فيينا / السبت 24. 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
في خضم أزمات معقدة تعصف بالعراق، برزت على السطح مجدداً قضية التوغلات العسكرية والانتهاكات الحدودية التي تشهدها المناطق الشمالية، تزامناً مع تفاقم أزمة المياه في الجنوب، وكأن الوطن يواجه حصارين متوازيين: أحدهما بالسلاح والآخر بالعطش.
فالمشهد الحدودي لم يعد مجرد تحركات عابرة لقوات أجنبية، بل اتخذ طابعاً استيطانياً عبر إنشاء قواعد ومعسكرات دون تنسيق مع الحكومة المركزية، في تحدٍ سافر للسيادة الوطنية ومبادئ القانون الدولي. ومع كل خطوة عسكرية، تتسع رقعة القلق الشعبي والسياسي من تداعيات هذا التمدد غير المشروع.
وفي مقابل هذا التهديد العسكري، يقف ملف المياه كأداة ضغط لا تقل خطورة، حيث تمارس بعض الدول المتشاطئة سياسات احتجاز متعمدة لمصادر المياه، ما فاقم من معاناة الشعب العراقي، وترك الأراضي الزراعية تواجه مصيراً قاتماً، وسط تحذيرات متكررة من كارثة بيئية وإنسانية وشيكة. إن تداخل هذين الملفين، الأمني والمائي، يكشف عن صورة مقلقة لمستقبل البلاد، ويطرح تساؤلات حقيقية حول مدى قدرة المؤسسات الرسمية على التصدي لهذه التحديات المتراكمة.
* سيادة منتهكة
وفي هذا الصدد، أعرب عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حسين العامري، في تصريح لوكالة / المعلومة /، إن “التوغل التركي شمل دخول آليات عسكرية، وإنشاء قواعد دون موافقة الحكومة العراقية، إضافة إلى تنفيذ ضربات جوية ومدفعية استهدفت مناطق متعددة من شمال العراق”.
وأوضح أن “القوات التركية تحتل أراضي واسعة وتمتلك ما يقارب الأربعين قاعدة عسكرية غير قانونية داخل الحدود العراقية، فضلاً عن عشرات المواقع الأخرى التي تمركزت بها دون تنسيق رسمي مع بغداد”.
وأكد أن “القوات التركية متمركزة في محافظتي أربيل ودهوك، حيث توجد أقضية ونواحٍ كاملة تحت سيطرتها بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني”, معتبرا أن “هذا الوضع يشكل تهديداً خطيراً لأمن العراق وسيادته واستقراره، فضلاً عن كونه انتهاكاً صارخاً للمواثيق والأعراف الدولية ومبادئ حسن الجوار”.
* ابتزاز مائي
في غضون ذلك، انتقد النائب ثائر مخيف، في تصريح لـ/المعلومة/، إن “تركيا تمارس منذ سنوات طويلة سياسة ممنهجة لابتزاز العراق عبر ملف المياه، من خلال تقليل الإطلاقات المائية واحتجازها خلف السدود، ما تسبب في كارثة بيئية وإنسانية تهدد مستقبل الزراعة والأمن الغذائي في البلاد”.
وأضاف، أن “أغلب المحافظات العراقية، لا سيما الجنوبية، تعاني من جفاف غير مسبوق ونقص حاد في المياه نتيجة تعنت تركيا واستغلالها لهذا الملف كورقة ضغط سياسي واقتصادي”، محذراً من “صمت الحكومة العراقية المستمر تجاه هذه الممارسات التي ترقى إلى مستوى العدوان المائي”.
وأشار النائب إلى أن “المجتمع الدولي مطالب باتخاذ موقف حازم تجاه انتهاكات تركيا المتكررة للمواثيق الدولية المتعلقة بتقاسم المياه، وعلى الحكومة التحرك العاجل لتدويل القضية وإنهاء سياسة التنازلات”.
وهنا تطرح عدة تساؤلات منها ، ستبقى الحكومة العراقية تكتفي بردود الفعل الخجولة، أم أنها ستتخذ خطوات حاسمة تعيد الاعتبار لسيادة البلاد وحقوق شعبها المشروعة؟ وهل سيتحرك المجتمع الدولي لمساءلة الأطراف التي تتجاوز القوانين والاتفاقيات، أم سيستمر الصمت كشريك غير معلن في هذا الانتهاك الصارخ؟.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات