فيينا / الأحد 02 . 06 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
يعاني ملايين الأشخاص حول العالم من آلام التهاب المفاصل الحاد، خاصة في الركبتين، مما يعيق حركتهم ويؤثر على جودة حياتهم، مما يدفع الكثيرين في نهاية المطاف للخضوع إلى جراحة “استبدال الركبة”.
لكن، رحلة التعافي بعد هذه الجراحة “ليست سهلة”، إذ تروي ريبيكا ثيم (60 عاما) في تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، عن تجربتها الشخصية في الموافقة بشكل اختياري على جراحة استبدال الركبة، والتغيير الذي طرأ على نمط حياتها.
وحسب دراسة أجريت عام 2023، يخضع ما بين 850,000 إلى مليون مريض سنويا لاستبدال الركبة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 1.2 مليون على الأقل بحلول عام 2040.
ما هي عملية استبدال الركبة؟
وفق الأكاديمية الأميركية لجراحي العظام، تتضمن عملية استبدال الركبة، إزالة الغضروف التالف والأجزاء المصابة بالالتهاب العظمي من عظمي الفخذ والساق، واستبدالها عادة بمكونات معدنية تعمل كسطح للمفصل.
ويصف العديد من المرضى هذه العملية بأنها “قاسية أو شاقة”، إذ تقول أخصائية العلاج الطبيعي، سامانثا سميث: “إنها عملية مجنونة، وتترك المرضى أحيانا في الظلام”.
وتضيف: “لقد تحدثت إلى جراحين حول مدى استعدادهم لمشاركة المعلومات مع المرضى، وقالوا لي إنه إذا عرف المرضى قبل الجراحة ما سيواجهونه على الأرجح، فلن يخضعوا لها”.
في المقابل، يقول الجراحون وفق “واشنطن بوست”، إن جراحة استبدال الركبة هي “الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع التهاب المفاصل الشديد”.
وتظهر الدراسات أن معدل الرضا عن جراحة استبدال الركبة يدور حول 80 بالمئة، وهو رقم قياسي بالنسبة للجراحات الاختيارية الأخرى، وفقا لأخصائي العلاج الطبيعي، الأستاذ في جامعة فرجينيا كومون ويلث بولاية فرجينيا الأميركية، دانييل جيه ريدل.
ويقول جراح العظام المتخصص في الطب الرياضي، نيك دي نوبيلي: “من الصعب العثور على جراحة أكثر أمانا، وعندما تنجح، فإنها تعطي نتائج رائعة”.
ويضيف أنها قد تكون “إجراء يغير الحياة”، لكن بعض المرضى قد يشعرون بعدم الرضا بسبب “توقعات لم تتم تلبيتها”.
“فترة النقاهة”
خضعت ثيم للجراحة في سبتمبر 2022، وتقول: “بعد ساعتين من الجراحة ساعدني زوجي على الوصول إلى السيارة، حيث يجب على معظم المرضى المشي في خطواتهم الأولى خلال ساعتين من الجراحة”.
وتضيف: “بعد حوالي 3 أسابيع من التعافي، أدركت أنني لم أكن مستعدة لما سيحدث خلال الأشهر التالية، حيث تلقيت قبل الجراحة تحذيرات من المخاطر الجراحية النادرة والخطيرة المحتملة مثل جلطات الدم والعدوى، بالإضافة إلى احتياطات محددة لتجنبها. لكن، لم أتلق سوى القليل من الإرشادات حول المشكلات التي يواجهها العديد من المرضى خلال رحلة تعافيهم”.
وتقول: “عانيت من اضطرابات النوم لمدة شهرين تقريبا. وعادة ما يعاني العديد من المرضى من مشاكل النوم لأسابيع، وأحيانا لشهور بسبب الألم، وعدم قدرتهم على اتخاذ وضعية مريحة”.
وتضيف: “كانت المشكلة الأخرى الشائعة الاكتئاب الذي يغذيه الألم وقلة النوم، والتعافي الذي يقيد القدرة على الحركة والاستقلالية”.
ويعاني واحد من كل 5 مرضى يخضعون لاستبدال الركبة من الاكتئاب، بينما يعاني من 15 إلى 20 في المئة من القلق الناجم عن العملية، حسب ما يقول أخصائي العلاج الطبيعي ريدل.
