السيمر / الأحد 11 . 12 . 2016 — لم تكن تصرفات قيادات التنظيم بمثل هذا التخبط سابقا خصوصا في العراق، بين فقدان هدى ما يجب عمله والمشاكل الداخلية التي حولت التنظيم الى عصابات هاربة ومشتتة في جانب، وارى مفرقة في جانب اخر، اما وطأة الضربات المستمرة من القوات العراقية وحلفائها.
التنظيم وفي خضم ما يواجهه من دمار، تحول أساس قوته، وهم عناصره، الى عبئ عليه بسبب عمليات الهرب والتفرقة والتي وصل بعضها الى حد سرقات موارد التنظيم والهرب بها، والناتجة عن انخفاض اعداد المتطوعين والمعنويات، بسبب الهزائم، حاول ان يعيد شيئا من الثقة الى اتباعه، عبر استخدام عدة مقاربات دعائية، كان اخرها، اللعب على ورقة المؤامرة.
تنظيم داعش، على علم بما يتم تداوله عبر وسائل الاعلام المحلية في العراق، عن كونه تنظيما ممولا أمريكيا، في الوقت الذي تقود فيه الولايات المتحدة تحالفا ضده، وعليه، فان التنظيم يحاول اللعب على هكذا فكرة، لخلق حالة قوة جديدة، توجه الى الجانب الاخر من الساتر، نحو العراقيين، لتضعهم امالهم شبه المؤكدة في الانتصار.
الأسلوب هذا، تم عبر قيام التنظيم باطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعية، وقنوات اتصاله بالعالم، تظهر عناصر للتنظيم، وهم يتسلمون أسلحة أمريكية، او يستخدموها، من العينات الخفيفة والمتوسطة، في محاولة لايصال رسالة الى القوات العراقية وحلفائها، بان التنظيم سيرد قريبا بهجمة مضادة قوية، بسبب وجود دعم امريكي له.
الإدارة الامريكية من جانبها، لطالما قللت من أهمية هكذا ادعائات، خصوصا مع إعلانها ارسال 1700 جندي من قوات الفرقة 82 المجوقلة ذات التاريخ المعروف ابان أيام الحرب العالمية الثانية، لتساعد القوات العراقية في التسريع من عملية القضاء على التنظيم، وخصوصا مع قرب نهاية فترة حكم الحزب الديمقراطي، ممثلا باوباما، والتي يهدف بما تبقى خلالها من أيام، ان ينهي وجود التنظيم في العراق، كي تحسب له ولحزبه في الانتخابات القادمة، والجدالات السياسية المقبلة.
اما على صعيد الأسلحة ذاتها، فان مصادرها قد تباينت كتلك التي وصلت الى ايدي التنظيم من أصول سوفيتية وروسية واوربية أيضا، عبر السوق السوداء، فيما كان الجزء الأكبر منها، قد استحصل عليه بعد سيطرة التنظيم على القواعد العسكرية العراقية في شمال العراق، ونقله لعدد كبير من المعدات الامريكية التي كانت قد منحت الى الجيش العراقي بعد انسحاب نظيرها الأمريكي عام 2011، الى سوريا ومناطق أخرى، ليتم استخدامها في وقت لاحق، وهو الوقت الذي قد حان الان براي الخبراء.
فيما يخص المصادر الأخرى، فان أهمها أيضا، كان تلك الشحنات التي تبرعت بها الولايات المتحدة الى ما يعرف بثوار بنغازي، ابان فترة الثورة الليبية على نظام معمر القذافي، حيث تم نقل معظم هذه الأسلحة عبر السوق السوداء من لبيبا، ثم تركيا، واليها للعراق او سوريا، واستخدمت فعلا في عمليات عسكرية استهدفت العراق وسوريا خلال العامين الماضيين.
ما ورد سابقا، لا ينفي حقيقة ما تداوله الاعلام الأمريكي، حول وجود عمليات مشبوهة قامت بها وكالة الاستخبارات الامريكية، تضمنت نقل شحنات أسلحة الى منظمات جهادية ليبية وأخرى سورية، في المراحل الأولى لبدا الصراع الأهلي قبيل ظهور تنظيم داعش، كمبادرة مناورة من الولايات المتحدة، للتاثير في مجرى هذه الاحداث، والتي أدت في النهاية، الى التحول من ايدي تلك التنظيمات والجماعات، الى داعش، كونها انضمت الى داعش أيضا، بعد استعار الحرب بشكل اشد.
بشكل ما، فان الولايات المتحدة كانت فعلا من جهز جزء كبير من تسليح داعش بدون قصد، حين مولت فصائل واطراف “ثائرة” على حكوماتها المحلية، دون ان تضع لذلك نظام تتبع او سيطرة على تدفق تلك الأسلحة، والتي بدورها الت الى يد التنظيم، وساعدت في تكوينه بشكله النهائي.
بعض هذه الاحداث تم تضخيمها الى الدرجة التي اعتبرت خلق تنظيم داعش متعمد من قبل الولايات المتحدة، الامر الذي تحاول داعش الان اثباته وبناء صورة على أساسه، لتخلق لنفسها نوعا من الحصانة على ارض المعركة، عبر ايهام المقابل، بان التنظيم مدعوم من احد اقوى الدول العظمى واكثره تاثيرا على المجتمع الدولي، لتحد من عزيمة من يحاول تدمير دولة هذا التنظيم.
وان نيوز