فيينا / الأحد 11 . 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
منذ توقيع اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة عام 2008، لا تزال بنودها المثيرة للجدل تلقي بظلالها الثقيلة على السيادة العسكرية العراقية.
فقد تحولت هذه الاتفاقية التي وُصفت في حينها بالشراكة طويلة الأمد، إلى قيد يحد من تطور الجيش العراقي ويمنعه من الحصول على طائرات ومنظومات دفاع متقدمة، وهذا الواقع أدى إلى خلل في توازن القوة الإقليمية، وعرض البلاد لاختراقات أمنية متكررة من دون قدرة ردع فعالة، وبحسب خبراء عسكريين ومراقبين للشأن الأمني، فإن واشنطن لا تريد أن تدعم العراق في بناء جيش قوي ومتكامل، إذ رأى المحلل السياسي قاسم التميمي، ان امريكا تعمل على ابقاء العراق ضعيفاً والاجواء مستباحة أمام الطيران الصهيوني من أجل تنفيذ مخططاته وعمليات الاغتيال في الزمان والمكان المناسبين لها.
وقال التميمي لـ /المعلومة/، إن “امريكا تضع فيتو على العراق وتمنع حصوله على الاسلحة والمنظومات الخاصة بالدفاع الجوي المتطورة، وذلك من اجل ضمان تحقيق مآربها وترك الاجواء متاحة امام الطيران الصهيوني”.
وأضاف أن “واشنطن تسعى لإبقاء الدول غير المطبعة مع الكيان الصهيوني ضعيفة عسكرياً ولا تمتلك سيطرة على اجوائها، وذلك من اجل استخدام هذه الاجواء لضرب دول اخرى وضمان عدم الوقوف بوجه اي مخططات اجرامية تروم امريكا وحلفائها تنفيذها”.
وبين أن “القوات الامريكية تتواجد في العراق بحجة اتفاقية الإطار الاستراتيجي، الا ان بنود هذه الاتفاقية غير مفعلة على ارض الواقع، وبالتالي فأن أمريكا تتخذ من هذه الاتفاقية ذريعة للتواجد على ارض العراق وتمنع بموجبها البلاد من التزود بالسلاح الذي تحتاجه للسيطرة على الاجواء”.
قرارات سيادية “منقوصة”
أكد المحلل السياسي كاظم الجحيشي، أن الاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق والولايات المتحدة تقيد حرية القرار العسكري العراقي وتحد من قدرته على عقد صفقات تسليح مع دول العالم.
وأوضح الجحيشي في تصريح لوكالة /المعلومة/، أن “العراق كان قد دخل في مفاوضات مع باكستان لشراء طائرات عسكرية، إلا أن الصفقة أُلغيت لاحقاً بعد تقديم الخبراء والفنيين في الحكومة اقتراحات بالاتجاه نحو دول كبرى منتجة لطائرات تضاهي الجودة الأمريكية، وهو ما دفع بغداد لاختيار فرنسا كبديل”.
وأضاف أن ” عدم لجوء العراق إلى عقد صفقة تسليح مع الجانب الصيني يرجع إلى الاتفاقية الأمنية مع واشنطن التي تفرض على العراق إشعار الجانب الأمريكي بأي صفقة تسلح، بما يشمل الطائرات، الأجهزة، المضادات، والمعدات العسكرية الأخرى، وهو ما يعني خضوع العراق للموافقة الأمريكية في هذا الشأن لاسيما وأن الصين تعتبر المنافس الشرس للولايات المتحدة”، موضحاً أن “هذا التقييد لا يقتصر على الصين فحسب بل أي عقد أو اتفاقية تسليح لا تمر إلى بموافقة أمريكية”.
وأشار إلى أن “حتى صفقة الطائرات الفرنسية تخضع لمستوى الإذن الأمريكي”، موضحاً أن “تصنيف الإشعار الأمريكي من نوع “أ” يسمح بتزويد العراق بكامل معدات الطائرات وقدراتها القتالية، أما إذا كان التصنيف “ج”، فإن الصفقة تقيد بشروط الاتفاقية الأمنية، ما يجعل العراق تابعاً في قراراته العسكرية”.
وتجدر الإشارة إلى أن العراق عقد صفقة لشراء اثنتي عشرة طائرة من شركة رافال الفرنسية من طراز F4، كما درس العراق إمكانية شراء طائرات جي الف 17 ثندر من باكستان، ومع ذلك، في معرض الدفاع العراقي الأخير، أكد ممثلون باكستانيون إلغاء صفقة الطائرات الباكستانية.
استقلال القرار الوطني
وبهذا الشأن، يؤكد عضو ائتلاف دولة القانون عمران كركوش لـ /المعلومة/، أن “الوضع التسليحي للعراق يمثل معضلة حقيقية لا تحل سوى باستقلال القرار الوطني، كي تكون هناك سياسة واضحة لإقناع الولايات المتحدة بتزويد البلد بالعتاد والسلاح، في وقت تدعي فيه أمريكا أنها موجودة في العراق ويمكنها تقديم خدمات دفاعية، لكن الواقع أن الأمريكيين يمنعون ويعطلون تسلح العراق بمعدات قوية ومتطورة”.
ومن جانبه دعا السياسي المستقل عباس المالكي، الحكومة او البرلمان لإيجاد حل يمكن العراق من تسليح نفسه بالأسلحة التي يراها مناسبة لحاجته، ووضع حد للقيود المفروضة من قبل الجانب الأمريكي وفقاً لمعاهدة الإطار الاستراتيجي”.
وأوضح أن “الاتفاقية مع أمريكا يفترض بها أن تمكن العراق من الوقوف على قدميه والدفاع عن نفسه وأن ينطلق سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً، لكن أن تتحول هذه الاتفاقية إلى علاقة مكبلة للعراق فهذا يعني أن هناك غايات أخرى لدى الإدارات الأمريكية ضد العراق”.
في ظل تزايد المطالب الوطنية بإعادة النظر في الاتفاقية أو إلغائها، تبدو الحاجة ملحّة لتحرير القرار العسكري العراقي من قيود الشراكة غير المتكافئة. إن السيادة لا تستعاد بالشعارات، بل بإرادة سياسية تضمن للعراق جيشاً قادراً على حماية سمائه وأرضه من دون وصاية أو تدخل خارجي.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات