الرئيسية / مقالات / عمر الانسان في القرآن الكريم (فتية، فتاه، فتيانه) (ح 1)

عمر الانسان في القرآن الكريم (فتية، فتاه، فتيانه) (ح 1)

فيينا / الأثنين 04 . 03 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د . فضل حسن شريف

جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن فتية “نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى” ﴿الكهف 13﴾ فتية اسم، نحن نقصُّ عليك أيها الرسول خبرهم بالصدق. إن أصحاب الكهف شُبَّان صدَّقوا ربهم وامتثلوا أمره، وزِدْناهم هدى وثباتًا على الحق. قوله سبحانه “وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” ﴿يوسف 62﴾ لِفِتْيَانِهِ: لِ حرف جر، فِتْيَانِ اسم، هِ ضمير. وقال يوسف لغلمانه: اجعلوا ثمن ما أخذوه في أمتعتهم سرًا، رجاء أن يعرفوه إذا رجعوا إلى أهلهم، ويقدِّروا إكرامنا لهم، ليرجعوا طمعًا في عطائنا. قوله عز وجل “إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا” ﴿الكهف 10﴾ الْفِتْيَةُ: الْ اداة تعريف، فِتْيَةُ اسم. أوى الفتية: التجئوا هَرَبا بِدِينهم. اذكر أيها الرسول حين لجأ الشبَّان المؤمنون إلى الكهف، خشية من فتنة قومهم لهم، وإرغامهم على عبادة الأصنام، فقالوا: ربنا أعطنا مِن عندك رحمة، تثبتنا بها، وتحفظنا من الشر، ويسِّر لنا الطريق الصواب الذي يوصلنا إلى العمل الذي تحب، فنكون راشدين غير ضالين.

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوأَمْضِيَ حُقُباً” (الكهف 60) الظرف متعلق بمقدر، والجملة معطوفة على ما عطف عليه التذكيرات الثلاثة المذكورة سابقا، وقوله: “لَا أَبْرَحُ” بمعنى لا أزال وهو من الأفعال الناقصة حذف خبره إيجازا لدلالة قوله: “حَتَّى أَبْلُغ” عليه والتقدير لا أبرح أمشي أو أسير، ومجمع البحرين قيل: هو الذي ينتهي إليه بحر الروم من الجانب الشرقي وبحر الفرس من الجانب الغربي، والحقب الدهر والزمان وتنكيره يدل على وصف محذوف والتقدير حقبا طويلا. والمعنى والله أعلم واذكر إذ قال موسى لفتاه لا أزال أسير حتى أبلغ مجمع البحرين أوأمضي دهرا طويلا. والفتى الذي ذكره الله وأضافه إلى موسى قيل هو يوشع بن نون وصيه، وبه وردت الرواية قيل: سمي فتى لأنه كان يلازمه سفرا وحضرا أو لأنه كان يخدمه. والعالم الذي لقيه موسى ووصفه الله وصفا جميلا بقوله: “عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا” (الكهف 65) ولم يسمه ورد في الروايات أن اسمه الخضر وكان نبيا من الأنبياء معاصر لموسى عليه السلام وفي بعضها أن الله رزقه طول الحياة فهوحي لم يمت بعد، وهذا المقدار لا بأس به إذ لم يرد عقل أونقل قطعي بخلافه وقد طال البحث عن شخصية الخضر بين القوم كما في مطولات التفاسير وتكاثرت القصص والحكايات في رؤيته ومع ذلك لا تخلوالأخبار والقصص عن أساطير موضوعة أومدسوسة. قوله عز وجل “فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا” (الكهف 62) قال في المجمع،: النصب والوصب والتعب نظائر، وهو الوهن الذي يكون عن كد انتهى، والمراد بالغداء ما يتغدى به وفيه دلالة على أن ذلك كان في النهار. والمعنى: ولما جاوزا مجمع البحرين أمر موسى فتاه أن يأتي بالغداء وهو الحوت الذي حملاه ليتغديا به ولقد لقيا من سفرهما تعبا.

