الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / بين غياب توزيع الاراضي وفساد المجمعات السكنية.. اين حق المواطن بالسكن؟

بين غياب توزيع الاراضي وفساد المجمعات السكنية.. اين حق المواطن بالسكن؟

فيينا / الخميس 15. 08 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

عمدت الحكومة العراقية في سبعينيات القرن الماضي، إلى توزيع مساحات من الأراضي على المواطنين، عن طريق النقابات المهنية والمنظمات الشعبية، مما رفع من مستويات الإنتاج السكني للفترة 1975- 1985 (حسب وزارة التخطيط) إلى نحو 50 ألف وحدة سكنية سنويا، وبمعدل نمو يتجاوز بـ7,0 في المئة المعدل السنوي لنمو سكان العراق.

اما الان فقد باتت أزمة السكن عصية على الحل، اذ يعاني العراق نقصاً حاداً في الوحدات السكنية مع الغلاء المعيشي الذي تشهده البلاد، إذ أُجبر كثير من المواطنين على العيش في إيجارات وسط صعوبة شراء مسكن. ومع الأزمة التي انفجرت خلال السنوات الماضية بسبب العدد الهائل من السكان العراقيين وازديادهم سنة بعد أخرى وصل سعر المتر السكني الواحد في المناطق الشعبية إلى ثلاثة الاف دولار أميركي على رغم افتقاره لبعض الخدمات الأساسية.

52 مدينة سكنية

ويحتاج العراق إلى إنشاء 3 إلى 3.5 ملايين وحدة سكنية للحد من الأزمة المزمنة في هذا القطاع، وفي محاولة لتقليص الفجوة باشرت الحكومة بإنشاء 52 مدينة سكنية في المحافظات الوسطى والجنوبية، إلى جانب مجمعات سكنية وقروض متنوعة لبناء وترميم وشراء الوحدات السكنية، في حلول وصفت بـ”الجذرية” لحل المعضلة التي تؤرق الملايين في البلاد.

وتضاعف عدد سكان العاصمة العراقية بغداد فتجاوز 9 ملايين نسمة في إحصائيات رسمية مرتبطة بالبطاقة التموينية، وهذا ما دفع أسعار العقارات للارتفاع أضعافا بسبب زيادة الطلب على المساكن والشقق.

وفي ظل هذه الأوضاع ظهرت فكرة المجمعات السكنية العمودية التي راهن عليها الكثير لمعالجة أزمة السكن في العاصمة لكنها خلقت أزمات أخرى أضرت مباشرة بالوضع البيئي ومظهر العاصمة.

يقول الحقوقي نكتل عبد الحسن في حديث تابعته (المدى): إنه “من الجيد رؤية الاستثمارات في القطاع السكني، لكن في نفس الوقت فإن مشاكل أخرى ظهرت إلى الواجهة نتيجة غياب آلية يتم من خلالها ضبط المجمعات عبر العودة إلى هيئة الاستثمار“.

ويضيف عبد الحسن، أن “بغداد تضم أكثر من 46 مشروع مدن ومجمعات سكنية من بينها بوابة العراق ومجمع زهراء السيدية والنسيم وشركات أخرى”.

ويرى أن هناك العديد من التحديات التي تواجه قانون الاستثمار. الذي قدر تسهيلات للمستثمرين من خلال توفير الأرض من قبل الدولة، الإضافة لمنح إعفاءات ضريبية وجمركية وتسهيلات أخرى“.

وبيّن أن جميع تلك التسهيلات والخطوات لم تحقق هدفها المنشود، ودلل على ذلك بوجود عشوائيات في توزيع تلك المشاريع وغلاء كبير في أسعار الشقق.

وأكد عبد الحسن، أن “المشكلة الأساس تكمن في نفوذ الأحزاب والسياسيين من خلال صناعة شبكات لتسهيل المعاملات لبعض المشاريع دون غيرها، وهو أمر سلبي أدى إلى خشية المستثمرين من العمل داخل العراق”.

عشوائيات

وينتظر الآلاف من سكان العشوائيات وأحياء التجاوز إقرار مجلس النواب مشروع قانون العشوائيات للحدِّ من المشكلة المتفاقمة مع ارتفاع أسعار العقارات.

