فيينا / الخميس 13 . 06 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
كفاح الزهاوي
مددت يدي إلى مقبض الباب الذي هرأه الصدأ. حال أن أمسكت به، ترك خطوطه البنية على باطن كفي، ورؤوس أصابعي.
دفعت الباب إلى الداخل، انفتح شيئًا فشيئًا؛ فاهتز المكنون من ثقل الصرير. ما أن ولجت الجوف، حتى داهمني السواد على الفور، فلم أر في هذه الأرض، عدا الضوء الخافت المنبعث في مكان ما هناك بعيدًا في الأفق.
أدركت الطريق بحدسي الذي من المفترض أن يقودني عبر ممر ضيق، وقد أكلت الرطوبة جدرانه، حتى فاحت منه روائح نتنة طافية في الهواء، إلى هدف باتر الحد. غطست في بحر الصمت. كان الصمت في هذا الفضاء المجهول أكثر الأشياء رعبًا. لم أخف الظلام بقدر ما كنت أرتعد خوفًا من الصمت.
بدت المسافة على مدى النظر قصيرة إلى فوهة النور، لكنني أحسست أنها تحتاج إلى سنوات ضوئية من أجل الوصول إلى تلك النقطة. بذلت جهدًا هائلًا كي أصل إلى هناك لدرجة أنني لم أكن أعرف ما إذا كنت أسير على الأرض، أم معلقا في الهواء.
وفجأة، لمحت مخلوقًا غريبًا في الأفق، يمشي كالإنسان، ذو وجه غير مألوف وشعر كثيف يغطي جسمه، يتجه نحوي. لملمت نفسي وأطلقت سيقاني، وعدوت بكل ما أملك من قوة ورباطة جأش حتى فقدت أنفاسي التي سقطت مني في الطريق في أثناء الجري.
توقفت عن الركض، ولهثت كالكلب، التقط الهواء ليتسرب إلى رئتيّ. ينداح صدى موجات في الأرجاء، التفت حولي وأجول ناظري صوب طرف، بدا لي كغلالة في هيأة اللامنظور الغامضة، وبدأت أتخيل نتوءات صغيرة تسبح في الهواء لأشجار عارية الأوراق، هائمة بين السماء والأرض في سكون الطبيعة لا جذور لها. أحاول أن أكتشف خبايا فكري المضطرب الذي يرى ما خفي عن الأنظار، أجد نفسي وسط معمعة ثنائية القطب.