السيمر / الاحد 23 . 09 . 2018 — أجرت وزارة الدفاع الروسية مؤتمرا صحفيا في موسكو أوضح خلاله المتحدث باسم الوزارة، اللواء إيغور كوناشينكوف، تفاصيل وملابسات إسقاط الطائرة “إيل 20” الروسية في سوريا.
النص الكامل للمؤتمر الصحفي
الزملاء المحترمون..
طاب نهاركم.
نجري اليوم مؤتمرا خاصا لنقدّم من خلاله معلومات مفصّلة عن كافة الملابسات المتعلّقة بكارثة سقوط الطائرة “إيل–20” التابعة للقوات الجوية الفضائية الروسية، والتي أسقطت بالقرب من الساحل السوري، مساء اليوم السابع عشر من سبتمبر/أيلول الجاري.
كما سنطلعكم على تفاصيل هذه الحادثة المأساوية ونحلّلها بتفاصيل الدقائق على أساس المعطيات الموضوعية للأجهزة الرادارية بما فيها نظام “بلوتو” (Plotto) لكشف المعلومات الخاصة بالأوضاع في الجو.
في مساء اليوم السابع عشر من سبتمبر/أيلول الجاري كانت طائرة استطلاع روسية من طراز “إيل–20” تنفّذ مهمّة خاصة لمراقبة منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب بدءً من الساعة العشرين والدقيقة الواحدة والثلاثين. وعلى متنها خمسة عشر عسكريا روسيا.
في ذات المرحلة الزمنية انطلق من الأراضي الإسرائيلية سربا مكونا من أربع مقاتلات “إف–16” لإنزال ضربة مفاجئة بعدد من المنشآت الصناعية المتواجدة في الجمهورية العربية السورية… يمكنكم الآن مشاهدة خط مسار إقلاع المقاتلات الإسرائيلية على الشاشة.
بعد أن قطعت المقاتلات “إف–16” مسافة فوق المياه الدولية للبحر المتوسّط احتلّت موقعا لتنظيم الدوريات في الأجواء بمسافة تسعين كيلومترا غربي مدينة اللاذقية.
في الساعة الواحدة والعشرين والدقيقة التاسعة والثلاثين أخبرت ممثّلة قيادة القوات الجوية الإسرائيلية برتبة عقيد قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا عبر قناة الاتصال لمنع التصادم العسكري بالضربة القادمة على مواقع سورية. وكان الخبر يكمن في أن إسرائيل سوف تُغير على مواقع متواجدة في شمال سوريا في الدقائق القريبة القادمة.
وبمرور دقيقة واحدة في الساعة الواحدة والعشرين والدقيقة الأربعين شنّت أربع مقاتلات إسرائيلية “إف–16” ضربات جوية على منشآت صناعية في محافظة اللاذقية بقنابل موجّهة من طراز “جي بي يو-39”.
هكذا يتبيّن أن الطرف الإسرائيلي قام بإخبار مجموعة القوات الروسية بتنفيذ عمليته العسكرية ليس بشكل مسبق بل تزامنا مع بدء الغارات.
تُعتبر هذه الأعمال انتهاكا مباشرا للاتفاقيات الروسية الإسرائيلية الموقّعة في عام 2015 للحيلولة دون وقوع حوادث تصادم بين قواتنا المسلّحة في سوريا. تمّ التوصّل إلى هذه الاتفاقيات في إطار نشاط مجموعة العمل المشتركة.
يمكنكم الآن مشاهدة مواقع الطائرات العسكرية أثناء الغارة على هذه الشاشة التي تعمل بنظام “بلوتو” (Plotto) لكشف المعلومات الخاصة بالأوضاع في الجو. فترمز العلامة الحمراء إلى طائرة “إيل–20” الروسية في حين تعني أربع علامات صفراء في هذه المنطقة مقاتلات “إف–16” التابعة للقوات الجوية الإسرائيلية.
أودّ أن أكرّر لكم أن ممثّلة هيئة الأركان العامة للقوات الجوية الإسرائيلية أخبرت الطرف الروسي خلال المفاوضات عبر قناة الاتصال لمنع التصادم العسكري في الأجواء بأن الأهداف التي كان من المخطّط ضربها خلال طلعة الطيران الإسرائيلي تقع في شمال سوريا. لقد جرى هذا الاتصال الهاتفي باللغة الروسية حيث يتوفّر لدى وزارة الدفاع الروسية تسجيل صوتي لهذا الاتصال.
حصل قائد طاقم الطائرة “إيل–20” التي كانت تحلّق فوق شمال سوريا على تعليمات تنصّ على مغادرة منطقة تنفيذ المهمّة والتوجّه جنوبا للعودة إلى القاعدة.
كما ترون على هذه الخارطة لم تشنْ القوات الجوية الإسرائيلية غاراتها في المناطق الشمالية للجمهورية العربية السورية بل في ريف اللاذقية التي تُعدّ محافظة سورية غربية. أما مدينة اللاذقية فتقع في منطقة الساحل الغربي السوري.
إن التضليل الذي قامت به الضابطة الإسرائيلية بشأن منطقة غارات المقاتلات الإسرائيلية لم يمنح الطائرة الروسية “إيل–20” فرصة الخروج إلى منطقة آمنة.
إضافة إلى ذلك لم يتمْ الإخبار بمكان تواجد المقاتلات “إف–16”.
أقدمت قوات الدفاع الجوي السورية في الساعة الواحدة والعشرين والدقيقة الواحدة والخمسين على صدّ الغارة الإسرائيلية وبدأت إطلاق الصواريخ المضادة للجو.
في الوقت ذاته بعد تنفيذ الغارة احتلّت المقاتلات الإسرائيلية موقعا لتنظيم الدورية الجوية على مسافة سبعين كيلومترا غربي الساحل السوري. كما شغّلتْ المقاتلات تشويشات إذاعية إذ كان من المحتمل أن تستعدّ المقاتلات إلى شنّ غارة جديدة.
في الساعة الواحدة والعشرين والدقيقة التاسعة والخمسين أقدمت إحدى الطائرات الحربية الإسرائيلية على مناورة جوية باتجاه الساحل السوري حيث اقتربت من طائرة “إيل–20” التي كانت على وشك البدء بالهبوط. لكن الوحدات العسكرية التابعة لقوات الدفاع الجوي السوري اعتبرت ذلك هجوما جديدا للطيران الإسرائيلي.
كان لا بد أن يدرك الطيار الإسرائيلي أن مساحة السطح العاكس الحقيقي لطائرة “إيل–20” تزيد عن سطح جسم المقاتلة “إف–16” بشكل كبير، الأمر الذي يعني أن الطائرة الروسية هي التي ستصبح هدفا مفضّلا للصاروخ المضاد للجو.
الإسرائيليون علموا بأنه لدى القوات المسلحة الروسية والسورية منظومات مختلفة للتعرف على “صديق – عدو”، ويمكن لمحطات الرادار السورية أن تعتبر الطائرة “إيل–20” على أنها المجموعة المستهدفة من المقاتلات الإسرائيلية.
وفي هذه الفترة كانت الطائرة “إيل–20” تنهي دورانها للبدء بالهبوط في مطار حميميم وقد دخلت مجال نيران منظومة الدفاع الجوي السورية ضد الطائرات الإسرائيلية.
وأؤكد بشكل خاص على أن المقاتلات الإسرائيلية، كانت تراقب الطائرة “إيل–20” الروسية مستخدمة إياها كغطاء من الصواريخ المضادة للجو، ومستمرةً في مناوراتها في هذه المنطقة.
في الساعة 22:03 أصاب الصاروخ السوري المضاد للطائرات الهدف الأكبر والأقرب وهو الطائرة “إيل–20”. وأعلم قائد الطاقم عن نشوب حريق على متن الطائرة وبدأ بالهبوط الاضطراري.
في الساعة 22:07 اختفت إشارة طائرة الاستطلاع الروسية “إيل–20” عن شاشات الرادار.
ومع ذلك، وكما ترون، الطائرات الإسرائيلية كانت متواجدة في منطقة المناوبة، وبقيت هناك لغاية الساعة 22:40.
في الساعة 22:29 قام الضابط المناوب في قيادة المجموعة الروسية في سوريا بإبلاغ الضابط الإسرائيلي في مقر قيادة القوات الجوية، بأن “الطائرة الروسية “إيل–20″ تعرضت للإصابة. ونطالب بإبعاد طائراتكم من هذه المنطقة لأننا سنفعّل منظومات البحث والإنقاذ”.
وأجاب الضابط الإسرائيلي برتبة ملازم أول: “استلمت المعلومة وسأوصلها للقيادة”.
في الساعة 22:40 غادرت مقاتلات “إف–16” هذه المنطقة.
وبعد ذلك، وفقط في الساعة 22:53، أي بعد خمسين دقيقة من إصابة الصاروخ للطائرة “إيل–20″، أجابت المناوبة العملياتية في مركز قيادة القوات الجوية الإسرائيلية برتبة عقيد قائلة: “إن معلومتكم حول سقوط “إيل–20″ وصلت. وقمنا بتنظيف المكان. وإذا تطلب الأمر نحن جاهزون للمساعدة”.
إن المعلومات الموضوعية المقدّمة تدل على أن تصرفات طياري المقاتلات الإسرائيلية، والتي أدت إلى مقتل خمسة عشر جنديا روسيا، تدل إما على عدم مهنيتهم، أو على الأقل، على الاستهتار الإجرامي.
لذلك نعتبر أن الذنب في كارثة الطائرة الروسية “إيل–20” يقع تحديدا وبشكل كامل على القوات الجوية الإسرائيلية وعلى هؤلاء الذين اتخذوا قرارا بتنفيذ مثل هذا النشاط.
وأؤكد بشكل خاص على أن تصرفات مقاتلات القوات الجوية الإسرائيلية مساء الـ 17 من سبتمبر جرت في منطقة مدرجات هبوط ليس الطائرات العسكرية فحسب وكذلك طائرات الركاب المدنية في مطار حميميم.
وبهذا تكون المقاتلات الإسرائيلية قد شكلت تهديدا مباشرا لأي طائرات ركاب ونقل، التي كان يمكن أن تتواجد هناك في هذا الوقت وتصبح ضحية مغامرة العسكريين الإسرائيليين.
وفي الوقت الحالي وفي مكان سقوط الطائرة الروسية “إيل–20” على مسافة 27 كم غرب ميناء بانياس، تجري عمليات البحث وانتشال جثامين الضحايا وحطام الطائرة من البحر.
وينبغي الإشارة إلى أن سلوك الطيارين الإسرائيليين يختلف جذريا عن تصرفات الطيران الأمريكي في المنطقة.
فأنتم تعلمون بأنه لدينا قناة اتصال للحيلولة دون وقوع حوادث في الجو، حيث تقوم الأطراف بإعلام بعضها البعض سلفاً عن خطط استخدام الأجواء في مختلف أنحاء سوريا. وهذا يسمح باتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب للحيلولة دون وقوع أية حوادث تصادم يمكن أن تهدد سلامة الجنود الروس والأمريكيين سواء في الجو أو على الأرض.
إن الجانب الروسي لم ينتهك أبدا الاتفاقات مع إسرائيل ولم يستخدم منظومات الدفاع الجوي المنتشرة في سوريا، حتى في تلك الحالات وخلال تنفيذ إسرائيل غارات جوية ظهرت في أكثر من مرة ظروف شكلت تهديدا محتملا لسلامة الجنود في القوات المسلحة لروسيا الاتحادية.
وخلال فترة سريان الاتفاق تم إعلام مركز قيادة القوات الجوية الإسرائيلية بـ 310 إشعارات عن أعمال القوات الجوية الروسية بالقرب من الأراضي الإسرائيلية.
ومع ذلك قدم الجانب الإسرائيلي إشعارات في 25 مرة وحسب، وفقط قبل تنفيذ الغارات.
وفي سياق التعاون الروسي الإسرائيلي البناء على المسار السوري يصعب علينا فهم سبب إقدام تل أبيب على هذه التصرفات. وهذا رد جاحد تماما على كل ما قامت به روسيا الاتحادية من أجل الدولة الإسرائيلية والإسرائيليين في الفترة الأخيرة.
