فيينا / الثلاثاء 12. 03 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
بينما تتواصل قرارات المحكمة الاتحادية، بما يخص العلاقة بين التعاملات المالية والإدارية بين حكومة إقليم كردستان، والحكومة المركزية في بغداد، يواجه رئيس الوزراء الاتحادي “عناداً” كردياً، يعرفه العراق منذ العام 2003، الأمر الذي قد تحول إلى سجال سياسي يهدد بنية العملية السياسية بمجملها، وهذا ما يحذر المراقبون من تبعاته.
وفي محاولة منه، لمواجهة “عناد الكرد” وتداعيات خطوات كردستان تجاه المحكمة الاتحادية وما قد يتبعها من قرارا لاحقة، استقبال السوداني اليوم رئيس وأعضاء كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب.
وشهد اللقاء وفقا لبيان مكتب السوداني “بحث الأوضاع العامة في البلاد، بما فيها الأوضاع في إقليم كردستان العراق”.
وأضاف مكتب السوداني أن “الأخير جدد تأكيداته على أهمية تكامل العمل ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ من أجل دعم البرنامج الحكومي الذي يهدف إلى تحسين الخدمات والإصلاح والنهوض بالواقع المعيشي والاقتصادي للمواطنين في جميع أنحاء العراق”.
وأشار السوداني- بحسب البيان- إلى “المواضيع المشتركة ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وأهمية استمرار الحوار من أجل معالجتها، وفق ما نصّ عليه الدستور”.
وجاء لقاء السوداني بكتلة الحزب الديمقراطي الكردساني، بعد إعلان قاض كردي، انسحابه من المحكمة الاتحادية، كممثل عن السلطة القضائية لإقليم كردستان داخل المحكمة الاتحادية.
القاضي زيباري يهاجم
ويحذر مراقبون من أن “العناد الكردي، قد يجر البلد إلى سجال سياسي طويل، وهو ما سيؤثر على استقرار العملية السياسية (المهزوزة) بانسحاب التيار الصدري من المفاصل التشريعية والتنفيذية”.
بعد ساعات من موافقة المحكمة الاتحادية في العراق على صرف رواتب موظفي إقليم كردستان لشهر فبراير (شباط) الماضي، أعلن أحد قضاتها الكرد انسحابه من المحكمة احتجاجاً على سلسلة قرارات «اتخذتها ضد إقليم كردستان».
وأعلن القاضي الكردي في المحكمة الاتحادية، عبد الرحمن زيباري، انسحابه من أعلى سلطة قضائية في البلاد احتجاجاً على ما وصفها بـ”سلسلة القرارات التي اتخذتها المحكمة ضد إقليم كردستان”.
وقال القاضي زيباري، في مؤتمر صحافي عقده في أربيل، الثلاثاء: “لقد وجدت نفسي في موقع أصبحت فيها جهودي، وإمكاناتي العلمية والمهنية عاجزة عن تحقيق غايتها في الدفاع عن مصالح إقليم كردستان بصفته إقليماً دستورياً معترفاً به في كثير من مواد الدستور الاتحادي”.
وعزا القاضي سبب انسحابه إلى “ما لمسه من وجود نزعة في قرارات المحكمة المتتالية نحو العودة التدريجية إلى أُسس النظام المركزي للحكم، والابتعاد عن أُسس ومبادئ النظام الاتحادي من خلال توسيع نطاق الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية”.
وأضاف زيباري أن “المحاكم الدستورية في جميع الأنظمة السياسية التي تتبنى النظام الفيدرالي الاتحادي هي ضمانة لحماية وترسيخ هذا النظام وحفظ التوازن بين السلطات الاتحادية وسلطات الولايات أو الأقاليم ومنع تجاوز كل مستوى من مستويات الحكم على صلاحيات المستوى الآخر”.
وأوضح أن “منطق الأشياء يقتضي أن يكون حرص المحكمة الدستورية في أي بلد على حماية سلطات الأقاليم أو الولايات أكبر من حرصها على السلطات الاتحادية لأن هذه الأخيرة وبحكم طبيعتها وطبيعة صلاحياتها في موقع أقوى من سلطات الأقاليم. غير أن ما لمسته هو عكس ذلك كما أشرت إلى ذلك آنفاً”
وأكد القاضي الكردي أن “الدستور العراقي لسنة 2005 من الدساتير الجامدة التي حرص المشرع الدستوري أو الآباء المؤسسون على إخضاع تعديله لإجراءات معقَّدة حمايةً للمبادئ الدستورية المتفق عليها، ولحقوق جميع الأطراف والمكونات وجميع مستويات الحكم”، مستدركاً بالقول: “إن ما لمسته في اتجاهات وقرارات المحكمة الاتحادية وتفسيراتها لنصوص الدستور في كثير من الدعاوى هو الاتجاه نحو التفسير الواسع الخارج عن السياق والذي قد يصل إلى مستوى التعديل الدستوري”.
