السيمر / الأحد 18 . 06 . 2017 — تناول الباحث “بريان مايكل جينكينز” المرحلة التي ستلي طرد “داعش” من مدينة الرقة السورية وكيف ستتكيف الولايات المتحدة مع هذه المرحلة، لافتاً إلى أن المعقلين الأخيرين لما أطلق عليه داعش “الخلافة” في الموصل بالعراق والرقة بسوريا، يمكن أن يحررا في غضون أشهر، لكنهما سيبقيان مكانين خطيرين، كما أن سقوط الرقة سيعقد الصراعات التي تلف المنطقة.
وسبق لمحللين عسكريين أن حذروا من أن تحرير أراضٍ يحكمها داعش لن ينهي العمل المسلح للتنظيم. فقادته أمضوا سنوات في العمل السري ويمكنهم العودة إلى حملة سرية من الإرهاب. وحتى في ظل تراجع التنظيم أمام حملة القوات العراقية والكردية وقوات برية أخرى بدعم جوي من التحالف، أثبت داعش أنه قادر على التنفيذ المتزامن لعمليات إرهابية في بغداد ودمشق وكذلك في الدول المجاورة. وهذا ما سيستمر ويتصاعد.
وأشار جينكينز في موقع “ديفانس وان” إلى أنه بعد الرقة، سيكون داعش قادراً على الاعتماد على بنية تحتية سرية، ربما باتت جاهزة، وعلى سكان قد يكونون متعاطفين بهذه الدرجة أو تلك مع التنظيم، وبحسب سلوك السلطات التي ستخلفه. ولذلك فإن سقوط الموصل والرقة لن يحل النزاع السني-الشيعي الأعمق. ففي سوريا، كان الغضب من حكم العلويين برئاسة بشار الأسد سبباً في إندلاع ثورة 2011. وفي العراق، أدى إقصاء السنة إلى الإنهيار العسكري الذي سمح لداعش بإجتياح أجزاء من البلاد عام 2014. ومع أن الولايات المتحدة لا تدعم تقسيم العراق وسوريا، قد تقود النزاعات في البلدين إلى ذلك.
حدود جديدة
ورأى أنه يمكن الولايات المتحدة العمل في سياق حدود وبلدان جديدة في وقت قريب. ذلك أن دولة يهيمن عليها العلويون تتألف من دمشق وغرب سوريا ستكون قابلة للعيش اقتصادياً (بدعم مالي من إيران وروسيا) ومن المحتمل أن يدافع عنها الروس. وعلى نحوٍ مشابه، فإن دولة يهيمن عليها الشيعة في بغداد وجنوب العراق يمكن أن تسيطر على عائدات النفط. يمكن للمنطقة الكردية في شمال العراق وجيوب في سوريا أن تكون قابلة للحياة على أساس الحكم الذاتي. لكن ضم المناطق السنية في شرق سوريا وغرب العراق يفتقد إلى المصادر الإقتصادية ومؤسسات الحكم باستثناء بقايا البعث العراقي، الذي كان الآلة السياسية لصدام حسين. وقد التحق بعض قادته وكوادره بداعش. وبسبب الحكم الرديء، فإن المنطقة السنية يمكن أن تتحول إلى أراضٍ وعرة ومصدر مستمر لعدم الإستقرار.
من يحكم أراضي داعش؟
ولفت جينكينز إلى أن هذا يثير سؤالاً عمن سيحكم أراضي داعش. ويمكن العراق أن يبسط سلطته على الموصل والأراضي المحيطة، لكن ترافقت عودة سلطة الحكومة مع إنتقامات وقمع يمارسه الشيعة، فإن المقاومة السنية ستزدهر. وحاولت الولايات المتحدة من دون أن تفلح كثيراً، إقناع بغداد باستيعاب الأقلية السنية. وتستمد واشنطن رافعتها من حاجة العراق الماسة إلى الدعم الأميركي العسكري. ويمكن الدعم الأمريكي أن يتراجع بعد سقوط الموصل. لكن
يمكن بغداد الإعتماد على الدعم من إيران، على رغم تنافس طهران مع السعودية على النفوذ الإقليمي، الذي يعكس تصاعداً في الإنقسام السني-الشيعي.
ولايات
وتساءل ماذا عن الجبهات الأخرى؟ فداعش خلال تراجعه في العراق وسوريا، أنشأ “ولايات” من جماعات مؤيدة له في بلدان أخرى من شمال أفريقيا إلى أفغانستان. وسبق للولايات المتحدة أن هاجمت أهدافاً خارج سوريا والعراق. فهل ستستمر هذه الحملة بعد سقوط الرقة؟ وبصرف النظر عما سيحصل بعد الرقة، فإن جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا التي غيرت اسمها وأعلنت قطع علاقاتها مع القاعدة، فإن الولايات المتحدة تنظر إلى هذه الجماعة بصفتها مكوناً جهادياً، والعمليات ضدها ستستمر.
وخلص إلى أن سقوط الرقة سيملي إجراء مراجعة شاملة للسياسة الأمريكية حيال سوريا، وعلى صانعي القرار أن يباشروا التفكير في المسألة الآن.
المصدر: لبنان 24