السيمر / الجمعة 24 . 03 . 2017
تاليف هنريك لوند
تقديم….مكارم إبراهيم
1962-1977
قدوم عازفي الجاز الامريكان
عازفي موسيقى الجاز الامريكان يصلون الدنمارك في عام 1960 وقد جعلوا من مدينة كوبنهاكن عاصمة اوربا لموسيقى الجاز والفضل كله يعود لهؤلاء العازفين الذين جاؤا الى كوبنهاكن للاقامة فيها اما لفترة قصيرة او لفترة طويلة مثل بعضهم استقر وتزوج في الدنمارك وبقي فيها حتى دفن فيها . وقد كان العازف الامريكي باسيستين اوسكار بيتيفورد اول عازف لموسيقى الجاز وصل للدنمارك عام 1950 وبعده وصل عدد كبير من نجوم موسيقى الجاز امثال ديكستر جوردون والعازف بن ويستر وعازف البيانو دولار براند وكيني درو ودوك جوردان والعديد وكانوا عازفين محترفين في الجاز بحيث اصبحوا يعزفون في اوركسترا الراديو الدنمركي بيغ باند وكانوا يدربون عازفي الدنمرك على موسيقى الجاز باحتراف عالي ,والسبب في اختيارهم مدينة كوبنهاكن تحديدا هو وجود بيت الجاز الاسطوري الجاز هاوس مونتماترا الذي افتتحه المعلم الروحي للجاز السيد هيرلوف كامب لارسن عام 1961 في شارع ستوا ريغنا وسط كوبنهاكن واحياء الحفلات الموسيقية العديدة على طول السنة وكل عازف في فرقة الجاز كان متخصصا على الة موسيقية معينة كالبيانو اوالبوق القصير والبوق الطويل والطبل والخ الخ وكان ذلك له الاثر الكبير في تمرين العازف الدنمركي على موسيقى الجاز عندما يعزف مع نجوم الجاز الامريكي حتى ان العازف نيلس ونتر افتتح عام 1971 شركة الاسطوانات ستيبيلجيس . والجدير بالذكر ان العديد من هؤلاء العازفين اعتبروا كوبنهاكن الحب الكبير لمدى العمر حيث دفنوا فيها مثل العازف بن ويبستر و العازف كيني درو والعازف ريكارد بون وقد اسسوا جمعية بن ويبستر بعد وفاته عام 1973 التي توزع جائزة بن ويبستر لافضل عازف جاز دنمركي اما العازف كيني دروا بقى في الدنمارك وكان يقيم حفلات موسيقية في جميع دول اوربا وحتى اليابان وتوفي عام1993 عن عمر 65 سنة وبعضهم تزوج من امراة دنمركية مثل ديكستر جوردون وانجب منها طفلين وعلى كل حال ان مجئ عازفي موسيقى الجاز الامريكان الى الدنمارك ساهم مساهمة كبيرة في نشر ثقافة موسيقى الجاز في كوبنهاكن وتدريب العازف الدنمركي على الاحتراف في الجاز مثلهم بحيث ان العازف ثاد جونس كان قائد الاوركسترا الدنمركية بيغ باند للراديو الدنمركي . وللعلم الجاز هاوس او بيت موسيقى الجاز رغم تبدل مالكه على فترات مختلفة الا انه مازال موجود في كوبنهاكن حتى يومنا هذا ويفتح ابوابه يوميا في كوبنهاكن امام زائريه ويشهد ازدهارا وانجذاب كبير بالاخص في الصيف في مهرجان موسيقى الجاز السنوي في بداية كل شهرتموز!
1967-1973
الحاجة للعمالة الاجنبية: في عام 1960 انتعش الاقتصاد وازدهر في الدنمارك وكل اوربا الغربية الى درجة ان اصحاب المعامل والاراضي بدؤا بالمطالبة الى ايدي عاملة اجنبية لان الايدي العاملة في الدنمارك لم تكن كافية لسد الاحتياجات بالرغم من ان المراة في الدنمارك كانت تعمل الى جانب الرجل لكن لم يكن ذلك كافيا لسد حاجة المعامل والمزارع , ولهذا بدات الدنمرك بجلب الايدي العاملة اولا من تركيا كما فعلت المانيا والسويد على الرغم من ان نقابة العمال في الدنمارك كانت في البداية معارضة لفكرة جلب عمالة اجنبية للدنمارك ولكن بعد حين انخفضت الاصوات المعارضة بل رحبت باستقبال العمالة الاجنبية ففي عام 1967 وصلت اول دفعة للدنمارك حتى ان نقابة اصحاب المعامل ورؤس الاموال في الدنمارك لم يخفوا فرحتهم باستقبال الايدي العاملة الاجنبية وكتبت عنه كل صحف الدنمارك وعن الضيوف الجدد القامين تحديدا من تركيا وباكستان ويوغوسلافيا السابقة وكانوا فقط من الرجال فلم تاتي النساء في البداية , فنجد ان الرجال يعملون في الدنمارك ويرسلون الاموال الى عوائلهم هناك في ارض الوطن ولكن بعد سنوات تغيرت الاحوال .وكان العمال الاجانب يثقون جدا بالسيدة انة ماريا اندرسون التي كانت تعمل مرشدة اجتماعية في مؤسسة خاصة تسمى الناس للناس او بيوبل فور بيوبل تساعدهم في حل مشاكل تواجه العامل مثل المرض اومشاكل قانونية وغير ذلك . حتى قامت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في طبع كتاب صغير للعمال الاجانب فيه نصائح وارشادات مهمة لهم وكان على كل شخص يرغب بالعمل في الدنمارك الحصول على فيزا عمل من السفارة الدنمركية في بلده للمجئ للدنمارك ولكن كان هناك عدد كبير من الرجال ياتون للدنمارك بحجة السياحة ولكنهم يبحثون عن عمل عند وصولهم للدنمارك فنجد يتجمعون في المحطة الرئيسية في كوبنهاكن للبحث عن عمل وكانت المحطة الرئيسية معروفة بالمكان المناسب لهذا الغرض وكان العمال الاجانب في الدنمارك يعيشون في وضع غير مثالي حيث ان صاحب العمل كان يستاجر مبنى كبير ويضع فيه اسرة للنوم مع الفراش والاغطية على عدد العاملين وكل عامل يدفع مقابل المنامة 100 كرونة دنمركية شهريا ويشارك في المطبخ والحمام والتواليت مع زملائه في ذلك الوقت . اي ان العمال جميعا يعيشون في غرفة واحدة ربما ثلاثين عامل في غرفة واحدة .