وبيَّن زيباري أنه “بالنظر لعدم سن وتشريع قانون جديد للمحكمة وفق ما تقتضيه المادة (92) من الدستور، فإن مواد ونصوص قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005 المعدل الذي شُرع قبل نفاذ دستور عام 2005 والمتعلقة بتشكيلها وآلية التصويت فيها في أثناء إصدار الأحكام والقرارات التي تكون في معظمها بالأكثرية، جعلت ممثلي إقليم كردستان (وهما قاضيان ضمن العدد الإجمالي لأعضاء المحكمة التسعة) عاجزين من الناحية العددية عن تفادي صدور قرارات وأحكام تعد في نظرهما ماسَّة بحقوق الإقليم وكيانه الدستوري”.
وفيما أشار إلى أنه ثبّت موقفه الدستوري والقانوني المخالف والمعارِض في كثير من الأحكام والقرارات، أكد أنه في الوضع الحالي يتعذر تحقيق الأهداف التي شغل المنصب من أجلها ومن تغيير اتجاهات المحكمة».
ويقول الخبير القانوني علي التميمي، إنه “لا أثر قانونياً لانسحاب القاضي، لأنه في النهاية لا يقدم ولا يؤخّر”.
وأضاف في تصريحات صحفية أنه “وفق القانون فإن هناك ثلاثة قضاة احتياط يتم تعويض المنسحبين أو المتوفين أو الذين يتعرضون إلى حوادث أو المتغيبين حيث يحل محلهم أحد هؤلاء القضاة الثلاثة”.
وأشار إلى أن “ذلك لا يؤثر لا في عمل المحكمة ولا في إدارة جلساتها، إنما المحكمة تستمر في عملها بشكل طبيعي”.
لكنّ الخبير السياسي إحسان الشمري، رجَّح في منشور على منصة «إكس» أن يكون انسحاب القاضي زيباري مقدمةً لخطوات جديدة من أربيل تجاه “النظام والعملية السياسية”.
وفي تصريحات إعلامية، رجح مراقبون للشأن العراقي “خطوات تصعيدية من حكومة إقليم كردستان ضد السلطات في بغداد على خلفية قرارات المحكمة الاتحادية وفي أعقاب انسحاب قاضٍ كردي منها”.
ويرى المراقبون أن “العلاقة بين بغداد وأربيل مقبلة على “ربيع ساخن”، لكن قدرة الكرد على اتخاذ مواقف كبيرة قد تكون محدودة بسبب الانقسام السياسي بين الحزبين الرئيسيين؛ (الديمقراطي الكردستاني)، و (الاتحاد الوطني)”.
وتقول المحكمة الاتحادية العليا إن “آلية التوطين تتطلب فترة زمنية استناداً إلى كتاب وزارة المالية الاتحادية بخصوص تمويل الحساب”، وأضافت في بيان “لذا فإن من واجب حكومة إقليم كردستان التعاون والتنسيق مع وزارة المالية الاتحادية بهذا الصدد” معتبرة أن الهدف من “قرار المحكمة الاتحادية العليا من عملية توطين الرواتب تكمن بضمان حقوق الموظفين في الإقليم، وحفاظاً على قوتهم وتحقيق العدالة الاجتماعية”.
وتابع البيان أنه “على وزارة المالية الاتحادية ووزارة المالية والاقتصاد في حكومة الإقليم ، الإسراع وبذل الجهود لتحقيق عملية التوطين، على أن يتم صرف رواتب الموظفين الباقين الذين لم تكتمل عملية توطين رواتبهم لأسباب فنية نقداً لحين استكمال عملية توطين الرواتب كاملةً”.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية العليا هذا، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، إثر دعوى تقدّم بها محامون وموظفون من السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، حيث يقيم معلمون إضراباً ويتظاهرون منذ أسابيع نتيجة عدم تلقيهم مستحقاتهم للأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023.
وألزم رئيس المحكمة جاسم العميري في الحكم الذي بثّه التلفزيون الرسمي، الحكومة في بغداد “بتوطين رواتب” جميع موظفي الإقليم بكافة الوزارات والمؤسسات العامة، فضلاً عن المتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية، “لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم”.
وأوضح أن هذه المدفوعات “تخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة وللسنوات المقبلة”. وأضاف القاضي أنه ينبغي على كل الجهات المعنية بهذه الآلية الجديدة “تنفيذ” القرار “دون الرجوع” إلى سلطات الإقليم.
ويلزم القرار كذلك أربيل “بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية”، فارضاً كذلك تدقيقاً على البيانات الخاصة بتلك الايرادات.