أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / كتابات عن السياسة والدين (ح 3)

كتابات عن السياسة والدين (ح 3)

فيينا / الثلاثاء 12 . 11 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

د. فاضل حسن شريف
جاء في كتابات في الميزان عن السياسة أصل الدين السيد السيستاني انموذجاً للكاتب محمد حسن الساعدي: سيد السيستاني وبعد سقوط النظام كان رائداً في الحياة السياسية، ورسم الخطوط العريضة للوضع السياسي للعراق الجديد، ولولا عدم التزام ساسة العراق الجدد بتوجيهاته لكان البلد انتقل الى مرحلة البناء والإعمار وبخطوات سريعة، فكان له الدور الرئيسي في وضع دستور للعراق والتاسيس للجمعية الوطنية وما تلاها من احداث كانت له  المواقف منها. فتواه الاخيرة ” فتوى الجهاد الكفائي ” قلبت الموازين على كل المستويات، كما أنها أحرجت الكثير من القوى السياسية الداخلية، والدول الإقليمية والدولية، ليكون لهم موقف من الوقوف بوجه الاجرام وطرده خارج البلاد. واكب السيد السيستاني كل خطوات ومراحل انتقال القتال في مختلف الجبهات، وكان يواكب كل المواقف والأحداث على جبهات التماس مع الدواعش، وارسل الكثير من الوفود  الداعمة لرجال الحشد الشعبي في الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك، وتقديم الدعم المعنوي والمادي للمقاتلين. اصدر الكثير من التعليمات والفتاوى التي كانت مكملة للفتوى الشهيرة والتي هي الاخرى واكبت الأحداث في جبهات القتال. بيان المرجعية الدينية الاخير ذات الواحد والعشرون بنداً يعتبر وثيقة تاريخية أكثر من كونها ارشادات  وتعليمات وهي بوصلة المؤمنين وصمام امان حقيقي للوطن والمواطن، كما ان هذا البيان يوثق دور رجال الحشد الشعبي وحماية المجاهدين من اي تشويه او تحريف لدورهم البطولي في حماية ارض العراق والوقوف بوجه الارهاب الداعشي الذي كان يحارب باسم الجهاد وباسم الاسلام، فهذا هو جهادهم قتل وذبح وحرق واغتصاب وهتك للحرمات، امام جهادنا حماية أموال واعراض المسلمين كافة دون تمييز، لأن فتوى الجهاد الكفائي حمت ودافعت عن السني قبل الشيعي، فجهادهم اعتداء وجهادنا دفاع. هذه الوثيقة الدولية والتي ينبغي أن تترجم الى جميع لغات الانسانية لانها وضعت ضوابط العمل السياسي والعسكري امام العدو الإرهابي والذي لا يملك الدين ولا الضمير، وليكون خارطة الطريق في الجهاد ضد الارهاب الاسود. لهذا يجب ان يعلم الجميع ان داعش ستقتل السني والشيعي على حد سواء دون تمييز بين مكون وآخر، لانهم هدفهم تمزيق الروابط الاجتماعية بين ابناء البلد الواحد وصهر أي روابط بين الشعب الواحد، فأين الفكر الاسلامي المنفتح من الفكر الإرهابي المنحرف ذات التفكير المتشدد، لهذا ستسقط كل المراهنات الداخلية والإقليمية والدولية في تمزيق البلاد وجره الى أتون الحرب الأهلية والطائفية ليعاد مسلسل الاقتتال الطائفي في 2005، وسيبقى السيد السيستاني ذلك المصد والصمام الذي تسقط أمامه كل المؤامرات التي تريد الشر ببلدنا الجريح. 
جاء في جريدة الأنباء الكويتية عن معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لغير المسلمين: قيم العدل مع الآخر: أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالعدل بين الناس جميعا مسلمهم وغير المسلم منهم، جاء في القرآن (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء 58). وتلقى محمد صلى الله عليه وسلم الآيات فقام بها أتم قيام، فالأمر كان بالعدل بين الناس جميعا دون النظر إلى ذواتهم أو أجناسهم أو دينهم أو حسبهم، فالكل سواسية حتى لو كان صاحب الحق ظالما للمسلمين، فلابد من إعطائه حقه، وأمر القرآن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم أن يحكم بالعدل إن جاءه أهل الكتاب يحكمونه بينهم (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين” (المائدة 42). وفي أكثر من 30 حديثا يشدد محمد صلى الله عليه وسلم على أصحابه على حق المعاهد، وهو من ارتبط مع المسلمين بمعاهدة، فمنها قوله: (من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما). ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ له شيئا بغير حقه، فأنا حجيجه يوم القيامة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهدا في غير كنهه، حرم الله عليه الجنة). ونهى محمد صلى الله عليه وسلم عن تعذيب أي نفس ولم يشترط فيها الإسلام، فقال: (إن الله عز وجل يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا). لقد حفظ محمد صلى الله عليه وسلم وضمن لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي أمنهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فلا يتعرض لها بسوء لا من المسلمين ولا من غيرهم، ماداموا في أرض الإسلام. معاملة حسنة مع الآخر: لقد تركت تعاليم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مبدأ مهما هو