السيمر / الثلاثاء 21 . 02 . 2017
مصطفى منيغ / المغرب
انتهت أفكارهم (دون المتواضعة) إلى تقليد المبتدئين من الصفر الأجوَف ، كلما حصدوا انتكاسة مشاركتهم الانتخابات المتباينة الأصناف ، خوفاً من عودتهم لما يُقارب في ساحة السياسة مَجازاً وصف الرصيف في أبشع الظروف ، للمبيت في العراء باصطكاك في العوارض وتَحَمُّلِ وطأَة نظرات الاشمئزاز من كل مُتَفَحِّصٍ لِما فعلته الندامة بشعر رؤوسهم المنتوف، ليقتنعوا بعدها أن المنتهية مهمته عند الجماعة النافذة لمتاحف الفُرْجَة الشعبية المجانية المفتوحة على الهواء الطلق مقذوف .
… حينما تصل أحزاب سياسية لمستوى انفراد زعمائها لاختزال كل الأجهزة المسيِّرة لها، وحتى يتم التستر على مثل الظواهر اللاقانونية ، يتسوَّلون استشارات خبراء لا علاقة لهم بالمجال الحزبي أصلا ، يتبنَّوا مضامينها متى طُلٍب منهم داخل اجتماعات رسمية الرأي ، لا يتقنون حتى النطق المُعَبِّر عن فحواها ،ً بما تتلعثم به ألسنتهم خارج مداها ،ليصبحوا أضحوكة ذاك اليوم وما بعده دون توقف ، حينما تصل حيثما كان الزمان أو المقام إلى هذا المستوى ، أو بالأصح الدرك الأسفل، المفروض أن تتنحى من تلقاء ذاتها وترحل بهدوء ، لكن ما عسى القول عمن استأنس الانبطاح في أماكن ما يكاد يغادرها حتى ينتفخ بصدر معوضا ًعبوديته لأصنام ترمز لعصر الجاهلية في تطبيق السياسة الحزبية الآنية ،بما يجعل منه مسيلمة الكذاب هذا التوقيت، يبشِّر ويندر بما يتوصَّل في شأنه من دعم مسخَّر لتكديس حساباته المصرفية خارج المغرب في دولة ليست سويسرا ، وتغطية تكاليف شهواته البعيدة ما تكون عن الدين والتديُّن المتظاهر بهما لحد المبالغة ،كأن المغاربة خافي عنهم نفاق و مَقْت المشتغلين بالسمسرة السياسية الحزبية .
… كنتُ خلال بدايتي مع الإعلام والصحافة في مدينة بروكسيل بالمملكة البلجيكية ، أدرس و أشتغل في وكالة توزيع الصحف، الكائنة بداية الستينيات من القرن الماضي، في شارع “بِرْسِيلْ” القريب من قلب المدينة التي أحببتُها لسببين ،الأول معانقتها شباب جيلي من المغاربة الوافدين عليها بحثا على فرص تكوين أنفسهم التكوين العلمي، القادرين به الاعتماد على النفس، بنبل واهتمام عهدناهما غائبان في وطننا الأصلي بسبب الحيف المسلط على الشمال وكنت منه، أما الثاني فراجع إلى طيبوبة أهاليها، أكانوا من “الوالون” المتحدثين باللغة الفرنسية ذي النكهة الخاصة الغير معروفة أو مشاعة إلا هناك ، أو “الفلاماند” الفخورين بلغتهم، المعتزين بتقاليدهم، المناضلين في شرف بواسطة أحزابهم السياسية . كان لي أصدقاء من الطرفين انتماؤهم لأحزاب سياسية معينة لم تنسيهم العمل الدؤوب لجعل دولتهم الأحسن في أوربا ، منهم الإنسان الذي شاركني العمل في المكتبة الفرنسية التابعة لنفس الوكالة، كانت لي معه نقاشات سياسية مطولة استفدتُ منها لأطلع على قواعد الأحزاب المحلية، والقوانين المنظمة لها، ونوعية المسؤوليات المتحمل أعباءة من يقودها، على رأس أجهزة محدثة بقياس، تجعل تنوع اختصاصاتها، مجال استقطاب أطر مكوّنة سياسيا بما يؤهلها إتقان أي مهمة توكل لهم متعلقة بإيجاد حلول ناجعة تمكن من إزاحة أية عقبة عن طريق مسير تلك الأحزاب صوب تحقيق أهدافها ،ومنها خدمة مصالح بلجيكا العليا أولا وأخيرا. لم اعلم (وكنت جد مهتم بالموضوع) أن حزباً سياسياً انبطح لجهة نافذة ،أو تملَّق مسؤولوه لسلطة معينة ، أو استعمل شعارات تتنافى وقناعاته ، أو اختبأ خلف افتراءات تقوِّي حجمه أو تضعف إمكاناته . الشفافية سيطرت على الجميع بتلقائية نابعة من تربية شكَّلت بالنسبة لي وأمثالي ، النموذج الواجب اتخاذه في المغرب منهاج تعليم يربي أجيال ما بعد الاستقلال لخلق مجتمع حاصل على حقوقه لأداء واجباته دون حماس زائد عن حده، أو تلبية تعليمات بُعْدَها الأساس أن هناك خطوط حمراء تُذَكِّر أن الواقع لم ولن يتغير حتى وإن رحل الاستعمار .
… بعد 53 سنة أقارن الأحزاب الثلاث أو الأربع التي وضعتُها صوب عيني كمصدر للفلاس الحزبي المبين المُمَيِّع للساحة الحزبية السياسية بالمغرب، وأحزاب بلجيكا تعود معرفتي لها لبداية الستينات كما سبق أن ذكرت ، لأجِدَ الفرق بمثابة بعد السماء عن الأرض . (للمقال صلة).