السيمر / الجمعة 02 . 03 . 2018 — نشرت صحيفة العرب اللندنية، اليوم الجمعة، تقريراً تحدثت فيه عن صراع بين رئيس حكومة اقليم كردستان نيجرفان بارزاني، وابن عمه مسرور بارزاني، لخلافة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، لزعامة الحزب واقليم كردستان.
وذكرت الصحيفة في تقريرها، أنه “منذ حوالي أربعين عاما، وتحديدا منذ عام 1979، اعتلى مسعود البارزاني هرم السلطة في الحزب الديمقراطي وتمكّن من الحفاظ على مركزيته، إلا أن الأعوام الأخيرة شهدت صراعا خفيا بين ابنه مسرور البارزاني وابن أخيه نيجيرفان البارزاني”.
واضافت، أن “خيوط هذا الصراع ظهرت بشكل أكثر وضوحا منذ استفتاء الاستقلال الذي أجراه الحزب الديمقراطي في سبتمبر من العام الماضي والذي كان من تداعياته استقالة مسعود البارزاني من رئاسة إقليم كردستان العراق”، مشيرة الى ان “هونر حمه رشي، يرصد في تقرير على موقع نقاش، ملامح صراع خفيّ بين ابني العم لخلافة “البارزاني الأكبر”، مشيرا إلى أن “كل طرف يملك مجموعة قوية يسعى عبرها إلى ترسيخ دوره”.
واوضحت، أن “القانون الصادر عن برلمان كردستان، ينص على نقل معظم سلطات مسعود البارزاني إلى رئيس الحكومة، ويشغل هذا المنصب حاليا نيجيرفان البارزاني، لكن يبدو أن رئيس الحكومة لا يمكنه ممارسة جميع سلطاته، ففضلا عن وجود معادين له داخل الأحزاب الأخرى، يصطدم داخليا بجدار ابن عمه مسرور البارزاني الذي يتحكم في المفاصل الأمنية لكردستان”.
واردفت، أن “نيجيرفان، يتولى إلى جانب رئاسته لحكومة إقليم كردستان، منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي، أما مسرور فهو مستشار مجلس الأمن وعضو المكتب السياسي في الحزب، ويحتفظ كل واحد بقوة وسلطة كبيرتين داخل الحزب وخارجه ومن الصعب معرفة أيهما أكثر نفوذا من الآخر”.
وتابعت العرب، أن “كل واحد منهما، ينشر يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي نشاطاتهما المتعددة من زيارات واستقبال للوفود، وفي قطاع الإعلام يملك نيجيرفان البارزاني قناة “روداو” التلفزيونية وهي أكبر قناة كردية، فضلا عن صحيفة أسبوعية ومؤسسة ثقافية أخرى، في المقابل يملك مسرور قناة بارزة وهي كردستان 24 مع صحيفة أسبوعية ومؤسسات إعلامية وثقافية أيضا”.
واشارت الى ان “نيجيرفان، يملك كذلك جامعة كردستان، فيما يملك مسرور الجامعة الأميركية في دهوك، كما يملك نيجيرفان مؤسسة روانكة الخيرية ويملك مسرور البارزاني مؤسسة البارزاني الخيرية. وكذلك الحال بالنسبة للمجالات الأخرى، وقد يكون أبرزها المجال الأمني والعسكري الذي يبدو أن مسرور البارزاني أكثر نفوذا فيه، إذ له السلطة على أجهزة الأسايش (قوات الأمن الداخلي الكردية) ومكافحة الإرهاب وقوات الزيرفاني والعديد من الألوية في قوات 80 التابعة للحزب الديمقراطي، أما نيجيرفان فله السلطة على عدد من الألوية في قوات البيشمركة عن طريق أخيه روان إدريس البارزاني”.
وذكرت انه “من السائد في العمل السياسي بكردستان أن تتعرض القوى السياسية لوباء الانقسامات والتكتلات، إلا أن الحزب الديمقراطي الكردستاني نادرا ما أصيب بهذا المرض”، موضحة انه “ربما يكمن السر في أن الحزب نشأ منذ البداية كحزب عائلي انتقلت فيه السلطة من الأب إلى الابن، مع ذلك يؤكد هونر حمه رشي، الكاتب في الشأن الكردي في موقع نقاش، أنه لا توجد ضمانة في بقاء الحزب متماسكا بعد انسحاب مسعود البارزاني”.