أن الأصل في المسلم المعاملة الحسنة مع كل الخلق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم ـ وفي رواية: صالح ـ الأخلاق)، ومكارم الأخلاق مع الجميع سواء، المسلم وغير المسلم. إن التعايش والتفاهم والتعاون بين الأمم والخلق أمر تحتاجه الأنسانية حاجة ماسة، وقد أمر محمد صلى الله عليه وسلم في رسالته بالرحمة في كل جوانبها، وحسن التعامل بشتى وجوهه، تقول آيات القرآن: “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين” (الممتحنة 8)، وفسر علماء الإسلام البر هنا في الآية بقولهم: (هو الرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم، ولين القول لهم ـ على سبيل التلطف لهم والرحمة ـ لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال أذيتهم في الجوار ـ مع القدرة على إزالته ـ لطفا بهم لا خوفا ولا طمعا، والدعاء لهم بالهداية وأن يجعلوا من أهل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم، في دينهم ودنياهم، وحفظ غيبتهم إذا تعرض أحد لأذيتهم). وتتأكد المعاملة الحسنة مع الأقارب منهم، وتصل إلى الوجوب مع الوالدين، فتذكر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال: (نعم صلي أمك). ولما قدم وفد نجران ـ وهم من النصارى ـ على محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة، دخلوا عليه مسجده بعد العصر، فكانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم فقال محمد صلى الله عليه وسلم: (دعوهم)، فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم. هذا، وقد أمر محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين بحسن رعاية أهل الذمة الذين يعيشون في أكنافهم، فمن احتاج منهم للنفقة تكفلوا به، فالدولة مسؤولة عن الفقراء من المسلمين وأهل الذمة، فتتكفل بالمعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونهم، لأنهم رعية للدولة المسلمة، وهي مسؤولة عن كل رعاياها، وقد قال محمد صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته). وحينما مر الخليفة الثاني عمر وهو في الشام على قوم من النصارى مجذومين أمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت عند العجز والشيخوخة والفقر.
جاء في كتابات في الميزان عن حين يفتي العلماني في قضايا الدين للدكتور علي المؤمن: مبادئ الإسلام وتعاليمة وأصوله وفروعه وأحكامه، تفرض بداهةً عدم الفصل بين الإسلام والشأن العام والدولة والسياسة والاقتصاد، فالإسلام هو خاتم الشرائع، ولايمكن أن تكون الشريعة الخاتمة ناقصة. وتتضمن الشريعة الإسلامية كل مايحتاجه الإنسان لتنظيم حياته، سواء في البعد العبادي أو الإجتماعي أو الإقتصادي أو السياسي. وبمراجعة سريعة لأبواب الفقه يمكن الوقوف بسهولة على هذه الحقيقة. أي أن السياسة والعمل السياسي وأهداف العمل السياسي والممارسة السياسة، كلها جزء من الإسلام ومن شريعته، وليست السياسة فعلاً أو فكراً أو هدفاً مستقلاً عن الدين وشريعته، بل هي جزء لا يتجزأ عن الإسلام، ولايوجد فصل مطلقاً بين أجزاء الشريعة الاسلامية، فهي تكمل بعضها. وعليه، لا توجد في الإسلام ثنائية اسمها السياسة والدين. وأرى من الضروري جداً أن يراجع العلمانيون أحكام الشريعة الإسلامية في مصدريها الأصليين (القران والصحيح من السنة الشريفة) والمصادر الكاشفة (الإجماع والعقل)، ليتعرفوا على مستوى موضوعية فتاواهم القاضية بفصل الإسلام عن السياسة والدولة وعموم الشأن العام، وهل إن ذلك ممكناً من منظار الإسلام. أما قياس الاسلام وشريعته الشاملة الكاملة على الديانة المسيحية فهو قياس باطل منهجياً، وكذلك قياس الصراع بين الكنيسة وجماعات التنوير في عصر النهضة الأوربية على علاقة المنظومة الدينية الاسلامية بالواقع الاجتماعي لبلاد المسلمين هو قياس باطل، لأن هناك اختلاف حاسم في الظروف السياسية والبيئة الاجتماعية، فضلا عن الخلاف الأساس بين الشريعة الاسلامية والعقيدة المسيحية، وبين سلطة الكنيسة ودورها وسلطة الشريعة الإسلامية ودور المرجعية الدينية الإسلامية. وبالتالي فالعلمانية التي هي نتاج الصراع بين التنويريين وسلطة الكنيسة في أوربا، هي نتاج محلي أوروبي مفصل على مقاس مخاضاتها وظروفها وصراعاتها الإجتماعية، ولا يمكن فرض هذا النتاج الأيديولوجي على بيئات أخرى مختلفة، كالبيئة الإسلامية. والنتيجة فإن العمل السياسي في الاسلام يقننه الفقه السياسي الاسلامي ويهدف الى تطبيق الشريعة الاسلامية من خلال المرجعية الدينية الاسلامية ومن خلال الدولة الاسلامية.

*****

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة

الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

أي اعتداء او تجاوز ، او محاولة حذف المادة باي حجة واهية سنلجأ للقضاء ومقاضاة من يفعل ذلك

فالجريدة تعتبر حذف اي مادة هو قمع واعتداء على حرية الرأي من الفيسبوك

اترك تعليقاً