المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية — التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس في سوتشي بولي ولي العهد السعودي، وزير دفاع محمد بن سلمان آل سعود، حيث تركز البحث بحسب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الملف السوري.
و أكد لافروف أن الرئيس الروسي بوتين ووزير الدفاع السعودي أكدا تطابق أهداف موسكو والرياض في ما يتعلق بالأزمة السورية، مشيراً إلى أن بوتين أعرب لوليّ وليّ العهد السعودي عن تفهم روسيا لقلق الرياض إزاء الوضع في سورية، مؤكداً موقف موسكو الرافض لإمكان إقامة «خلافة إرهابية» في هذا البلد.
وأكد الوزير الروسي أن الطرفين بحثا في سبل تنفيذ اتفاق جنيف المعني بالأزمة السورية، وقال: «الهدف الثاني الذي نتقاسمه مع أصدقائنا السعوديين، هو بأن تشهد سورية مصالحة وطنية وانطلاق العملية السياسية»، وأضاف: «لقد ناقش كلّ من الرئيس الروسي وولي ولي العهد السعودي، الخطوات اللازمة للبدء بهذه العملية السياسية، أي الانتقال إلى التحول العملي لتنفيذ اتفاق جنيف حزيران 2012 ».
من جانب آخر، أعرب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن رغبة الرياض في تحسين العلاقات مع موسكو، وفي التوصل إلى أرضية مشتركة تحفظ وحدة الدولة السورية، وأكد أن الجانب السعودي أعرب لموسكو عن قلقه إزاء العملية الجوية التي تخوضها روسيا في أجواء سورية، فيما شرحت موسكو أن هدفها الرئيسي في سورية هو محاربة تنظيم «داعش».
وأضاف الوزير السعودي أن الرياض في نظرتها إلى سبل حلّ الأزمة السورية لا تزال متمسكة بحكومة انتقالية تؤدي في النهاية إلى رحيل الأسد ودعم المعارضة السورية المعتدلة، مضيفاً أن المملكة ستواصل العمل مع روسيا على بلورة موقف موحد على أساس بيان جنيف، من أجل الحفاظ على وحدة الدولة السورية.
وكان الرئيس الروسي قد التقى في وقت سابق بوليّ عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية محمد بن زايد آل نهيان، في مدينة سوتشي الروسية.
وتناول اللقاء التطورات في الشرق الأوسط، وبخاصة في ضوء الجهود الروسية والإماراتية المبذولة في مكافحة الإرهاب الدولي، كما تطرّق الطرفان الى القضايا الدولية والإقليمية الملحة.
وقال بوتين في مستهل اللقاء إنه يودّ التطرّق للموضوعات المتعلقة بالعلاقات الروسية ـ الإماراتية في مختلف المجالات. كما اقترح تبادل الآراء حول حالة الأمور في منطقة الشرق الأوسط ولا سيما في سورية وتركيا من زاوية ضرورة مكافحة الإرهاب في شتى تجلياته.
وفي السياق، أكد الرئيس بوتين في مقابلة تلفزيونية في وقت سابق من أمس، أن العمليات العسكرية الروسية ضد الإرهاب في سورية ستستمر بالتوازي مع عمليات الجيش السوري، وقال: «لا يمكننا أن نأخذ على عاتقنا التزامات إضافية، ولم نفعل ذلك أبداً، أنا قلت منذ البداية، أن المرحلة النشطة من عملنا ستكون محدودة بانتهاء عمليات هجوم الجيش السوري».
وأكد أن «مهمة العسكريين الروس في سورية تكمن في العمل على تأمين الاستقرار فيها وتوفير الظروف لإيجاد حل سياسي للأزمة» مشيراً إلى أن المشاركة في عملية برية أمر مستبعد وهو ما يعرفه أصدقاؤنا السوريون.
وأضاف بوتين: «إذا أظهر الجيش السوري قدرته واستعداده لمكافحة الإرهاب فإن احتمال التوصل إلى حلول سياسية سيزداد كثيراً» لافتاً إلى أن روسيا لا تريد بناء أي إمبراطورية أو التدخل في أي نزاعات طائفية بأي حال من الأحوال كما أنها لا تفرق بين المذاهب الإسلامية.
وأوضح أن عمليات القوات الروسية في سورية جاءت بعد إعداد دقيق مشيراً إلى أن كل ما يجري في السماء وعلى الأرض ليس أعمالاً عفوية بل تنفيذ للخطط المرسومة. وقال: «حضرنا أنفسنا لهذه العمليات القتالية وقمنا بتدابير مسبقة تمثلت في أننا حشدنا في المكان اللازم وفي الوقت المناسب ما يكفي من القوى والوسائل والذخائر وقمنا لوقت طويل بعمليات استطلاع من الفضاء وأجرينا المقارنة بين شتى المعطيات التي حصلنا عليها وأنشأ اختصاصيو هيئة الأركان العامة بالتعاون مع الشركاء وبلدان المنطقة مركزاً إعلامياً في بغداد وحصلنا بنتيجة تبادل المعلومات على معطيات إضافية».
وأشار الرئيس الروسي إلى أن بلاده أبلغت مسبقاً الشركاء الغربيين بعملياتها ضد الإرهاب في سورية تأكيداً على انفتاحها للتعاون لافتاً إلى أن موسكو لن تفقد الأمل في انضمام بلدان أخرى إلى عملياتها في سورية.
واستغرب رفض الشركاء الأجانب تقديم أي معطيات عن أهداف لتنظيم «داعش» إلى الجيش الروسي، وقال: «إن الشركاء ادعوا أنهم يعرفون أفضل منا وهذا ما نشكّ به فطلبنا منهم إحداثيات الأهداف لنضربها ولكنهم رفضوا».
وأشار بوتين إلى أن روسيا تسلّمت مقترحات من الولايات المتحدة للتعاون بهدف تجنّب أي حوادث جوية في سورية، لافتاً إلى أن ذلك أفضل من لا شيء في المرحلة الاولى ومعرباً عن الأمل في القيام بخطوات لاحقة والعمل معاً لإيجاد حل سياسي.
وأكد أن أبسط أسلوب لمكافحة الإرهابيين بصورة مشتركة هو أن ينضم الشركاء الأجانب إلى روسيا في جهودها لأنها تعمل بموافقة السلطات الرسمية في سورية، مشيراً إلى أن العديد من قادة بلدان الشرق الأوسط يدركون جيداً خطر الإرهاب ومستعدون للمشاركة في مكافحته.
وأضاف أن خطر قيام الإرهابيين بعمليات إرهابية في روسيا موجود طبعاً حتى قبل القيام بعمليات عسكرية في سورية ولو أننا سمحنا بافتراس سورية لكان وصل إلى بلادنا آلاف من أولئك الذين يتراكضون اليوم وبنادق كلاشنيكوف بأيديهم.
وشدد بوتين على أن لدى روسيا الإرادة لاستخدام أي نوع من الأسلحة إذا كان ذلك يتجاوب مع مصالح الأمن القومي للشعب الروسي، مشيراً إلى أنها تملك صواريخ يصل مدى إصابتها إلى 4500 كيلومتر وتشبه الصواريخ الموجودة لدى الولايات المتحدة.
وأوضح أن إطلاق صواريخ كاليبر من السفن الحربية في بحر قزوين يؤكد وجود اختصاصيين على مستوى عالٍ قادرين على الاستخدام الفعال للأسلحة عالية الدقة وذات النوعية الممتازة، مبيناً أن هذه الصواريخ قامت بـ 147 التفافاً وحلقت على ارتفاع من 80 إلى 1300 متر وكانت سرعتها مثل سرعة الطائرات النفاثة.
وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن الطيران الحربي الروسي نفذ 64 طلعة جوية فوق سورية في الساعات الـ24 الماضية، استهدف خلالها 63 موقعاً تابعاً لتنظيم «داعش» في محافظات حماة وإدلب والرقة واللاذقية، بواسطة الطائرات الحربية الروسية «سو 24 أم» و«سو 25 أس أم» و«سو 34».