وعام 1970 ارتفعت الاصوات المعارضة لاستقبال العمالة الاجنبية بحيث ان الاستطلاعات التي اجرتها مؤسسة جالوب للاحصائيات وجدت ان 50 % من الشعب الدنمركي كان ضد استقبال الايدي العاملة الاجنبية ورافض لفكرة استقبالهم وبدات المطالبة بوقف تدفق المهاجرين العمال او الضيوف حتى نوفمبر 1970 قرر البرلمان الدنمركي بالفعل وقف استقبال العمال الاجانب ولكن سمح للعمال المقيمين في الدنمارك في لم الشمل العائلي اي يحق للعامل الاجنبي المقيم في الدنمارك ان يطلب زوجته واطفاله بالمجئ والعيش معه في الدنمارك وهذا ماحصل بالفعل. وكانت مراكز تجمع العمال منعزلة عن مركز المدينة حتى المواصلات كانت بعيدة جدا عنهم الى ان تم نقلهم الى مراكز اخرى قريبة من المدينة في منطقة امما فيلد وتم استخدام مراكزهم فيما بعد كمساكن للعيش المؤقت . وكان الوضع الصحي لاطفالهم بائس للغاية مثل اصاباتهم المتكررة التهابات رئوية حادة بسبب السكن الغير صحي للاطفال وبعد شكوى من الممرضة والطبيب المسؤول عنهم في رسالة لمسؤول بلدية كوبنهاكن عام 1978. تم الاهتمام بعلاج اطفال العمال الاجانب .
وكان العمال الاتراك بحاجة الى مطاعم تركية ومحلات لبيع اللحوم ومساجد للصلاة ونوادي خاصة مع ثقافتهم خاصة وانهم تركوا عوائلهم في تركيا وباكستان وهذا ما اقترحته جمعية الشعب تعاون الشعب بالاهتمام والمطالبة برعاية العمال الاتراك والاجانب عامة وبناء مطاعم ونوادي خاصة لهم .وجدير بالذكر ان منطقة فونمانماركن كان يسكن فيه 1300 شخص غالبيتهم من تركيا ,المغرب , باكستان ويوغسلافيا وقد تم توزيع العوائل الاجنبية هذه على 317 شقة مساحتة كل شقة كان 29 متر مربع ! ولكن عند لم الشمل العائلي يطلب من العامل الاجنبي ان يكون له سكن مناسب لافراد اسرته عندما يصلون للدنمارك ولهذا وجد غالبيتهم شقق مناسبة لتجمعهم في منطقة ايسهوي ومنطقة بغونبي ستغاند والى اليوم فيها تجمع كبير للاجانب وخصوصا الاتراك!
وفيما يخص ابناء العمال عندما وصلوا للدنمارك كان لابد ان يتعلموا في المدارس الدنمركية الى جانب الاطفال الدنمركيين ولهذا في عام 1971 فتحت المدارس صف استقبال تمهيدي للاطفال الاجانب الصف التمهيدي كي يتعلم فيه الطفل الاجنبي اللغة الدنمركية جيدا وبعدها ينتقل للمدرسة الدنمركية العادية مع الاطفال الدنمركيين وحتى الان يوجد هذا الصف في كل المدارس الحكومية .
ولاول مرة عام 1970 تم استقبال 125 امراة عاملة من يوغوسلافيا السابقة بطلب من معمل التعليب في مدينة اوذنسة .
ومن جهة اخرى كان العمال المسلمين بحاجة الى مسجد للصلاة ففي عام 1980 تم افتتاح اول مسجد لهم في شارع الفيستابغو غاذة وقبل ذلك كان يصلي المسلمون في مسجد في قبو في شارع نوراسو غاذة عام 1976 استطاع المسلمين شراء بناء لهم ليكون اول مسجد لهم في شارع الهوسة باركن في منطقة النورفيست في كوبنهاكن المعروفة اليوم بانها غيتو لتجمع الاجانب فيها وكان اول امام لهم الامام صبغة الله مجددي والذي اصبح اول رئيس لافغانستان بعد طرد جيوش الاتحاد السوفيتي من افغانستان عام 1992.
وفي صورة في الصفحة341 نجد مجموعة من الشباب الاجنبي بملابس اوربية وحلاقة شعر اوربية تماشيا مع الموضة في السبعينيات ولكن مع هذا كانت امامهم عوائق كبيرة وصعوبات وعوائق في لقاء ريندافو مع فتاة دنمركية !!!!!!
وللحديث تتمة في الجزء السادس