السيمر / الاثنين 25 . 06 . 2018
معمر حبار / الجزائر
أولا: صاحب الكتاب وعنوان الكتاب
Henri ALLEG « LA QUESTION », Edition ANEP, Rouïba2009, Alger, Algérie, dont 82 Pages
الكاتب Henri ALLEG: فرنسي، ومدير جريدة “Algérie Républicain “،وشيوعي من ناحية الفكر السياسي. تعرّض للتعذيب مدّة 4 أشهر بزنزانة 72 في السجن المدني بالجزائر العاصمة إبّان الاستدمار الفرنسي بالجزائر وأيام الثورة الجزائرية، كما جاء في صفحة 79. تعرّض للتعذيب وهو في 36 من عمره. وألّف هذا الكتاب في نوفمبر 1957، كما جاء في صفحة 80 وهي آخر صفحة وآخر سطر من الكتاب. والكاتب لم ينتظر مرور السنوات والعقود ليكتب عن التعذيب بل كتبه في حينه وذلك سنة 1957، والثورة الجزائرية في أوجّها.
ولكن أهمية هذه المعلومات في كون المتحدّث عن التعذيب هو فرنسي، باعتباره تعرّض لأسوء تعذيب، أي شهادة من داخل البيت الفرنسي، ومن هنا كانت أهمية الكتاب. ويمكن للقارئ المتتبّع أن يتخيّل حجم التعذيب الذي تعرّض له الجزائري على أيدي الجلاّدين المجرمين الفرنسيين إذا كان الفرنسي تعرّض لهذا الحجم من العذيب على أيدي إخوانه الفرنسيين المحتلين للجزائر.
وفي ما يتعلّق بعنوان الكتاب وهو “السؤال”، فالمقصود هي الأسئلة التي تطرح على الذي يتعرّض للتعذيب من طرف المظلّيين الفرنسيين الجلاّدين المجرمين، أي لا يهمهم التعذيب بقدر مايهممهم السؤال الذي يطرح على الضحية والإجابة التي يتحصّلون عليها.
ثانيا: أدوات التعذيب المادية
1. وضع الكهرباء في الأعضاء التناسلية، والأذن، والثدي، وكامل الجسد، وضرب السجين بالصفعات في الوجه، كما جاء في صفحتي 23-25.
2. مرحلة الغطس في الماء، وإدخال أنبوب الماء في الفم المفتوح بالقوّة ليتسرّب الماء عبر كلّ الجسد، ثمّ الضّغط على البطن ليخرج الماء، كما جاء في صفحة 27.
3. يتركون الكهرباء في الأعضاء التناسلية للسّجين وجسده كلّه وهو عاري كما ولدته أمّه، ويغلقون عليه الباب ويذهبون للاستراحة من فرط التعذيب. 35
4. البرودة الشّديدة بسبب القبو الأرضي الذي لا تصله أشعة الشّمس، وإغراق السّجين في المياه، والجوع المسلّط عليه، وإنهاكه بالكهرباء وكلّ أنواع التعذيب. 39
5. حرق ثدي السّجين بالنّار، وحرق رجليه من الأسفل بالنّار. 40
6. حرمان السّجين من الشرب وفرض العطش عليه لأيام، خاصّة و أنّ الكهرباء تسبّب العطش. 41
7. صبّ الماء المالح داخل البطن عبر فتح الفمّ وغلق بالقوّة ليزداد السّجين عطشا. 42
8. أخذ السّجين للطبيب ليس لأجل مداواته وشفائه، إنّما من أجل التأكد من كونه هل هو مستعد من جديد للاعتراف، ويسمونها بـ “الوسائل العلمية”. 54
9. يعتبر الطبيب ضمن الجلاّدين الذين يعذّبون السّجين عبر “المخدّر” والأسئلة التي يطرحها على السّجين، وينصح الطبيب الذين تعرّضوا للتعذيب بالطرق “المثلى” للاعتراف. 56
10. حقن السّجين بحقنة تحمل كمّية من التخدير، ليسهل عليه الاستسلام لجلاديه والاعتراف، وتحت إشراف طبيب مجرم يعمل ضمن فرقة الجلاّدين. 60
11. مداواة السّجين الذي تعرّض للتعذيب، يعتبر من وسائل التعذيب لأنّه سيتعرّض للتعذيب من جديد وهو في صحّة أحسن مما كان، وأكثر تحمّلا في انتظار أن يقرّ و يعترف. 65
12. وضع ورقة وقلم تحت تصرّف السّجين ليكتب كيف يرى مستقبل الجزائر، أي معرفة نواياه وما بداخله وطموحاته ونظرته للاستدمار الفرنسي. 67
13. اختطاف النّاس وهم بملابس النوم، حفاة، وكذلك النّساء. 73
ثالثا: أدوات التعذيب المعنوية
1. إستعمال الكلمات المحبطة، كـ: أنت ميت. إحضار من تعرّض من قبل للتعذيب ليخبره عن التعذيب الذي تعرّض له البارحة وقبله، قصد التأثير على السجين وكسر إرادته وإذلاله، كما جاء في صفحة 25.
2. الضحك، والاستهزاء، والكلام القبيح، وتجريد السّجين من اللّباس كما ولدته أمّه.
3. بمجرّد ما يلقى القبض على الجزائري أو غيره، يسرع الجلاّدون في تعذيبه حتّى لا يمنحوا أصحابه فرصة الفرار وتغيير المكان بسرعة، والسّجين الذي يتعرّض للتعذيب يسعى جاهدا ليقاوم وحشية التعذيب بالقدر الذي يستطيع ويؤخّر الاعتراف إلى أقصى مدّة ممكنة ليربح الوقت ويمكّن أصحابه من الفرار، إذن هو صراع بين الجلاّد المجرم والسّجين الذي يتعرّض للتعذيب حول من يربح الوقت، ويربح الذين من ورائه، كما جاء في صفحة 32.
4. يقضي السّجين الذي يتعرّض للتعذيب حاجاته على نفسه، كما جاء في صفحة 33.
5. يأخذون السّجين للمكان الذي قتلوا فيه سجناء من قبل، ويطالبونه بالانتحار. 33
6. الجلاّدون يخبرون السّجين أنّ صراخه لا يفيد في شيء ويمكنه أن يصرخ ما شاء، لأنّه في الطابق الثالث تحت الأرض. 34
7. يمارسون التعذيب بدرجات وعلى مراحل.36
8. يحضرون زوجة السّجين حين يرفض الاعتراف، ويعذّبونها أمامه ويعذّبونه أمامها، وذكر الكاتب أسماء النّساء اللّواتي تعرّضن للتعذيب. 37
9. يقول الجلاّدون للسّجين: أنت أصغر لكي تموت تحت التعذيب، ومن أجل الذين ترفض أن تدلّنا عليهم. 45
10. إغراء السّجين بأنّه سينقلونه للعيادة ولقاء زوجته إن هو أقرّ و اعترف. 45
11. قول الجلاّدين للسّجين: لم يبقى لك غير الانتحار. 61
12. مركز التعذيب يحتوي فيما يحتوي على: صيحات السجناء من وحشية التعذيب، وإهانات و قهقهات الجلاّدين كلّما تألّم السّجين وصاح من شدّة الألم. 73
رابعا: عظمة السجين الجزائري
قال في صفحة 75: حين علم المساجين الجزائريين أنّي أوربي وأتعرّض للتعذيب، راحوا يشجّعونني على الصبر والثبات.
خامسا: رسالة جزائري للشعب الفرنسي عبر سجين فرنسي
جاء في صفحة 80 وهي آخر صفحة من الكتاب: أريد أن أقول للفرنسيين الذين أودّ أن يقرأوا لي، عليهم أن يعرفوا أنّ الجزائريين لا يخلطون بين الجلاّدين والشعب الفرنسي العظيم، الذين يكنون له كل الاحترام والمحبّة الغالية، وعليهم أن يعرفوا ماذا يحدث هنا في الجزائر وباسمهم.
سادسا: الجمهورية الفرنسية للتعذيب
التعذيب مهمة رسمية تقوم بها الدولة الفرنسية بامتياز، ويعلم به ويأمر به “فرنسوا ميتران” وزير الداخلية إبّان الثورة الجزائرية، وأنّ الجلاّدين الفرنسيين قاموا بالحرب الصينية ليطبّقوا على الجزائريين فيما بعد ما تعلّموه هناك من أبشع أصناف التعذيب، كما جاء في صفحة 25.
سابعا: تعدّد الأماكن وتعدّد التعذيب
ينتقل الجلاّدون بمن يعذّبونهم من عمارة لعمارة، ومن طابق لطابق، ومن حيّ لحي، ومن مركز لمركز، ومن مكتب لمكتب. ومن هيئة لهيئة، ومن شخص لشخص، كما ذكر جزء منها في صفحة 63، وعبر صفحات الكتاب.
ثامنا: القوات المتعدّدة الجنسيات للتعذيب
الذين شاركوا في تعذيب الجزائريين إبّان الاستدمار الفرنسي هم: الفرنسي الأصل والمولد، الفرنسي المستدمر الذي ولد بالجزائر أي الأقدام السّوداء، غير الفرنسيين ويعملون تحت فرقة الأجانب، الجندي الفرنسي المعني بالمدّة المحدّدة أي الشاب الفرنسي، حتّى أنّه قال في صفحة 63 إنّ مراكز الفرز ليست للتعذيب بل لإفساد الشباب الفرنسي، والجندي الفرنسي المجنّد بصفة أبدية، العملاء والحركى من بعض الجزائريين الذين باعوا الجزائر وإخوانهم ودينهم. إذن هي قوات متعدّدة الجنسيات للتعذيب كما جاء بعض منها في صفحة 68.
تاسعا: الحثالة التي عذّبت الجزائريين
جاء في صفحة 72: المسلم هو الذي كان مكلّف بتوزيع الذين يتعرّضون للتعذيب. كان قناصا قديما، وكان ضمن الثّوار وسجن أثناء معركة. و مقابل حياته، قبل خدمة المظلّيين. كان اسمه Boula…، و بالسخرية تحوّل إلى “من أجل فرنسا”، وهكذا يسمونه. وضع قبعة زرقاء ومسلّح بعصا مطاطية، ويستعملها بالمناسبة ليظهر أنّه الأحسن أمام أسياده. هذه الحثالة كانت محتقرة من طرف الجميع: من المظلّيين و المساجين.
عاشرا: رموز التعذيب
رغم أنّ الكاتب ذكر كلّ أصناف التعذيب التي تعرّض لها والتي رآها رأي العين، إلاّ أنّه ظلّ وعبر صفحات الكتاب كلّها يكتم أسماء الذين أشرفوا على التعذيب واكتفى بالرموز فقط، ولم يذكر أسباب عدم ذكر الجلاّدين المجرمين بالاسم، ومنهم:
Lo… , Ir…, Ch…, Capitaine Fau…, Genéral M… , Lieutenant Ma…, De…, X…, Cha…, Capitaine S .S , Villa S,
الخاتمة: تحدّثوا عن التعذيب وافضحوا الجلاّدين
من الإجرام الذي لا يختلف في شيء عن المجرمين الجلادين الفرنسيين للجزائريين، أن يسكت الجزائري عن التعذيب الذي تعرّض له، ولا يمكن بحال تبرير سكوته مهما كانت الأسباب. والمطلوب من الجزائريين فتح ملف التعذيب في عهد الاستدمار الفرنسي مهما كانت وحشيته، ومهما كان أصحابه. وفتح ملف اغتصاب الجزائريين من رجال ونساء في عهد الاستدمار الفرنسي، فهو ملف ثقيل رهيب لا تطيقه الجبال. والجزائري السّاكت عن ملف تعذيب الجزائريين في عهد الاستدمار الفرنسي، مجرم. والجزائري الداعي لنسيان تعذيب الجزائريين في عهد الاستدمار الفرنسي، مجرم. وعلينا أن نعلّم أبناء الجزائر تعذيب الآباء والأجداد على يد المجرمين الفرنسيين ونظلّ نذكّرهم، كما يتعلّم المرء سورة الفاتحة من الكتاب العزيز.