فيما اوضح المتحدث الإعلامي لوزارة الإعمار والاسكان استبرق صباح، في تصريح صحفي، أن “هناك قانوناً يتم النقاش بشأنه حالياً لحل مشكلة العشوائيات، إذ يبحث معالجة المتجاوزين على الاستعمال السكني داخل حدود التصميم الأساس”.

وبين، أنه “يوجد أكثر من 1552 تجمعاً للسكن العشوائي يسكنها 3.5 ـ 4 ملايين مواطن، يسكنون في 346881 ألف منزل، بنسبة تجاوز 98 بالمئة على الأملاك الحكومية و2 بالمئة على الأملاك الخاصة”.

وأضاف صباح أنه “يفترض أن يحل القانون هذه المشكلات، بالإضافة إلى مراحل من عمليات السكن واطئ الكلفة والمجمعات العمودية والأفقية والمدن السكنية الجديدة”.

فيما أكدت عضو لجنة الخدمات والأعمار النيابية سهيلة الساعدي في وقت سابق، ان تشريع قانون العشوائيات سيحل مشكلة السكن في العراق، مشيرة إلى أن العشوائيات ستملك لساكنيها مقابل بدل نقدي زهيد.

وقالت الساعدي في حديث صحفي تابعته (المدى)، أن “قانون العشوائيات من مشاريع القوانين المهمة التي عطلت طوال الدورات السابقة “.

وأضافت أن “البرلمان ينتظر وصول القانون من الحكومة بغية التصويت عليه داخل مجلس النواب، مشيرة إلى أن ما يقارب 5 ملايين عراقي يسكنون في عشوائيات تنتشر في عموم البلاد“.

وتابعت أن “اللجنة تسعى في هذه الدورة البرلمانية إلى تشريع القانون لما له من أهمية كبرى في التعامل مع الآلاف من أبناء الشعب العراقي”.

يشار الى ان الآلاف من سكان العشوائيات وأحياء التجاوز ينتظرون إقرار مجلس النواب لمشروع قانون العشوائيات للحد من المشكلة المتفاقمة مع ارتفاع أسعار العقارات ومراوحة أزمة السكن مكانها بعد استئثار المستثمرين بغالبية مشروعات الإسكان غير المتاحة أمام ذوي الدخل المتوسط والمحدود.

وتحتل العاصمة بغداد المرتبة الأولى بعدد العشوائيات، إذ لا منطقة فيها تخلو من أحياء التجاوز، وهو أمر تعمل الحكومة على صياغات قانونية له قد يكون منها “تمليك” العشوائيات داخل المناطق المخصصة للسكن، على وفق ضوابط محددة.

بدل نقدي

وأطلقت مؤسسة الشهداء في وقت سابق من هذا العام، استمارة التقديم الإلكتروني لطلبات بدل قطعة الأرض والمنحة العقارية، بين ثلاث شرائـح من مستفيديها ومن خلال بوابة أور الإلكترونية، لكنها خلت من بقية شرائح المجتمع.

وقال رئـيس المؤسسة عبد الإله النائـلي، إن مؤسسته وفي إطار مساعيها الحثيثة لتسهيل إجراءات حصول مستفيدي قانونها على حقوقهم، أطلقت التقديم الإلكتروني لبدل قطعة الأرض والمنحة العقارية عبر بوابة أور الإلكترونية، مضيفا أن البدل النقدي سيشمل ضحايا جرائـم النظام المقبور، والإرهاب، وشهداء الحشد الشعبي.

وبين أن القيمة المادية للبدل لضحايا النظام المقبور وشهداء الحشد، تبلغ 83 مليون دينار للمستفيدين ممن لم يتسلموا قطعة أرض، سواء ضمن بغداد أو جميع المحافظات، بينما ستكون قيمة البدل لضحايا الإرهاب ولسكنة بغداد حصرا، 50 مليون دينار، عازيا ذلك لصعوبة حصولهم على قطعة أرض في العاصمة، بعكس المحافظات.