وبينما لم تكن ثيم مصابة بالاكتئاب سريريا، فإنها تشير إلى “معاناة من قلق شديد مع اقتراب موعد الجراحة، والذي ظل مرتفعا مع تعثر إعادة التأهيل”.
وتتابع: “كنت غالبا منهكة بسبب ضعف اللياقة البدنية شبه الكامل، لأنه مثل العديد من المرضى، كنت عاجزة جزئيا خلال الشهرين إلى الثلاثة الأولى، إذ أصبح شعاري: أنا متعبة جدًا من التعب الشديد”.
ويقول الجراحون والمعالجون الطبيعيون، وفق الصحيفة، إن “التعافي الكامل يمكن أن يستغرق من 12 إلى 18 شهرا”.
وكان العلاج الطبيعي الذي خضعت له ثيم صعبا إلى حد كبير، بسبب استجابة عصبية غير مفهومة تسمى “حماية العضلات” والتي أثرت على إعادة تأهيلها.
ويحدث هذا عندما يحاول الدماغ، حماية الركبة المصابة، بـ”إغلاق” عضلات الساق، مما يعيق تمارين العلاج الطبيعي، وفق الصحيفة.
وللتغلب على “حماية العضلات”، تقول ثيم إنها لجأت إلى العديد من العلاجات التي تم اختبارها وساعدت المرضى، بما في ذلك “التدليك اللمفاوي” (أسلوب تدليك يقوم بتصريف السائل اللمفاوي)، وعلاج الموجات الصدمية خارج الجسم (علاج غير جراحي يتم فيه استخدام جهاز لتمرير موجات الصدمة الصوتية للمنطقة المصابة)، والعلاج المائي (ممارسة الرياضة في الماء)، والحجامة.
وبعد 17 شهرا من الجراحة، شعرت ثيم باختفاء الألم الذي كان يسببه التهاب المفاصل في ركبتيها في بعض الأحيان، كما أصبحت تنام بشكل جيد، وتحسنت قدرتها على تحريك الركبة بالكامل والمشي بطريقة صحيحة.
ومع ذلك، تقول: “أصبح توازني وانحناء الركبة، ومدى قدرتي على ثنيها، أسوأ قليلا”.
وتضيف: “الكثير من الناس يشعرون بالدهشة عندما لا أقدم تقييما متحمسا للغاية لجراحة استبدال الركبة.. لكن كانت إعادة التأهيل والتعافي أطول وأصعب بكثير مما كنت مستعدة له”.
نصائح لتجنب الجراحة
كما تشير ثيم في تجربتها إلى أنها “اتخذت الآن خطوات لتجنب أو تأخير استبدال الركبة الأخرى، بعدما نجحت في خسارة حوالي 35 رطلا (16 كيلوغراما) من وزنها”.
ووفقا لبرامج تثقيف المرضى في المملكة المتحدة وكندا وأستراليا، فإن فقدان الوزن والتمارين المحددة والنشاط البدني، يساعد المرضى على تجنب جراحة “استبدال الركبة”، كما يقول ريدل.
وأظهر كذلك بحث تم تقديمه في اجتماع عام 2023 للجمعية الإشعاعية لأميركا الشمالية، وفق “واشنطن بوست”، أن تقوية “عضلة الفخذ الأمامية بالنسبة لعضلة الساق الخلفية قد يكون مفيدا”.
لكن ثيم عادت لتقول: “إذا اضطررت إلى استبدال ركبتي الأخرى، فسأركز بشكل أكبر على اختيار أخصائي العلاج الطبيعي الخاص بي مثل اختيار الجراح”.
وتؤكد هذا سميث، التي تقول: “الجراح يقوم بالعملية، ويتأكد من وضع الغرسة بشكل صحيح، ثم يترك المريض للمعالج الطبيعي، الذي يرافق المريض لأشهر”.
وتؤكد ثيم أن “ركبتها المستبدلة لم تكن جيدة أبدا مثل ركبتها قبل التهاب المفاصل، غير أن التهاب المفاصل هو مرض يضعف بشكل تدريجي المفاصل ولا تعود كما كانت”.
وتختتم بالقول: “إذا اضطررت إلى الخضوع لاستبدال ركبة أخرى، فآمل أن يكون تعافي أقل إرهاقا جسديا وعقليا بفضل خبرة التجربة الأولى، والعلاج الطبيعي الفردي، والتوقعات الأكثر واقعية”.