فيينا / الجمعه 14 . 11 . 03 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
عبد الحكيم عامر
العصر-لم تكن قناة الجزيرة مجرد وسيلة إعلامية تنقل الأخبار ، بل هي أداة خطيرة تهدف إلى تفتيت المجتمعات العربية، مستخدمة أساليب التحريض الطائفي والمذهبي، وبثّ خطاب الكراهية لتأجيج الصراعات الداخلية، تعتمد القناة على سياسة انتقائية في تغطية الأحداث، حيث تبرز قضايا معينة وتضخّمها وفقًا لأجنداتها، بينما تتجاهل أخرى إذا لم تخدم مصالحها.
ففي عالم الإعلام، لا توجد براءة، ولا تتحرك القنوات الكبرى إلا وفق مصالح من يمولها ويديرها، وقناة الجزيرة ليست استثناءً، بل هي نموذج صارخ للإعلام الممول، الذي يخدع الجماهير بشعارات الحرية والاستقلالية، بينما يتحرك وفق أجندات مرسومة بدقة، هذه القناة، التي بدأت بشعارات “الرأي والرأي الآخر”، لم تكن سوى أداة لإعادة تشكيل وعي المشاهد العربي، بما يخدم مصالح قوى إقليمية ودولية، وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل.
بوق إعلامي لخدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية
لا شك أن قناة الجزيرة كسرت النموذج التقليدي للإعلام العربي، حيث استطاعت تجاوز الرقابة الرسمية، وطرحت قضايا حساسة كانت محظورة في الإعلام الحكومي.
لكن السؤال الأهم: لماذا سُمح لها بكسر هذه القواعد؟ ولماذا تتبنى قضايا معينة وتتجاهل أخرى؟
عند تحليل مسار الجزيرة، نجد أنها لم تكن يوماً صوتاً للمستضعفين كما تدّعي، بل كانت منصة مُوجهة بدقة، تخدم أهداف من يرعاها لأجندة غربية، فمنذ نشأتها، لعبت دورًا محوريًا في تمرير المشاريع الأمريكية في المنطقة، عبر الترويج لمفاهيم جديدة تتماشى مع أجندة العولمة وإضعاف الهوية الإسلامية والقومية.
كما أنها لم تخفِ علاقاتها بإسرائيل، حيث استضافت مسؤولين صهاينة على شاشاتها، وروّجت لأطروحاتهم بشكل غير مسبوق في الإعلام العربي، فهل كان ذلك جزءًا من نهج “الرأي والرأي الآخر”؟ أم أنه تطبيع إعلامي ممنهج؟
الجزيرة.. انتقاء الأزمات واستغلال العواطف
أحد أبرز أساليب الجزيرة هو الانتقائية في تغطية الأحداث، فعندما كانت المجازر تُرتكب في غزة، ملأت شاشاتها بصور الضحايا، لتظهر بمظهر القناة المناصرة للقضية الفلسطينية، لكن هل كان ذلك نابعًا من موقف مبدئي؟ أم أنه مجرد استثمار في العواطف، لكسب المصداقية تمهيدًا لاستخدامها لاحقًا في قضايا أخرى؟
وعندما تحوّلت الكاميرا إلى سوريا، سقطت أقنعة الحياد، وقفت الجزيرة في صف الجماعات التكفيرية، وشرعنت جرائمها بحق المدنيين، وصنعت لها هالة “الثورة”، رغم أن أيديها كانت تقطر بدماء الأبرياء، لم نرَ دموع مذيعيها على أطفال سوريا الذين ذُبحوا بوحشية، ولم نشاهد تقاريرها عن المدن التي دمّرتها الفوضى المسلحة.
دور الجزيرة في تفكيك الدول العربية
في كل بلد عربي شهد اضطرابات، كانت الجزيرة حاضرة، ليس لنقل الحقيقة، بل للمساهمة في إشعال النيران، فمن العراق إلى ليبيا وسوريا واليمن، كان الخطاب الإعلامي للقناة يصب في اتجاه دعم الفوضى، وتضخيم بعض الأصوات، وتهميش أخرى، وفقًا لما يخدم مصالح داعميها.
لم تكن مجرد قناة إخبارية، بل غرفة عمليات نفسية تهدف إلى تحريك الجماهير، وإعادة تشكيل وعيهم وفق أجندة غربية، فبينما كانت تبكي على ضحايا غزة، كانت تحتفي بمن يذبح الأبرياء في سوريا، وتُبرر جرائم أدواتها في المنطقة.
حقيقة الجزيرة واضحة لمن أراد أن يراها هي ليست مع فلسطين، ولا مع الشعوب، ولا مع الحرية، ولا مع الإسلام، هي مع من يدفع ويموّل، ومع الأجندات التي تتقاطع مع مصالح امريكا وإسرائيل في المنطقة.
لقد أصبحت الجزيرة نموذجًا صارخًا للإعلام المسيس، الذي لا يبحث عن الحقيقة، بل يسعى لتوجيه الرأي العام بما يخدم مشاريع مشبوهة تهدف إلى تقسيم المجتمعات، وإشعال الفتن الطائفية، إن ما تقوم به القناة لا يختلف عن الحرب الإعلامية الموجهة، حيث تُستخدم الأكاذيب والتضليل كأدوات لتحقيق أهداف سياسية محددة. ومن هنا، فإن الوعي بخطورة هذا الإعلام المنحاز هو مسؤولية كل من يسعى للحفاظ على وحدة الشعوب، بعيدًا عن الدعاية المسمومة التي تسعى الجزيرة إلى ترسيخها.
لذلك، لا ينبغي أن ننخدع بدموع المذيعين، ولا بشعارات الحرية التي ترفعها الجزيرة، فالحرب الإعلامية لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية، و”الجزيرة” ليست سوى سلاح في يد من يريدون تفكيك الأمة وإعادة تشكيلها وفق رؤى استعمارية جديدة.
فاحذروا هذا السلاح، ولا تسلموا عقولكم لمن يعبث بها باسم “الإعلام الحر”.
للأشتراك في مجلة تحليلات العصر الدولية أضغط على الروابط التالية:
المصدر / مجلة العصر الدولية
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات