الرئيسية / الأخبار / “خسفة الموصل”.. هنا يلقي داعش ضحايا ارهابه

“خسفة الموصل”.. هنا يلقي داعش ضحايا ارهابه

السيمر / السبت 04 . 03 . 2017 — باتت قصص الرعب حول القتل الجماعي الذي يمثله تنظيم داعش الارهابي في الصحراء، اسطورياً على مدى سنتين حكم فيها مدينة الموصل.
قبل سيطرة القوات العراقية على أجزاء من الجنوب الغربي للموصل، كان مسلحو داعش وعلى بعد خمسة أميال من مطار المحافظة يستخدمون مكاناً لتنفيذ عمليات الاعدام بحق المدنيين الأبرياء.
في هذا المكان تحديداً، كان الضحايا يلقيهم مسلحو التنظيم من على حافة حفرة بعد ركلهم ليسقطوا احياءً وبعدها يدفهنون اما بالجرافات او الشاحنات الكبيرة.
يهمس سكان الموصل عن هذه الحفرة التي يطلقون عليها تسمية “الخسفة” وهو تعبير عراقي دارج بينهم. الحديث عن “الخسفة” ربما نادر لخشية اهالي المدينة من فتح اسرار او مآسي ألمت بهم خلال حكم التنظيم الارهابي للمدينة المنكوبة، لكن وبعد عمليات التحرير المنجزة على يد القوات الامنية، استطاع بعض السكان كشف المغّيب لمعرفة حجم عمليات القتل الموجودة تحديداً في هذا المكان، الشاهد على زهق ارواح المئات من الابرياء، بحسب وصف الاهالي.
يقول المسؤولون العراقيون – وعلى اساس الادلة القولية – إن الالاف من المدنيين لقوا حتفهم في السنوات الاخيرة بهذه الحفرة، لكن تبقى هذه مقبرة تحتفظ بأسرار المقتولين، ولا أحد يعرف عمقها، لا سيما أن المسلحين الإرهابيين.
قبل سيطرة تنظيم داعش الوحشية على الموصل، لم تجر السلطات العراقية مسحاً او تنقيباً لتحديد الضحايا في المقابر الجماعية التي يقف وراءها الرئيس المخلوع صدام حسين، في حين اختفى اكثر من ١٠٠ الف شخص عراقي خلال الحرب الطائفية بعد الغزو الامريكي على العراق.
وفي الوقت نفسه، كانت السلطات تنوء عن نفسها، حتى أن أحد أعضاء لجنة حقوق الانسان في العراق أكد، أن مهامهم اقتصرت على رسم خرائط المقابر الجماعية لكنهم لم يدققوا بأعداد القتلى حتى الذين تم العثور على رفاتهم.
وكالة “الاسوشيتد برس” الامريكية وثقت في تقريرٍ لها، ٧٢ مقبرةً جماعية، ورصدت فظائع تنظيم داعش ووحشيته في العراق وسوريا، اذ اشار تقريرها الى وجود أكثر من ١٥ الف شخص تم الكشف عن رفاتهم
مدينة سنجار على سبيل المثال، لم يجر فيها تنقيباً حقيقياً فيها رغم كثرة المقابر الجماعية المنتشرة حولها، إذ يُعتقد انها تحتوي على رفات مئات الايزيديين الذين قتلوا واعدموا على يد مسلحي داعش.
مدينة تكريت، لم تخلُ من المقابر الجماعية، فقد ضمت حوالي ١٧٠٠ جندي بعد أن اعدمهم تنظيم داعش لحظة خروجهم من معسكر سبايكر، لتكون هذه، افظع الجرائم التي ارتكبها التنظيم بحق الجنود العراقيين. ومازالت فرق البحث تعمل على كشف المزيد من المقابر الجماعية لهؤلاء الجنود بعد استعادة المدينة من قبل القوات الامنية.
مثنى أحمد ٢٣ عاماً كان يعمل بالقرب من موقع “الخسقة” يقول وهو يُعّرف نفسه شاهد على ما حصل هناك ” هذه الخسفة ابتلعت مئات الآلاف من الابرياء، فعلى مدى خمسة أشهر كانت الاعدامات كثيرة ومرعبة لمن يشاهدها، فضلاً عن أن هذه الحفرة عميقة للغاية”.
ويضيف أحمد ” أحذية الضحايا ودمائهم المجففة على ملابسهم، يمكن من خلالها أن تعرف حجم الوحشية التي يمثلها هذا التنظيم”. وظهر في كانون الثاني من العام ٢٠١٥ فيديو بثه تنظيم داعش يوثق حجم الوحشية بحق مدنيين ابرياء اعدمهم بطرقٍ شنيعة.
وقرب مصفاة للنفط، كان مسلحو داعش اعلنوا سيطرتهم عليها، وحيث موظفي هذا المصفى يعملون والمدنيين يشترون الوقود، عمل التنظيم على جمع كل هؤلاء ليشاهدوا حفلات الاعدام، واغلب الذين تم اعدامهم، منتسبون في الشرطة وضباط بالجيش العراقي اتهمهم التنظيم بالتجسس والعمل مع الحكومة العراقية، بسحب شهود عيان.
حسام الدين العبّار، عضو مجلس محافظة نينوى يتحدث عن مقتل ما بين ٣٠٠٠ الى ٥٠٠٠ شخص خلال حكم التنظيم لمدينة الموصل. وتبقى هذه تقديرات بحسب شهود عيان و لا يمكن وصفها بالدقيقة، لكنهم بالوقت نفسه، يتحدثون عن مقتل الكثيرين بأماكن لا يعرفوها وكثير منهم سُجلوا في عداد المفقودين.
ويرى العبار أن ” الحكومتين المركزية والمحلية غير قادرتين على إخراج الجثث، فنحن بحاجة الى مساعدة دولية، ومن المستحيل على العراقيين أن يستخرجوا هذه الجثث لوحدهم”.
ويمضي العبّار قائلاً ” قبل الغزو على العراق في عام ٢٠٠٣، كانت الخسفة منطقة جذب سياحي، يلتقط السائحون الصور فيها القادمون من بغداد الى الموصل. ومع اجتياح العنف في العراق عقب الغزو الامريكي، بدأ تنظيم القاعدة بأخذ هذا المكان كموطئ قدم له، وحوّله مقبرة كبيرة. وهذا معروف لدينا. فمن يريد ان يخفي شخصًا ما، يسقطه في الخسفة”.
جاسم عمر، ٣٣ عاماً قال إنه شهد عشرة اعدامات في الخسفة بعد شهر واحد من هيمنة مسلحي داعش على مدينة الموصل، مشيراً الى ان المسلحين جاؤا بحوالي ٢٥ سجيناً من سجن بادوش وقتلهم ورماهم بالخسفة. وقال عمر مازحاً ” اذا كنت تريد ان تخيف شخصاً ما، فقط اذكر امامه كلمة الخسفة”.
وقتل المسلحون المتشددون مئات السجناء حينما استولوا على سجن بادوش، وفقاً لجماعات ناشطة في مجال حقوق الانسان، ومعظم الضحايا كانوا من الشيعة والايزيديين والمسيحيين، فيما سمح المسلحون للسجناء السنة بالذهاب مطلقاً سراحهم.

وان نيوز

اترك تعليقاً