ونقلت الصحيفة عن عبدالله حويز، الباحث في دراسات الشرق الأوسط في جامعة كينغز كولج في لندن، قوله إن “وجود إعلام وجامعات ومؤسسات وشركات استثمارية مختلفة يشير إلى وجود أجنحة مختلفة داخل الحزب الديمقراطي”، مضيفاً ان “نيجيرفان ومسرور يختلفان من حيث الرؤية والأسلوب السياسي ما يزيد من الصراع بينهما”.
وأضاف حويز، أن “جماعة مسرور البارزاني قوميون متشددون وتقليديون وأكثر تنظيما وتأسيسا، فهم عسكر ويؤمنون باللغة المتشددة ومدعومون من الأكثرية بين أعضاء الحزب الديمقراطي، وعلى العكس منهم فإن جماعة نيجيرفان البارزاني ليبراليون ويمتازون باللين وقريبون من تركيا وينصب اهتمامهم أكثر على التجارة”.
وبين، أن “باقي الأحزاب في كردستان، تسير على نفس النهج، إذ يندر الحديث عن الخليفة في ظل حضور الشخص الأول، يشهد الحزب الديمقراطي الأمر نفسه، ولكن بعد انسحاب مسعود البارزاني يرى الكثيرون أن تحركات ابني العم الداخلية والدولية هي من أجل إظهار نفسيهما كخليفة للبارزاني الأكبر”.
وقالت الصحيفة، إن “أحدث ظهور لنيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني على المستوى الدولي ومعاملتهما بدلا عن مسعود البارزاني، كان عندما تمت دعوتهما لمؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا الذي عقد في أواسط شهر فبراير 2018″، مبينة ان “علي عوني، القيادي في الحزب الديمقراطي، لا يرى أي حالة غير طبيعية في عدم ظهور مسعود البارزاني ويقول “كان الرئيس البارزاني يشغل منصب رئيس الإقليم في السابق، أما الآن فلم يعد له هذا المنصب، لذلك تجتمع الوفود مع المسؤولين الآخرين في الإقليم مثل رئيس الحكومة وغيره من المسؤولين”.
واردفت، أن “توترات واشتباكات عسكرية، حدثت بين البيشمركة والقوات العراقية منذ شهر أكتوبر الماضي، وبرز آنذاك دور نيجيرفان البارزاني من خلال محاولاته لفتح الأبواب الموصدة على الإقليم؛ إذ زار بغداد ودول الجوار وأوروبا أكثر من مرة، ولم تمر هذه التحركات الدبلوماسية دون رد مقابل من ابن العم، فقد قام مسرور البارزاني في الثاني والعشرين من فبراير بزيارة غير متوقعة إلى الولايات المتحدة واجتمع مع مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض”.
ونقلت العرب اللندنية عن هيمن هورامي، المستشار السياسي لمسعود البارزاني، قوله ان “التحركات الدبلوماسية لنيجيرفان ومسرور هي “تحركات طبيعية”، قائلاً إنهما “يسعيان فقط إلى انفتاح الإقليم بوجه العالم بعد ردود الأفعال ضد الإقليم بعد عملية الاستفتاء”.
ولكن كامران منتك، الأستاذ في جامعة أربيل والمحلل السياسي، رأى عكس ذلك، واعتبر أن “تلك التحركات غير طبيعية، مشيرا إلى أن “المشكلات والصراعات بين نيجيرفان ومسرور البارزاني قديمة وقد استمرت على مدى تاريخ الحزب الديمقراطي”.
وأضاف أن “تراجع دور البارزاني على المستويات المختلفة مهّد الطريق لتشتد الصراعات أكثر ومن المحتمل تزايد الخلافات مستقبلا، ولا سيما إذا لم يعد مسعود البارزاني إلى الساحة”.
وأكّد هورامي “أن جميع تحركات نيجيرفان ومسرور الداخلية والخارجية هي لخلافة مسعود البارزاني وبناء علاقات أكثر لأنها ستكون دعما قويا لهما ليصبح أحدهما الشخص الأول في الإقليم مستقبلا”.
وختمت الصحيفة تقريرها بأن “القياديين البارزين، كانا يختلفان حتى في موضوع إجراء الاستفتاء، فقد كان مسرور البارزاني يؤيد إجراءه بقوة، فيما كان نيجيرفان ينأى بنفسه عن الأمر بعيدا، ومع أن صراع ابني العم واضح في مختلف المستويات، إلا أنهما لا يزالان متمسكين بالمركزية في الحزب الديمقراطي الذي يتقدم على الأحزاب الأخرى في تماسكه وقد يتفقان مستقبلا وبخلاف الأحزاب الأخرى على نوع من تقاسم السلطة يحافظ على مصالحهما”.