السيمر / الجمعة 31 . 03 . 2017 — كشفت صحيفة “فزغلياد” أن الأسباب الحقيقة لوقف عملية التحريرالدموية في الموصل، يكمن في صعوبة التنفيذ، ونفاد القوة البشرية العسكرية للمهاجمين، وليس تزايد عدد الضحايا المدنيين.
جاء في المقال:
أعلن الرئيس العراقي فؤاد معصوم عن وقف العملية العسكرية ضد “داعش”غرب الموصل، معترفا بإخفاق في التنسيق بين الجيش العراقي والتحالف الأمريكي، وما نجم عن ذلك من أخطاء غير مقصودة، انتهت بتوجيه ضربات للسكان المدنيين، وأن الأمر بات يتطلب “البحث عن طرق أكثر قبولا” كما اعترف الرئيس المعصوم.
قرار الرئيس العراقي هذا، ترافق زمنيا مع سلسلة من النداءات لإعادة النظر في أساليب القتال وتكتيكاته. وحول ذلك تحدث يوم الثلاثاء 28/03/2017 المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين. وتؤكد معطيات الأمم المتحدة أنه منذ 17/فبراير- شباط قتل أكثر من 300 شخص من السكان المدنيين أثناء المواجهات الدامية في غرب الموصل. وخلال أسبوع أفيد عن مقتل 200 انسان مدني عراقي جراء الغارات الجوية التي شنها التحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة.
“ولوحظ أن العدد الأكبر من الضحايا جاء نتيجة الحادث الذي وقع يوم 17/مارس-آذار، وذلك عندما استهدفت غارة جوية مبنى للسكان المدنيين غربي الموصل، تحسبا لوجود قناصة من تنظيم “داعش” . ووفقا لإفادات شهود عيان فإن الإرهابيين اقتادوا حوالي 140 مدنيا إلى ذلك المبنى في وقت سابق” كما جاء في تقرير المفوض السامي لحقوق الانسان.
وفي يوم الثلاثاء 28/03/2017 انتقدت منظمة العفو الدولية العملية العسكرية في الموصل، مشيرة إلى أن العدد الهائل للضحايا المدنيين يؤكد على وجود انتهاكات لحقوق الانسان المعترف بها دوليا، وأن ضربات التحالف الدولي الجوية “دمرت منازل بعائلاتها بالكامل”، كما أشار تقرير منظمة العفو الدولية.
الفروقات مع عملية حلب
واقعيا يشن طيران التحالف الدولي غارات شبه يومية على الأحياء السكنية في الموصل، حيث يعيش هناك عشرات الآلاف من السكان المدنيين، كما صرح الثلاثاء في المؤتمر الصحفي رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة، الجنرال سيرغي رودسكوي.
وقارن رودسكوي ما يجري في الموصل مع عملية تحرير حلب التي خاضها الجيش العربي السوري بمشاركة القوة الجو-فضائية الروسية، مذكرا على أنه طوال عملية تحرير حلب لم تستخدم الطائرات الروسية، كما أنه كان بمقدور السكان المدنيين ترك المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون عبر ممرات إنسانية جرى تنظيمها بعناية.
ومن الجدير بالملاحظة هنا، أن البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة قد أعربت في وقت سابق عن أملها، بأن يتعامل االتحالف الأمريكي مع عملية تحرير الموصل بذات المسؤولية التي تعاملت سوريا مع عملية تحرير حلب بمساعدة الروس.
ومع ذلك، وكما لخصت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة فإن أبعاد ما يجري في الموصل حيث بقي هناك قرابة 600 ألف مواطن، “أكبر كارثيا” مما حدث في حلب.
في الموصل تضطر القوات لخوض عمليات قتالية في أحياء يعيش فيها عدد كبير من المدنيين أكبر بكثير مما كان عليه في حلب، كما لاحظ في تعليقه للصحيفة رئيس قسم دراسات الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط التابع لمعهد التنمية المبتكرة أنطون مارداسوف، والذي أشار كذلك إلى أن الأمم المتحدة بالغت آنذاك في عدد المدنيين المتواجدين في حلب، بيد أن معطياتها في الموصل أكثر دقة، مشيرا إلى وجود ما لا يقل “عن 400 ألف مواطن في أحياء الموصل السكنية، تمكن من الخروج 153 ألفا بسبب الاشتباكات الأخيرة في المنطقة الغربية .
بدوره الأستاذ في جامعة العلوم الإنسانية –الروسية، المستشرق سيرغي سيريغيتشيف في تعليقه للصحيفة حول الاختلافات بين عملية تحرير حلب وعملية التحرير التي أوقفت الآن في الموصل، لاحظ أن “حالة حلب” تميزت بوجود “اتفاقات سياسية عديدة وراء الكواليس”، وفي المقام الأول مع التشكيلات الموالية لتركيا التي سحبت من المدينة.
وقال الخبير لو لم يتم الاتفاق مع تركيا “لكنا لا نزال نخوض معركة تحرير حلب، أو كنا حررناها ولكن بتضحيات جسيمة”. بينما الوضع في الموصل يختلف من الناحية المبدئية و”نحن نرى هناك نمطا تقليديا للحرب الأهلية” السنة في مواجهة الشيعة”. ويعتقد الخبير أن الحل الوحيد لاستتباب الأمن في العراق، هو-تقاسم السلطة، بيد أن السنة والشيعة ليست لديهم الرغبة في تقاسم السلطة، وفي ذات الأوان، لا يمكن لطرف تحقيق الانتصار على الآخر كما يرى المستشرق.
لماذا جرى تعليق العمليات العسكرية في الموصل!
“العملية العسكرية في الموصل توقفت ليس بسبب مقتل المدنيين، فمصير السكان المدنيين لا يقلق أحدا” كما قال الخبير مارداسوف مشيرا إلى أن قرار السلطات العراقية هذا، جاء “نظرا لصعوبة العملية، فالمسلحون تخندقوا جيدا هناك ويقاومون بشراسة”.
الأمريكيون والعراقيون بحاجة إلى انتصار جميل، بيد أن تحقيق انتصار سريع أمر غير ممكن كما أكد سيريغيتشف الذي ذكر بأن الأمريكيين لا يرغبون بإشراك قواتهم البرية بحشود ضخمة في هذه العملية، وفي الوقت ذاته لا توجد القوة العسكرية- البشرية الكافية لدى العراقيين. وواقعيا من أجل التغطية على الوقف الضروري للعملية العسكرية بسبب نفاد الجنود على خط الجبهة، قرروا التسلح بعذر جميل، وهو أن “التحالف الدولي استهدف المدنيين وضرورة التحقيق بالحدث” كما أشار سيريغيتشيف.
روسيا اليوم