السيمر / الثلاثاء 05 . 06 . 2018 — تفاقمت مشكلة نقص مياه نهري دجلة والفرات في العراق خلال الأعوام الأخيرة، وبات شبح الجفاف والتصحر تحوم في طول البلاد وعرضها تصاحبه عواصف ترابية ورملية غير مسبوقة تضرب المدن العراقية بشكل شبه يومي.
في هذا التقرير سنتعرف على مشاريع العراق في هذا المجال على مدى الحكومات المتعاقبة لأخذ فكرة عن هذه المشكلة الخطيرة، وكذلك الأضرار التي ستلحق بالعراق في حال إكمال سد أليسو العملاق.
من المسؤول عن المياه في العراق؟
تعتبر وزارة الموارد المائية والتي تسمى سابقا بوزارة الري المجهز للمياه الخام والمياه الغير معالجة للقطر، هذا وتمثل السدود التسعة الكبيرة و السدات الثمانية عشر الضخمة ومحطات الضخ ال 275 وال 140 مشروع لاستصلاح الاراضي التابعة لوزارة الموارد المائية واحدة من اكثر الانظمة المعقدة لتوزيع المياه في العالم. ان أكثر من 90 بالمئة من مياه القطر تستخدم لارواء 3.25 مليون هيكتار من الارض في انحاء العراق وان المعدات الميكانيكية كمحطات الضخ والمولدات الاحتياطية هي مضخات فردية تشكل اقل من 60%.
إن عدم تطبيق الطرق التكنولوجية في وزارة الموارد المائية ادت الى تخلفها عن بقية العالم بعدة عقود. وان اللامبالاة التي ابداها النظام السابق تجاه العلم والهندسة مرتبطة مع 12 سنة من الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة حرمت المهندسين والعلماء الموهوبين من فرص التعاون و تطبيق التكنولوجيا الحديثة. ان قرارات البت في العديد من المشاريع الضخمة كانت بدافع سياسي اكثر من كونها حلولا فنية توضع لحل المشاكل او لجلب المنفعة للصالح العام. وكانت معايير الحفاظ على البيئة والمشاركة العامة والتحليل الاقتصادي مهملة في عملية صنع القرار.
وتسنم ادارة وزارة الموارد المائية خمس وزراء منذ عام 2003 هم كلاً من محمد ضاري جاسم (وزير مؤقت للري) تسنم الوزارة عام 2003 ، و عبد اللطيف جمال رشيد الذي تسنم وزاراته (2003-2011) و مهند سلمان السعدي الذي تسنم مهام وزارته للسنوات (2011-2014) ومحسن الشمري الذي ينتمي الى التيار الصدري من (2014-2016) حسن الجنابي الوزير التكنقراط المرشح من التيار الصدري ( 2016 – لحد الآن ).
السدود الكبيرة والسدات المنفذة في العراق
وللسدود انواع منها خرسانية او صخرية او إملائية ترابية مع لب طيني او من الخرسانة المضغوطة بالحدل, كما للسدود مسيل مائي (Spillway ) لتصريف المياه التي تعلو مناسيبها عن المنسوب الاعلى للخزن في السد .
فيما يلي اسم السد نوع السد حجم الخزن طول جسم السد وتاريخ الانجاز:
•سد دوكان خرساني مقوس 6،8 مليار م3 360 م 1958
• سد دربندخان املائي ركامي 3،8 مليار م3 445 م 1961
•سد حمرين ركامي ذو لب طيني وقشرة حصوية 3،5 مليار م3 3،5 كم 1981
•سد حديثة املائي ركامي 8،2 مليار م3 8923 م 1985
•سد الموصل ركامي املائي 11،11 مليار م3 3650 م 1986
•سد دهوك ترابي املائي 52 مليون م3 613 م 1988
•سد العظيم ترابي املائي 1،5 مليار م3 3800 م 1999
•منذ 1999 الى غاية الان لم يتم بناء أي سد في العراق.
سد دوكان
اضافة الى السدود الكبيرة المذكورة آنفا يوجد عدد من السدود الصغيرة المنفذة وعدد آخر تحت التنفيذ في اقليم كوردستان وفي المنطقة الشرقية ومنطقة الصحراء الغربية.
السدات Barrages
هي من الانشاءات الهندسية المهمة التي تنشأ على الانهر أو روافدها او فروعها ومن المهام الرئيسية للسدات ان تقوم بحجز المياه في مقدمتها ولمناسيب تؤمن الاحتياجات المائية لعدد من النواظم التي تتفرع من المقدم
ان لبعض السدات وفي حالة وجود فرق مناسب بين المقدم والمؤخر محطات كهرومائية كما هو في سدة سامراء على نهر دجله حيث توجد محطه كهرومائية بطاقة توليد مقدارها (75) ميكاواط وكذلك في سدة الهندية بطاقة توليد مقدارها (15) ميكاواط كما اقيمت محطة صغيرة بطاقة توليد (5) ميكاواط على سدة الكوفة على نهر الفرات .
السدات على نهر دجلة وروافده
– سد دبس : على نهر الزاب الصغير لتنظيم مياه الزاب ورفع منسوب المياه لتأمينها الى مشروع ري كركوك .
– سد ديالى : على نهر ديالى لتأمين المياه في مشاريع اسفل ديالى.
– سدة سامراء : على نهر دجله يتفرع من مقدمتها ناظم الثرثار وناظم مشروع ري الاسحاقي .
– سدة الكوت : على نهر دجله يتفرع من مقدمتها شط الغراف وناظم ري الدجيله
– سدة العمارة : على نهر دجله تتفرع من مقدمتها نواظم البتيره والعريض والمشرح والكحلاء .
السدات على نهر الفرات
– سدة الرمادي : مقدم مدينة الرمادي
– سدة الفلوجه : تقع على بعد (5كم ) جنوب مدينة الفلوجه
– سدة الهندية : تقع على بعد (1700) متر مقدم السدة القديمة
– سدة الكوفه : مقدم مدينة الكوفه
– سدة العباسية : على شط العباسيه .
النواظم
تعتبر النواظم سواءً كانت رئيسية أو فرعية أو قاطعة أو ذيلية من المنشأت المهمة ضمن المشاريع الاروائية ،تنشأ على القنوات الاروائية في صدورها أو في مواقع مختلفة منها أو عند مقدم السدات على الانهر وروافدها وتشعباتها المختلفة .
يبلغ مجموع النواظم في المشاريع الاروائية في العراق (2351) ناظماً موزعة بين المحافظات كافة ومن مختلف الانواع ( رئيسية، وفرعية وقاطعة وذيلية) أضافة الى وجود (49) ناظماً كبيراً متفرعة من الانهر دجلة والفرات وروافدهما وفروعهما كناظم الثرثار في سامراء وناظم الورار ضمن مشروع الحبانية ونواظم أخرى تأخذ مياهها من عدد من السدات كسدة سامراء وسد ديالى على نهر ديالى وسدة الكوت وسدة العمارة على نهر دجلة وسدة الرمادي والفلوجة والهندية على نهر الفرات.
اليسو
يعتبر سد “أليسو” الذي بدأت تركيا في بنائه حيث وضع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حجر الأساس له في آب من عام 2006 من أكبر السدود التي اقامتها تركيا على نهر دجلة. وأما بخصوص حجم الأضرار التي سوف يلحقها هذا السد بالعراق والعراقيين فهي:
انخفاض الكميات الواردة التي هي بشكل طبيعي لا تقل عن 20,93 مليار م3 في السنة، ستنخفض إلى أقل من النصف، إذْ سيرد إلى العراق منها 9,7 مليار م3 أي ما يشكل 47% من الإيراد السنوي الطبيعي منذ القِدَم مع زيادة هذه الكميات خلال الفيضانات الكبرى وتلك حالات استثنائية.
هذا النقص الفادح في مياه نهر دجلة، سيؤدي إلى إخراج مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية من الاستخدام خصوصا في شمال العراق / إقليم كردستان.
أما الأضرار البيئية التي ستنجم عن تقلص رقعة الأراضي الخضراء والمراعي الطبيعية وزحف ظاهرة التصحر، فسوف تنعكس على الطقس في العراق، وستتكرر العواصف الرملية طوال العام، وسيحول سد أليسو نصف العراق إلى صحراء.
من الناحية السكانية، فإنَّ السد سيحرم أعدادا كبيرة من السكان من مياه الشرب، وسيلوث مياه الشرب المتبقية، لأنها ستمر في مولدات الطاقة الكهرومائية و ينضاف إليها ما يخرج من مياه ملوثة من منظومات الصرف الصحي للمدن الواقعة على نهر دجلة.
وسيرتفع مستوى التلوث والملوحة في هذه المياه إلى 1800 ملغ /لتر، كما هي الحال في مياه الفرات التي تسمح تركيا وسوريا بمرورها إلى العراق بعد أن تشبعها بالملوثات والأملاح الناتجة عن الاستهلاك والزراعة والصناعة في سوريا، في حين أنَّ المعدل العالمي للتلوث لا يزيد عن 800 ملغ/ لتر! فلنلحظ الفرق بين ألف وثمانمائة ملغ/ لتر وبين ثمانين ملغ/ لتر.. أليس هذا قتلا للعراقيين بسلاح التلوث ؟
– سيتغير السد نمط معيشة السكان إلى أنماط غير منتجة، فتتدهور الزراعة والرعي وتتراجع أعداد الثروة الحيوانية.
– ستتأثر عملية إنعاش الأهوار حيث أنَّ انخفاض واردات العراق في دجلة وفي الفرات بنسبة 90% بسبب السدود التركية ونضيف إلى ذلك المشاريع الإيرانية الخطيرة وسترتفع نسبة الملوحة والتلوث في مناطق الأهوار.
– سيؤدي انخفاض مناسيب المياه في دجلة إلى توقف العمل في منظومات توليد الطاقة الكهربائية المقامة على طول نهر دجلة، وخصوصاً في سدي الموصل و سامراء، وسيؤثر ذلك على النشاط الصناعي والبنى التحتية كمحطات تصفية المياه ومصافي النفط والمستشفيات.
– ستنخفض مناسيب الخزانات الطبيعية التي يعتمد العراق عليها في عملية خزن المياه للاستفادة منها في مواسم الجفاف كبحيرتي الثرثار والحبانية.
– ستمتد تأثيرات سدود تركيا، وخصوصا سد أليسو، في مجاري الأنهار حتى شمال الخليج حيث دلت الدراسات العلمية والعينات المأخوذة من سواحل الكويت أنَّ تأثيرات ضارة بسبب المياه الملوثة قد رصدت في مناطق صيد الأسماك والروبيان.
المصادر:
كتاب الموارد المائية في العراق، الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، وزير الموارد المائية الأسبق.
هاشم نوار جليل، باحث عراقي.
وزارة الموارد المائية.