وقال الجنرال إيغور كوناشينكوف، الناطق الرسمي بلسان وزارة الدفاع الروسية، إن الطيران الحربي الروسي دمر 53 موقعاً محصناً، ومربضاً واحداً للمدفعية، ومقراً للقيادة الميدانية، و4 معسكرات تدريب، و7 مستودعات أسلحة وذخيرة تابعة للإرهابيين خلال يوم واحد.
وكشف أن أجهزة الرصد والتنصّت تشهد على تعاظم الذعر وهبوط حاد في معنويات عناصر العصابات المسلحة التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، مشيراً إلى أن الضربات تبث الذعر في نفوس من يتبقى منهم، وأنهم يواصلون الفرار الجماعي من مواقعهم.
الى ذلك، استدعت السفارة الروسية الملحق العسكري لدى السفارة البريطانية في موسكو، وقدمت له طلب إيضاح بشأن تصريحات وسائل الإعلام عن أوامر صدرت للقوات الجوية الملكية البريطانية، باستخدام الأسلحة ضد الطيران الروسي في حالة وجد تهديد.
وجاء في بيان وزارة الخارجية: «اليوم تم استدعاء الملحق العسكري لدى السفارة البريطانية في موسكو، حيث تم تسليمه مذكرة تحتوي طلب إيضاح رسمي، حول نشر وسائل الإعلام البريطانية، لأنباء نقلاً عن مصدر رفيع المستوى من وزارة دفاع هذا البلد، تزعم الأنباء عن حصول طياري سلاح الجو الملكي على أوامر «في حال تعرض حياتهم للخطر» باستخدام السلاح ضد الطائرات الروسية».
من جهة أخرى، وعد الملحق العسكري البريطاني، تقديم رد رسمي في أقرب وقت على طلب الإيضاح الذي قدمته موسكو حول تلك الأنباء.
وكانت صحيفة «دايلي ستار» البريطانية، قد نقلت في وقت سابق عن مصدر عسكري لم تذكره، أن طائرات سلاح الجو البريطاني، حصلت على تصريح بالهجوم على الطائرات الروسية في الأجواء العراقية، في حال تعرض حياة طياريها للخطر.علماً بأن الطيران الروسي، يشن حرباً على قواعد تنظيم «داعش» في سورية، ولا يشارك في قصفها في العراق.
وطالبت إيرينا ياروفايا، رئيسة لجنة مجلس النواب الروسي لشؤون الأمن ومكافحة الفساد، حلف «الناتو» بتأكيد أو نفي المعلومات حول إعطاء الضوء الأخضر لسلاح الجو البريطاني لمهاجمة الطائرات الروسية حال وجود تهديد لأرواح الطيارين، مضيفة: «وإلا سيفسر الصمت كتسريب لمعلومات تدل على دعم الناتو لتنظيم داعش».
وقالت ياروفايا «من الواضح أن عبارة «تهديد للأرواح» عبثية بسبب أن «المهمات الرئيسة للعسكريين الروس حصراً تكمن في تدمير الأهداف الأرضية لداعش في سورية ولا يمكنهم حتى نظرياً تشكيل تهديد لسلاح الجو البريطاني».
وأضافت: «علاوة على ذلك ستعني هذه المعلومات إذا ما تأكَدت أن الناتو يعزم على حماية داعش وتنفيذ جرائم ضد روسيا وضد التحالف ضد الإرهاب الذي يعمل حصراً بناء على القانون الدولي».
إلى ذلك، قال الجيش التركي أمس إن مقاتلات سورية وأنظمة صاروخية تعرضت يوم السبت مجدداً لطائراته الحربية من طراز «إف – 16» قرب الحدود التركية ـ السورية.
وأضافت هيئة الأركان العامة التركية في بيان أن ثلاث طائرات كانت بين 12 طائرة حربية من طراز «إف – 16» تقوم بأعمال الدورية عند الحدود عندما تداخلت معها أنظمة صاروخية متمركزة في سورية لمدة دقيقتين. وأضاف البيان أن الطائرات تعرضت لها أيضاً لمدة 35 ثانية، طائرتان من طراز «سوخوي-22» و«سوخوي- 24».