الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / خور عبد الله.. معركة دبلوماسية بين قرارات السيادة وإملاءات الخارج

خور عبد الله.. معركة دبلوماسية بين قرارات السيادة وإملاءات الخارج

فيينا / الأثنين  02 . 06 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

وسط صمتٍ عربيٍ مريب، وسلوكٍ خليجيٍ يفتقر إلى أدنى درجات الحياد والموضوعية، يطلّ مجلس التعاون الخليجي في بيانه الأخير ليصطفّ بصورة فجة خلف الموقف الكويتي بشأن اتفاقية “خور عبدالله”، متناسياً الحقائق التاريخية، والوقائع الجغرافية، والسيادة العراقية التي يحاول البعض طمسها تحت ذرائع دبلوماسية وقرارات أممية مجتزأة. البيان الخليجي لم يكن مجرد موقف داعم للكويت، بل جاء محمّلاً بلغة فرض الوصاية على العراق، ومحاولة إملاء توجهات لا تراعي السيادة الوطنية ولا مصالح العراق الاستراتيجية، في تحدٍ صريح لإرادة القضاء العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية العليا.
ما صدر عن مجلس التعاون لا يمكن فهمه إلا كاصطفاف سياسي يخدم أجندة طرف دون آخر، ويكرّس الانحياز الواضح لصالح الكويت، ضارباً عرض الحائط مبدأ التوازن والمساواة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية والمنظومة الخليجية. وهو بذلك ينقلب على مفاهيم ما يسمى بالأخوة العربية والتكامل الإقليمي، ويتجاهل أن العراق لا يسعى للتصعيد بقدر ما يطالب بحقه المشروع في حماية حدوده البحرية ومنافذه الاقتصادية الحيوية. فهل باتت سيادة العراق خاضعة لتصويت مجالس خارجية؟ وهل أصبح قرار المحكمة العراقية عُرضةً للمزايدات الخليجية التي تُصاغ بمداد سياسي لا قانوني؟

  • خور عبد الله.. معركة دبلوماسية بين قرارات السيادة وإملاءات الخارج

*حصار العراق اقتصاديا
وبشأن هذه الموضوع انتقد النائب محمد عنوز، اليوم الاثنين، موقف الجامعة العربية إزاء اتفاقية خور عبد الله، واصفاً البيان الأخير الصادر عنها بأنه منحاز للكويت على حساب السيادة العراقية، فيما شدد على أن أي تفريط بأراضٍ عراقية هو “تنازل مرفوض وخطير” ستكون له تبعات اقتصادية وأمنية جسيمة.
وقال عنوز في تصريح لـ /المعلومة/، إن “خور عبد الله هو جزء لا يتجزأ من الأراضي والمياه الإقليمية العراقية، وأي محاولة للتقليل من أهميته أو التنازل عنه تعد خنقاً للمنفذ البحري العراقي الوحيد، وبالتالي تهديد مباشر لمستقبل العراق الاقتصادي”.
وأضاف، أن “بيان الجامعة العربية الأخير لم يكن محايداً، بل عكس انحيازاً واضحاً لموقف الكويت، متجاهلاً حقوق العراق التاريخية والجغرافية في الخور، وهو أمر لا يمكن القبول به دبلوماسياً أو سياسياً”، مشيراً إلى أن “الدولة الوحيدة المتضررة من هذه الاتفاقية هي العراق، بينما تستفيد منها الكويت اقتصادياً واستراتيجياً”.
وأشار عنوز إلى أن “تضييق الخناق على العراق في منفذه البحري الوحيد يُعد تهديداً للأمن القومي ويقوّض سيادة البلاد، كما أن الصمت الحكومي حيال هذا الملف يثير القلق”.

*رفض برلماني
والى ذلك جدد النائب رائد المالكي، دعمه لقرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بإبطال قانون المصادقة على اتفاقية خور عبدالله، مؤكدًا أن هذا القرار يُعد “شأنًا داخليًا ودستوريًا عراقيًا خالصًا”، ولا يجوز لأي طرف خارجي التدخل فيه، بما في ذلك مجلس التعاون الخليجي.
وقال المالكي في تدوينة تابعتها وكالة / المعلومة /: “نرفض وبشدة محاولات التدخل في هذا الملف، لا سيما من قبل مجلس التعاون الخليجي، فالعراق دولة ذات سيادة، وقرارات المحكمة الاتحادية ملزمة وواجبة الاحترام”.
وأضاف أن “الاتفاقية باطلة من الأساس لمخالفتها للدستور العراقي”، مشيرًا إلى أن “الاعتراض المقدم من قبل الحكومة ورئيس الجمهورية أمام المحكمة بشأن قرار الإبطال سيكون محل متابعة دقيقة من قبل مجلس النواب”.
وشدد على أن “البرلمان سيتخذ الإجراءات اللازمة لإجبار الجهات المعترضة على سحب الطعن أو العمل على رده قضائيًا”.
وأكد المالكي أن “الدفاع عن السيادة الوطنية والثوابت الدستورية مسؤولية لا يمكن التنازل عنها تحت أي ظرف”، داعيًا “جميع القوى السياسية إلى توحيد المواقف في هذا الإطار”.
البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي لا يمكن قراءته إلا باعتباره محاولة مكشوفة لفرض أمر واقع على العراق، في سياقٍ يعكس فهماً قاصراً للعدالة الدولية، واستهانةً مرفوضةً بقرار قضائي سيادي صادر عن أعلى سلطة دستورية عراقية. فبدلاً من أن يكون المجلس منصّة لتعزيز التفاهم والتقارب العربي، تحوّل إلى أداة ضغط سياسي لا تختلف كثيراً عن البيانات المعلّبة التي تُكتب بأقلام لا ترى أبعد من حدود المصالح الضيقة.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً