاتبة فرنسية تدعى فابريس فيرجيلي تحدثت في كتابها “النساء المحرومات بعد التحرير” عن اعداد تزيد عدة مرات عن 20000 امرأة فرنسية تعرضت للإهانة والاحتقار لارتباطهن بجنود الاحتلال. الكثير من النساء واجهن المهانة بالصمت وارتدين شعرا مستعارا، وحاولن في ذلك الوقت العصيب، كما تقول الكاتبة، نسيان محنتهن في أسرع وقت ممكن.
لم تتعرض النساء الفرنسيات فقط للإذلال، الأمر ذاته حصل للنساء النرويجيات. على الرغم من أن عدد سكان هذا البلد اكان أقل من عدد سكان فرنسا، إلا أن الألمان اعتبروا شعبه “أكثر آرية”.
في هذا البلد الإسكندنافي، افتتحت في إطار برنامج تحت اسم “مصدر الحياة”، تسعة مؤسسات للأم والطفل، للعناية بالأمهات الحوامل وتربية الأطفال المولودين من النازيين.
بعد التخلص من الاحتلال النازي للنرويج، تم اعتقال 14000 امرأة وإدانتهن بالتعاون مع النازيين، وأرسل أكثر من ثلثهن إلى معسكرات العمل لمدة عام ونصف، كما جرى إرسال الأطفال الذين أطلق عليهم لقب “الكافيار النازي”، إلى دور الأيتام، وبعد أن كبروا إلى مصحات نفسية.
كان النرويجيون مثل الفرنسيين على استعداد لمعاقبة مثل هؤلاء النساء بالقتل، وبالفعل تعرضت أكثر من 500 امرأة للقتل في الشوارع.
البرلمان النرويجي أصدر في عام 2006 اعتذارا رسميا للأطفال المولودين من النازيين والذين عوقبوا وتضرروا بعد الحرب من دون ذنب، وتم تخصيص مبالغ مالية لهم تتراوح بين 3000 إلى 30000 يورو.
ألمانيا بدورها أقرت في عام 2009 قانونا، اعطى الحق للأطفال المولودين من النازيين في فرنسا من الحصول على الجنسية الألمانية. وهكذا طوي هذا الملف.
المصدر: RT