يقول يحيى جورجاتي في موقع بلوجر عن فتية: فتى: مادة الكلمة “ف ت ا”: الشباب والفتوة، السن من 19 سنة حتى يبلغ أشده و يبلغ 40 سنة. وردت كلمة “فتى” وجمعها “فتية”، “فتيان” فى القرآن الكريم ثماني مرات، واستعملت بمعنيين: وردت كلمة “فتى” وجمعها “فتية”، “فتيان” فى القرآن واستعملت بمعنيين: الأول: الشاب اليافع، كما فى قول الله عز وجل: “إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ” (الكهف 10). “إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى” (الكهف 13). “قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ” (الأنبياء 60) إذن كان إبراهيم عليه السلام أقل من الأربعين. الثاني: العبد والخادم، كما فى قوله عز وجل: “وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ” (يوسف 36) فَتَيَانِ: أي عبدان أو خادمان للملك. “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا” (الكهف 60). “َلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا” (الكهف 62) لِفَتَاهُ: أي لخادمه الذي رافقه فى سفره. وقد عُبِّر بلفظ “الفتى” عن العبد والخادم، لأنه لا يكون خادمًا حتى يبلغ سن الشباب حتى يستطيع خدمة مولاه. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول المرء: عبدي وأمتى، وليقل: فتاي وفتاتي.

جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: “إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وزِدْناهُمْ هُدىً” (الكهف 13). من الشباب من هو تام وكامل في عقله وتفكيره، تماما كما هو قوي وتام في جسمه ونشاطه، وهذا النوع وان كان قليلا نادرا، ولكنه موجود، ومنه أهل الكهف، فقد كانوا فتية يعيشون في مجتمع وثني فاسد، ومع هذا رفضوه ولم يهضموه، واهتدوا بصفاء فطرتهم إلى أن قومهم على ضلال، وقالوا: كيف تكون الأحجار آلهة، وهي لا تغني شيئا؟.  وكيف تمنح المترفين القوة والغنى، وتسلطهم على الضعفاء والمعدمين كما يزعم الأقوياء وهي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا؟ وانتهى الفتية من هذا الشك والتساؤل إلى عقيدة التوحيد والبعث، ولما علم اللَّه منهم الصدق في النية، والإخلاص للحق ثبتهم على ايمانهم، وزادهم بصيرة في أمرهم. قوله عز وعلا “وإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوأَمْضِيَ حُقُباً” (الكهف 60). اختلفوا في موسى بطل هذه القصة: هل هو موسى بن عمران أوغيره؟. نقل الرازي عن اليهود انه موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب، وهو أقدم من موسى بن عمران وأكثر العلماء والمفسرين على أنه ابن عمران الشهير، وهو الظاهر. أما فتاه فالمعروف انه يوشع بن نون ابن أخت موسى بن عمران وتلميذه المقرب وخليفته من بعده على بني إسرائيل، أما الذي قال له موسى: هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا. فالمعروف بين الناس انه الخضر، ولكن اللَّه سبحانه سكت عن اسمه، واسم فتى موسى، فيجمل بنا نحن ان نعبر عن هذا بفتى موسى، وعن ذاك بصاحبه. وقيل: ان الخضر لقب، أما اسمه فبليا بن ملكان، واختلفوا: هل هو نبي أوولي؟. وأيضا قيل: انه من المعمرين الأحياء إلى يوم يبعثون، أما نحن فنلتزم السكوت عن نبوته وحياته إذ لا دليل قاطع للشك من الكتاب أو السنة على واحدة منهما، ولا يمتان إلى عقيدتنا وحياتنا بصلة. وقال البعض: أنه من الملائكة. وهذا أبعد الأقوال. قوله جلت قدرته “فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا” (الكهف 62) بعد أن استراح موسى وفتاه قليلا عند مجمع البحرين استأنفا السير إلى أن أدركهما التعب، وأحسا بالجوع، فطلب موسى من فتاه الغداء، وكان الفتى قد شاهد انتفاضة الحوت وقفزته إلى البحر، ولكنه نسي أن يخبر موسى بأمره، ولما طلب منه أن يأتي بالغداء تذكر.   

اترك تعليقاً