الرئيسية / مقالات / ملاحظات بين يدي سقوط دمشق

ملاحظات بين يدي سقوط دمشق

فيينا / الثلاثاء 10 . 12 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

 حسن عطوان

1. ليس خافياً على المطّلعين مدى إجرام السلطة في سوريا مع شعبها ، فالأسد الأب ومن بعده الإبن كانا من الطغاة والجبابرة ، ولذلك كان الموقف الصحيح في بداية التظاهرات هناك أنْ نقف مع شعب سوريا في معركة خلاصه من ذلك الظلم ، ولكن حينما ركبت زمر الوهابية الموجة تبدل الموقف ، فهم أسوء بسنوات ضوئية من ( بشّار ) وزبانيته .
2. لم تأخذ السلطة هناك العبرة ممّا حصل من إحداث ، بل استمرت بغرورها وبالتعامل الفوقي والإجرامي مع أبناء شعبها ، ولذلك عندما دارت دورة الدنيا مرة أخرى لم تجد مَن يدافع عنها ، وتركها المنعّمون بقوتها والمستفيدون منها عند أول إشارات التهديد أو الترغيب ، كعادة أعوان كل سلطة تستند في بقائها على أمثال هؤلاء !
3. ما حصل من تداعيات مفاجئة وراءه محور تركيا قطر جزماً ، وبتواطئ وعلم أميركا واسرائيل .
4. إختيار الوقت كان مدروساً جداً بإنشغال محور المقاومة في لبنان وغزّة ، وبغياب ( سليماني والمهندس ونصر الله ) .
5. لم تعلم ايران ولم تخبرها تركيا إلّا قبل يومين أو ثلاثة بقرار إزاحة ( بشّار ) ، ففوجئت بذلك ، لا سيّما بعد إنسحاب العديد من المقاومين والمستشارين الإيرانيين واللبنانيين ، لشدة الضربات التي وجهتها اسرائيل لهم في سوريا ، ولعل ذلك كان بتواطئ من روسيا ، وبإختراق واضح للمخابرات السورية .
6. هناك إشارات يمكن للمتتبع أنْ يلتقطها تفيد بأنَّ ايران قد رفعت يدها عن دعم الأسد في الأيام الأخيرة .
منها : أنَّ الإعلام الإيراني قد غيّر وصف الجماعات الإرهابية الى المعارضة المسلحة .
ومنها : أنَّ السيد ( عبد الله نظام ) وهو وكيل السيد الخامنئي في سوريا قد طلب من شيعة سوريا – ببصمة صوتية – إلتزام بيوتهم ، ثم ألحق ذلك ببيان مكتوب أنَّ هناك ضمانات لعدم المساس بهم .
ومنها : تصريحات وزير الخارجية الإيراني .
7. ما حصل من إنهيار للجيش السوري لم يكن بسبب المجاميع المسلحة الإرهابية ، بل كان بسبب اتفاقات وضمانات برعاية روسيّة ، إمّا مع قيادات ( علوية ) مهمة ، أو مع ( بشّار ) نفسه ، مقابل خروج آمن له وللمقربين منه ، بعد أنْ عرف أنَّ الحلفاء الصادقين قد أوجعهم الدهر ، ولم يعودوا بالإندفاع والقوة التي كانوا عليها من قبل ، خصوصاً بعد إدارة ظهره للمقاومة ؛ مغتّراً بوعود سعودية لإعادة تأهيله .
8. سيفرح السوريون لبعض الوقت بهامش الحرية التي ستسمح بها السلطة القادمة ، التي يظهر أنّها قرأت الواقع جيداً ، وأرسلت رسائل للجميع بأنّها لن تستهدف أحداً !
ونحن وإنْ كنّا نتمنى لشعب سوريا الإستقرار والإطمئنان الدائم ، لكنّي أقدّر أنَّ فرحه سيكون فرحاً مؤقتاً ، فالذئب لن يتحول الى حملٍ وديع بين ليلة وضحاها ، وإنّما هي مرحلة تكتيكية يعود القوم بعدها لعقيدتهم الإقصائية لكل مَن لا يؤمن بتلك العقيدة .
9. اظن أنَّ سوريا القادمة أمّا أنْ تمر بمرحلة فوضى كما حصل في ليبيا ، وبنحو ما في العراق بعد سقوط الصنم ، أو تكون نسخة من شكل الحكم في تركيا أو السعودية وقطر ، ( عاهرة صائمة ) !!
والقدر المتيقن أنّها ستكون ( مُطَبّعة ) مع اسرائيل من الصف الأول !
10. سيستغل أعداء المقاومة وخصومها ذلك لتحقيق بعض المكاسب ، خصوصاً في حصار ( حزب الله ) ، لكنّي أعتقد أنَّ ذلك لن يؤدي الى كسره .
والقول أنَّ الحزب كان يعتمد بشكل كبير على وصول الدعم له من الجمهورية الإسلامية عن طريق الأراضي السورية ، قلت مراراً في جوابه : إنَّ الله أعظم من أنْ يحصر طريق مثل ذلك الدعم بطاغوت !
11. أمّا ما الذي ينبغي أنْ يكون عليه موقفنا في العراق ، فأقول : ينبغي أنْ نقف إنسانياً مع الشعب السوري بقدر الإمكان ، وأنْ ننتظر حقيقة ما يؤول اليه الوضع السياسي هناك فلا نستعجل بتأييد ولا برفض ، وأنْ نرابط بحذر على حدودنا !
ولعل من المناسب صدور بيان حكومي بتوضيح ذلك الموقف ، وأنّنا مع التغيير مادام في مصلحة الشعب السوري ، ولا يستغل لتهديد الإستقرار في بلدنا .
12. والأهم أنْ نحذر وبشدة من الغدر الداخلي ، فقد يكون ما حصل في سوريا مغّرياً لبعض الحاقدين والطامحين عندنا .
13. قد نرغب بشيء ، ونكره شيئاً ، ولكن لله إرادة أخرى ، وهو أعلم بالمصالح ، ولعل الخير فيما وقع .
اسأل الله سبحانه أنْ يحفظ المؤمنين ومقدساتهم في كل مكان ، وأنْ يأخذ بيد الشعب السوري للموقف الصحيح والإختيار الأصلح ، إنّه الحافظ القادر على كل شيء .

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً