فيينا / السبت 14. 06 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
في لحظة فارقة من عمر الصراع الإقليمي، تجاوزت تداعيات العدوان الصهيوني الأخير على الجمهورية الإسلامية الإيرانية حدود الضربة العسكرية لتلامس جوهر التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتعيد تشكيل معادلة الردع بين طهران وتل أبيب.
فمع توالي الأحداث، ظهر المشهد أكثر تعقيداً من مجرد قصف أو رد، حيث بات صدى الصواريخ والمواقف يتردد في مراكز صنع القرار من واشنطن إلى تل أبيب، مرورًا بعواصم المنطقة الملتهبة.
ما بين تأكيد القيادات السياسية والأمنية في طهران على تماسك الجبهة الداخلية، ودعم شعبي واسع اختبرته الشوارع الإيرانية، بدت إيران وكأنها تحوّل الضربة إلى منصة لإثبات القوة لا موضع للانكسار. وفي المقابل، وقفت إسرائيل أمام مفاجأة استراتيجية غير متوقعة، أربكت حسابات مؤسستها الأمنية التي لطالما بنت سيناريوهاتها على ردود إيرانية غير مباشرة أو محسوبة بدقة.
المراقبون يرون في هذا التصعيد تحوّلاً نوعيًا في قواعد الاشتباك، حيث لم تعد خطوط النار واضحة، ولم يعد الردع مقتصرًا على الشعارات، بل ترجم إلى أفعال ميدانية غيّرت شكل المعادلة، ودفعت الأطراف كافة إلى مراجعة تكتيكاتها واستراتيجياتها. وبين ضجيج المواجهة، يلوح سؤال أساسي: هل دخلت المنطقة مرحلة جديدة من الصراع المفتوح أم أننا نشهد ملامح ميزان ردع قيد التشكل؟
*إحباط مؤامرة كبرى
وفي سياق هذا التطور، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق، أيوب الربيعي، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستخرج من العدوان الصهيوني أكثر قوة وثباتاً، مشيراً إلى أن تماسك الداخل الإيراني أحبط مؤامرة كبرى لتفتيت وحدة البلاد.
وقال الربيعي في حديث لـ/المعلومة/، إن “العدوان الذي تعرضت له إيران خلال اليومين الماضيين، كان مخططاً له من قبل الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية، ونفّذه الكيان الصهيوني بطريقة غادرة، ضمن محاولة لإشعال شرق أوسط جديد بلغة النار والرصاص، واستهداف أي دولة ترفع شعار (كلا للغطرسة الغربية)”.
وأضاف، أن “إيران ستخرج من هذا العدوان أكثر قوة، لأنها تسير في مسار صحيح يستند إلى الثوابت الوطنية والدينية”، مؤكداً أن “ردّ إيران البطولي على الكيان الصهيوني خلق عامل ردع مهم، وأثبت فشل المشروع الأميركي في خلق فوضى داخلية”.
وأشار الربيعي إلى أن “التفاعل الشعبي الواسع داخل إيران، وتضامن الشعوب الإسلامية معها، أجهض المؤامرة التي كانت تهدف إلى تمزيق وحدة البلاد وزعزعة استقرارها”، لافتاً إلى أن “إيران أثبتت مجدداً أنها عصية على الكسر، وقادرة على ردّ الصاع صاعين”.
*إرباك الحسابات
وفي السياق ذاته، أكد مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، عماد أبو عواد، أن الهجوم الإيراني الأخير على الكيان الصهيوني شكّل مفاجأة استراتيجية أربكت حسابات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والإدارة الأمريكية على حد سواء.
وقال أبو عواد في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن “كل التقديرات الإسرائيلية كانت مبنية على فرضية أن طهران لن تقدم على رد مباشر أو قوي، وأنها ستكتفي برد غير مباشر أو العودة لطاولة المفاوضات بعد أي ضربة محدودة”، مضيفاً أن “الرد الإيراني الأخير جاء مغايراً لكل التوقعات، حيث حمل طابعاً مباشراً وقوياً، ما خلط أوراق تل أبيب وواشنطن بشكل كامل”.
وأوضح أن “هذا التحول في طريقة الرد الإيراني يعكس تغييراً جوهرياً في قواعد الاشتباك، ويؤسس لمرحلة جديدة من الردع المتبادل قد تمتد آثارها إلى كامل المنطقة”.
وسط مشهد إقليمي مضطرب، تتجه الأنظار إلى ما بعد الرد، حيث لم يعد الصمت الإيراني خيارًا، ولا التفوق الإسرائيلي حتميًا، ما ينبئ بفصل جديد من المواجهة تُرسم ملامحه بالنار… والحسابات الدقيقة.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات