السيمر / الخميس 20 . 04 . 2017 — مؤخرا أصدر أشرف العشماوي الرواية السادسة فى مشواره الأدبي كالعادة لفتت الأنظار اليها وهو ربما يحرص على ذلك منذ روايته الأشهر البارمان التي نال عنها جائزة أفضل رواية عربية عام 2014 وبعدها أصدر روايته التاريخية الفارقة فى هذا النوع من الكتابة رواية كلاب الراعي لكنها ربما لم تلق اهتمام نقدي كالتي حظيت به تذكرة وحيدة للقاهرة ربما لأن الرواية الأخيرة تركز على قضية شديدة الخصوصية هي قضية الأقليات وحياتهم فى المجتمعات الكبيرة التي ابتلعتهم وابتلعت حقوقهم بحجة الانصهار لصالح الأغلبية ثم تشغيلهم فى المهن الدُنيا والمهمشة ليظلوا فى قاع المجتمع. الرواية وصلت لطبعتها الثامنة فى ثمانية أشهر وهو رقم قياسي جديد فى مبيعاته والعشماوي بالطبع من الكتاب الأكثر مبيعا منذ عدة أعوام فى مصر والعالم العربي وله قراء ينتظرون أعماله ويسألون عنها بشغف ، وتعقد له الندوات وتفسح له المجالات للحديث عن الأدب وفن الرواية وطرق الكتابة وبالطبع أجريت معه عشرات الحوارات حول ذات المواضيع لكن هذه المرة رأينا أن نتحدث معه فى جوانب مختلفة لنتعرف على زاوية أخرى من حياة الكاتب المصري أشرف العشماوي ربما تكون أكثر اختلافا
– بداية هل تفضل أن نناديك بلقب القاضي أم الروائي أم الأديب ؟
– أفضل اسمي مجردا من أي ألقاب فلا اعز على المرء من اسمه لكن وان كان لابد من الالقاب فأنا افضل الروائي طالما سنتحدث بعيدا عن القضاء ولم أصل لمرحلة أن ألقب بالاديب انا روائي فقط يروي حكايات يراها ويتخيلها سمعت بعضها من جدتي وعمتي وتراكمت خيالاتها على مر السنين من خلال عملي وتجاربي فى الحياة ولاشئ أكثر .
– تحدثت كثيرا عن بداياتك وفضل انيس منصور وغيره من الروائيين الكبار عليك لكن لماذا تكتب؟
– اكتب لأسباب تتغير مع كل مرحلة من مراحل عمري فى البداية كنت اكتب لأتسلى لأنني اريد أن اكتب ثم لأفكر بصوت عال مع القارئ اشاركه رؤيتي للعالم من حولنا ثم جاولت ايقاظ الوعي من خلال بعض رواياتي وفى كل الاحوال أكتب لكي أسلي القارئ ، الكتابة متعة والقراءة يجب ان تكون كذلك فإذا ما شعر القارئ بملل فأنا فشلت بالتأكيد .
– أنت مقل جدا فى ترشيح روايات للقراءة مع أنك تقرا كثيرا فمتى تقول عن رواية أنها عظيمة ؟
– الرواية العظيمة فى رأيي هى التي تخلق الدهشة لدى القارئ وتحت الدهشة عناصر كثيرة منها الأسلوب والحبكة والتشويق واللغة وعمق الفكرة ..الخ
– قلت فى حديث متلفز أنك تتمنى تحويل اعمالك للاذاعة بدلا من السينما والتلفزيون فلماذا؟
– لأ لم أقل السينما والتلفزيون قلت افضل الاذاعة عن الدراما التلفزيونية لكنني أحب السينما بالطبع جدا وكتاباتي بصرية بالتأكيد تأثرا بها لكن انا رجل كلاسيكي احب الاذاعة واحب فيها التخيل لدى المستمع ،هى اقرب للرواية بالتأكيد، انا حتى اليوم اسمع مسلسلات اذاعية واستمتع جدا
– الا ترى انك مغرق للغاية فى العودة للوراء للماضى للقرن العشرين وكأنك تتجنب الكتابة المعاصرة ؟
– هذه المقولة ليست صحيحة على اطلاقها فأنا كتبت المرشد والبارمان فى ازمنة معاصرة وتويا كتبتها عام 1998 عن احداث تدور قبلها بعشرين عام فتعتبر معاصرة ايضا ، يتبقى بعد ذلك روايتين تاريخيتين ورواية رمزية لكن ربما انا اعاني من نوستالجيا للماضى ربما كنت احب ان اعيش فى الاربعينيات من القرن الماضي وما بعدها بقليل . عامة أنا ارى اننا نعيش فى زمن ردئ والتكنولوجيا الكثيرة تزعجني انا حتى يومنا هذا اكتب بقلم رصاص على ورق ابيض واستمتع بمشاهدة افلام ابيض واسود ولا احب الصخب ابدا . هذه طبيعتي ولا اظن انني سأغيرها لأنني مستمع بحياتي هكذا.
– المرأة فى معظم رواياتك مهضومة مذبوحة لماذا هذه النظرة السوداوية تجاهها وكأنك عدو لها؟
– لا هذه ليست نظرة سوداوية لأنني لا اظهرها شريرة مجرمة لكي يقال عنها ما تقوله ربما هى مجنى عليها كثيرا فى رواياتي وهذا دليل على تعاطفي معها وليس العكس، المرأة بالنسبة لي كل شئ لا يمكن تصور الحياة بدون أم أو زوجة أو بنت أنا لست عدو المرأة أبدا انما ربما طبيعة الروايات هي ما تفرض تناول جانب محدد ربما تتغير هذه النظرة فى الرواية القادمة
– هل تكتب رواية عن المرأة الان ؟
– نعم لكنها ليست عن المرأة وحدها أو مشاكها بصورة خاصة لكن اتناول فيها انماط مختلفة من المجتمع واعمار متباينة لسيدات وربما بعد صدورها تغير هذه الصورة السلبية التي اتهمتني الان بها.
– كيف ترى جمهورك وبصورة أخرى لمن تكتب ؟
– أراه ناقدي الاول، اراه أهم من فى منظومة الكتابة ،كلنا نعمل من اجله سواء روائيين او ناشرين او نقاد انا اكتب لفئات عمرية مختلفة لكنها تبدأ من منتصف العشرينات حتى السبعينيات او اكثر لكنني فشلت فى الوصول للناشئة لا اكتب لهم خصيصا ولا اظن ان رواياتي تروق لهم لكن غيري نجح في ذلك
– يتهمك النقاد بان كتاباتك بصرية درامية على حساب البلاغة الادبية فما تعليقك؟
– سعيد والله جدا بهذه المقولة لأنني أصل بما أكتبه للقارئ ولأنها امر صعب لا يجيده الكثيرون . شوف يا سيدي الفاضل البلاغة تبرز أكثر فى الشعر انما فى فن الرواية الامر يختلف البلاغة ليست كل شئ، ما قيمة لغة جميلة منمقة فقط فى رواية بلا حبكة أو تشويق أو فكرة؟ الاجابة لا شئ لأن القارئ سيمل ويترك الرواية . كتابة الرواية فن ممتع أشبه بحياة موازية ، التفكير فى الوجود من حولك ـ، خلق شخصيات وعوالم أخري وهنا تظهر أهمية التكنيك المستخدم فى الكتابة لايصال ما تريد بأقصر الطرق ، مع اهمية الحبكة وقوة الدراما والقدرة بالطبع على التشويق وجعل القارئ يرى الشخوص بوضوح ويشعر بهم ويتفاعل معهم وكل ما سبق لا تحققه اللغة وحدها فى الرواية لكن فى الشعر الامر يختلف تماما وأنا لست شاعر بالطبع .
– لماذا ابتعدت عن الكتابة السياسية على صفحتك بالفيسبوك وتويتر ؟
– اولا ليس لدى حسابا على تويتر والموجود لا يخصني على الاطلاق ولا اعرفه. وثانيا لم اكن اكتب مقالات او كتابات سياسية على صفحتى حتى اتوقف عنها ، انما كنت اعلق بجملة عابرة على بعض الاحداث وما زلت، لكن بصورة تفصيلية انا اكتب ما اريده برواياتي ولا حاجة للكتابة على صفحتي فأنا قاض والقاضي لا يبدي آراء سياسية علنية وانا احترم مهنتي واقدرها والتزم بقيودها .
– لكنك روائي ولا حجر على حرية المبدع فى قول آرائه؟
– صحيح لكن لا يمكنني الظهور بشخصيتين وإلا تحول الأمر إلى عبث أنا ما زلت قاضيا ويجب أن أحترم قواعد مهنتي ثم إنه لا يوجد أي حجر على ما أكتبه فى رواياتي وهذا هو الأهم
– متى تتوقف عن الكتابة أو متي تقول فرغت جعبتي ؟
– إذا ما فرغت جعبتي ونضبت الأفكار بالتأكيد سأتوقف مجبرا أو توفاني الله أيهما أقرب .
– ومتى تنشر قصص قصيرة بدلا من الروايات ؟
– القصة القصيرة فن لا أجيده على الاطلاق ولا أظن أنني سأنشر مجموعة قصصية يوما ما لأنني ببساطة لا أكتبها بصورة ترضيني فكيف يتقبلها القارئ؟ .
– ما تقييمك لتجرية نوادي الكتاب فى مصر خاصة وان بعض الكتاب هاجمها مؤخرا واتهمها بالسطحية والتفاهة ؟
– لا يمكن وصفها بالسطحية والتفاهة هذا تجن كبير في رأيي ، الأمر ربما تحول الى موضة او ظاهرة اجتماعية أكثر منها ثقافية فأثارت حفيظة البعض ،لكنها بالتأكيد ظاهرة محمودة ربما تحتاج بعض الانضباط اذا ما كان هناك قارئ عميق وسط المجموعة يلعب دور الدليل او المرشد ربما ايضا وجود نقاد كبار فى نوادي الكتاب يزيدها ثقلا ويفتح مجالا اوسع لرؤية العمل الادبي من زوايا اخرى لكن فى المجمل هي ظاهرة صحية طيبة انا اشجعها واشارك فى بعضها خاصة ببعض المناطق الشعبية التي انتقلت اليها مؤخرا هذه الظاهرة ووجدت شبابا يفرح كما يقولون . انا مع نوادي الكتاب وتشجيعها وزيادتها.
– رفضت منصب وزير الثقافة ورفضت التعليق على رؤيتك لتطوير الثقافة ألا تري فى ذلك هروبا من المسئولية ؟
– لا في الحقيقة أنا لم أهرب من المسئولية إنما لشعوري بها اعتذرت ، بمعني انني وجدت فى نفسي انني لا اصلح لمنصب سياسي تنفيذي ولا احب خداع نفسي ولن افرح بكوني وزيرا فأنا قاض فى المقام الاول وهو منصب ارفع بكثير من وجهة نظري ، لكن انا اعتذرت لانني لا اصلح لهذا المنصب ورشحت غيري ممن يصلحون انا مجرد روائي يكتب حكايات ويستمتع بما يفعله ولا اصلح وزيرا على الاطلاق اما رؤيتي لتطوير الثقافة فهو امر يطول شرحه لكن باختصار اقول فلنسأل انفسنا سؤالا مهما لماذا نجحت ساقية الصاوي فيما فشلت فيه وزارة الثقافة ؟ اذا عرفت الاجابة ستعرف رؤيتي وتتفهم سبب اعتذاري.
– هل أحد من أولادك لديه موهبة الكتابة ؟
– حتى الأن لا أحد منهما ، لكن أحدهما يقرأ بنهم مثلي والأخر يكتفي بممارسة الرياضة فقط
– من قارئ مسودتك الأول ؟
– ابني الأكبر عمر ومحرري الأدبي بالطبع ثم بعد ذلك أصدقائي المقربين، لكن زوجتي تقرأ أحيانا فصولا من المسودة باهتمام شديد وتبدي ملاحظات بالطبع .
– اذا ما طلبت منك اختيار كاتب واحد فقط كي تقرأ له فمن يكون؟
– صعب جدا بل مستحيل اختيار كاتب واحد والا سأكون قارئ ضيق الافق بالتأكيد لكنني سأختاره من أدباء أمريكا اللاتينية ولو كان السؤال من الكاتب الذي تنتظر عمله القادم سأقول ايزابيل الليندي
– وفى مصر من تختار أو من تنتظر ؟
– فى مصر والعالم العربي تقريبا اقرأ غالبية ما ينشر من باب معرفة ما يكتبه غيري لكنني أحب الكثيرين منهم بدون ذكر أسماء كي لا أنسى أحدا .
– هل أنت مع ضرورة تنويع مصادر نشر كتبك أم العمل مع ناشر واحد؟
– أنا مع العمل مع ناشر واحد فهو افضل للكاتب ويعمق اسمه ويحقق شهرته أكثر بتواجد اعماله لدى نائر واحد جيد ، وأعتبر نفسي محظوظا بالعمل مع الدار المصرية اللبنانية والأستاذ محمد رشاد صاحبها ومديرها وأبناؤه القائمين على أمور الدار كلها، أعتبرهم عائلتي ولقيت منهم كل تقدير وود واحترام وأعتبرهم من أفضل الناشرين فى مصر والوطن العربي كما أن رواياتي تخرج بصورة ممتازة فى كل مرة وقدموني للقراء على أفضل نحو ومدين لهم بالكثير مما حققته من نجاح .