السيمر / الثلاثاء 08 . 08 . 2017
صالح الطائي
قال حاجي خليفة في مقدمة كتابه “كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون”: “إن التأليف على سبعة أقسام، لا يؤلِّفُ عالم عاقل إلا فيها، وهي:
إما شيء لم يسبق إليه فيخترعه.
أو شيء ناقص يتممه.
أو شيء مغلق يشرحه.
أو شيء طويل يختصره دون أن يُخِلَّ بشيء من معانيه.
أو شيء متفرق يجمعه.
أو شيء مختلط يرتبه.
أو شيء أخطأ فيه مصنِّفُه فيُصلِحه”.
وقد نص على هذه المقاصد السبعة أكثر من عالم وخبير منهم ابن حزم في رسالة “التقريب لحد المنطق”؛ في رسائل ابن حزم 4/ 103، وابن خلدون في مقدمته 3/ 1105 – 1107، والمقري التلمساني في أزهار الرياض 3/ 34 – 35، ونظَمها بعضهم فقال:
ألا فاعلمَنْ أن التَّآليفَ سبعة
لكلِّ لبيبٍ في النصيحة خالصِ
فشرحٌ لإغلاقٍ، وتصحيحُ مخطئٍ
وإبداعُ حَبْرٍ مُقْدِمٍ غيرِ ناكصِ
وترتيبُ منثورٍ، وجمع مفرَّقٍ
وتقصيرُ تطويلٍ، وتتميمُ ناقصِ
والمشهور أن تقديس هذه القواعد كان ولا زال ساريا ومعمولا به عبر التاريخ في أغلب بقاع الدنيا، إلا العراق، فالعراق الذي ولد على ترابه الحرف الإنساني الأول، يؤمن بقاعدة (خالف تعرف) ولذا نجده يخالف المنطوق والمنطق، فالعراقي ما إن يتنسم عبق نسمة من الحرية حتى يطلق العنان لخياله الجامح ليسطر على الورق ما لا تحده قواعد ولا تصنفه مساند ولا تصنفه أقسام ولا توضحه مقاصد، وبالتالي يضع بين يديك ما تعجز عن فقه معناه؛ لأنه بلا هدف، فثمة اعتباط وضحك على الذقون واستغفال. والنكاية الكبرى أن غالب المؤلفين والكتاب العراقيين معجبون بهذه الطريقة، ويتخذونها وسيلة لنشر نتاجهم، والأكثر نكاية أن كتبهم رائجة في السوق، أما الكتب التي سُطرت وفق تلك القواعد السبع فلا يقلبها أحد، وكأنها تنقل إلى أيديهم الجرب
فلماذا تجاوز بعض الكتاب والمؤلفين العراقيين هذه القواعد الذهبية ليكتبوا بعيدا عنها وخلافا لها لو لم تكن هناك مؤامرة كبرى هدفها قلب المفاهيم وتغيير القيم لكي لا تقوم للعراق قائمة إلى يوم يبعثون!