بينما يعاني ذوي الشهداء من تاخر استلامهم البدل النقدي لتصل الى اكثر من عام كامل، فيما قامت المؤسسة بتقسيم المبلغ الى عدة اجزاء، حيث عبروا ذوي الشهداء عن استيائهم من عدم الاستفادة من المبلغ لكونه لا يفي الغرض ولا يكفي لشراء “نصف قطعة” ارض في العاصمة، بينما اكد اخرون بانه اذ تم التقديم على قطعة ارض فان المؤسسة ستحولنا الى البلديات وبالتالي تقوم الاخيرة باعطائنا اراضي بمناطق بعيدة عن العاصمة بغداد وغير مخدومة.

قروض وفوائد مرتفعة

وتحاول السلطات جاهدة منذ نحو 5 سنوات لمعالجة أزمة الإسكان عبر إطلاق خطط تتلاءم مع التعداد السكاني الذي يتجاوز 43 مليون نسمة، إضافة إلى الاعتماد على إجراءات لتسهيل حصول المواطنين على القروض بفوائد مقبولة.

وكشف مدير عام صندوق الإسكان ضياء الموجد في حزيران الماضي، عن سعيهم لمنح 17 ألف قرض بقيمة 900 مليار دينار خلال العام 2024.

وقال الموجد، في تصريح تابعته (المدى)، إن “صندوق الإسكان العراقي تأسس بموجب قانون رقم 32 لسنة 2011، وأن الهدف منه توفير سكن للعراقيين“.

وأضاف الموجد، أن “عمل صندوق الإٍسكان يقتصر في الوقت الحالي على المواطنين لغرض بناء الدور لهم أو إضافة بناء”، مؤكداً أن “قروض صندوق الإسكان تكون بدون فائدة“.

وأضح، أن “الحد الأعلى لقروض صندوق الإسكان حاليا هي 60 مليون لمدة 15 سنة”، مشيراً إلى أن “صرف القرض يكون على شكل دفعات“.

وتابع الموجد، قائلاً إن “الصرف يعتمد على مرحلة البناء، إذا كان البناء في مرحلة البتلو يتم إعطاء 30%، وفي المرحلة التالية 40%، وعند مرحلة السقف والإنهاءات يتم إعطاء المتبقي 30%“.

ووفقاً لحديث الموجد، فإن في حال كان البناء بمرحلة السقف، يتم إعطاء 70% والمتبقي 30% عند الإنهاءات، مبينا أن “قروض الإسكان يقدم عليها من خلال منصة أور، المنصة الرسمية للدولة العراقية“.

وختم الموجد، حديثه بالقول “من المؤمل منح 17 ألف قرض بقيمة 900 مليار دينار خلال العام 2024″، مبيناً أن “عام 2023 بلغت فيه قيمة القروض الممنوحة 1 تريليون دينار”.

الخبير الاقتصادي محمد الحسني اكد في حديث تابعته (المدى)، إن “أي تمويل او منح قرض لغرض شراء وحدات سكنية يجب أن يكون بتكاليف زهيدة أي تمويل ميسر وبمدد طويلة وبفائدة قليلة”، مبينا ان “المصارف بهذا الشكل لا يكون تمويلها تنموياً وانما تجارياً بقصد الربح“.

واضاف ان “آلية منح الائتمان في العراق هي الأسوأ بين دول العالم من حيث التمويل والتعليمات المعقدة والفائدة المرتفعة جداً”، مردفا بالقول ان “الضمانات والآليات صعبة وآلية استيفاء الفائدة غير عادلة حيث ان نسبة الفائدة تظل كاملة على أصل المبلغ حتى نهاية السداد دون خصم المبالغ المسددة“.

وتتنافس عدد من المصارف الحكومية وخاصة مصرفي الرافدين والرشيد على منح قروض متنوعة وعديدة وفق آليات وتعليمات قد تكون في بعض الأحيان مشددة، فيما يعاني بعض المواطنين من صعوبة الحصول على هذه القروض مقارنة بدول العالم التي غالباً ما تكون هذه القروض موجه نحو الاستثمار الامثل لها.

ويصطدم الكثير من العراقيين وخاصة من الطبقتين المتوسطة والفقيرة بعراقيل وعقبات في سبيل الحصول على عقار سكني جراء الأسعار الباهظة، ورغم ما يتم إنشاءه من مدن ومجمعات سكنية في عموم المحافظات، لكن ما تزال الأسعار لا تتناسب مع قدرة الأغلبية الواسعة من السكان.

المصدر / متابعة خبرية

اترك تعليقاً