وأذكر أنه خلال العملية التي جرت في منطقة خفض التصعيد الجنوبية الغربية في سوريا من قبل القوات الحكومية السورية بدعم من القوات الجوية الروسية في صيف هذا العام، تمت تهيئة الظروف لتجديد نشاط القوات الأممية لحفظ السلام والتي تنتشر في منطقة الفصل بين سوريا وإسرائيل في هضبة الجولان، بما يتناسب مع قرار مجلس الأمن رقم 350 لعام 1974.
منذ 2 أغسطس/آب 2018 ، بعد التوقف الذي استمر ست سنوات تم استئناف عمل دوريات المناوبة لقوات حفظ السلام الأممية في منطقة فض الاشتباك في الجولان، وذلك تحت حماية الشرطة العسكرية الروسية، الأمر الذي مكّن من استبعاد احتمال قصف الأراضي الإسرائيلية من مرتفعات الجولان على نحو كامل.
توجد حاليا على طول خط “برافو” لفض الاشتباك ست نقاط مراقبة للشرطة العسكرية التابعة للقوات المسلحة الروسية التي تضمن سلامة موظفي بعثة الأمم المتحدة.
طلبت إسرائيل تسوية الوضع المتعلق بوجود الأسلحة الثقيلة للجماعات الموالية لإيران في المنطقة المتاخمة لمرتفعات الجولان، وذلك من أجل الحيلولة دون شن هجمات صاروخية من قبل الوحدات التابعة لإيران.
أجرت روسيا المشاورات مع إيران التي أكدت فيها الأخيرة على أنها لا تعتبر تصعيد الوضع في المنطقة أمرا مقبولا ولا توجد لديها أية نوايا عدوانية تجاه إسرائيل.
وتم نتيجة ذلك انسحاب جميع القوات الموالية لإيران وأسلحتها الثقيلة من مرتفعات الجولان إلى مسافة آمنة بالنسبة لإسرائيل وهي 140 كيلومترا شرق سوريا.
وانسحب من هذه المنطقة 1050 عسكريا و24 راجمة صواريخ ومنظومة صاروخية تكتيكية تعبوية، وكذلك 145 وحدة من أنواع الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى..
كما بددت قيادة مجموعة القوات الروسية في سوريا بناء على طلب إسرائيل مرارا مخاوف الجانب الإسرائيلي بشأن النقل المحتمل لطرف ثالث لما يسمى بنماذج “المنتوجات العسكرية الحساسة” التي سلمتها روسيا إلى سوريا.
أكد الجانب الإسرائيلي مرارا وتكرارا على أهمية العمل الذي قامت به وزارة الدفاع الروسية في هذا المجال وأعرب عن امتنانه للخبراء الروس.
تم في عام 2016 نقل دبابة “مجاح (المدق) – 3” إلى الطرف الإسرائيلي بناء على طلب ملح لرئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت التي احتجزت في عام 1982 في الأراضي اللبنانية والتي كانت موجودة في روسيا.
تم تسليم هذه الدبابة للطرف الإسرائيلي بحضور رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. كما ساعدت وزارة الدفاع الروسية في الحفاظ على الأماكن اليهودية المقدسة والمقابر في حلب.
تم التعاون بهذا الشأن عبر رئيس جمعية الجاليات اليهودية في روسيا السيد ألكسندر بورودا. وقيم وزير الدفاع الإسرائيلي السيد أفيغدور ليبرمان عاليا أهمية هذا العمل.
كما توجه الجانب الإسرائيلي إلى روسيا بطلب العثور على جثامين العسكريين الإسرائيليين وفق الأبعاد المحددة في أراضي سوريا. بدأت أعمال البحث بعد ما توصلت روسيا إلى الاتفاق بشأن البحث عن جثامين العسكريين الإسرائيليين مع الشركاء السوريين على مستوى عملياتي. جرت عملية البحث الخاصة في منطقة الأعمال القتالية في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “داعش”.
هاجم مسلحو الجماعات الإرهابية فجأة العسكريين الروس الذين قاموا بأعمال البحث. وأصيب أحد مقاتلي القوات الخاصة الروسية أثناء هذه المعركة. وروسيا مستعدة لمواصلة هذا العمل.
على ضوء ذلك، فإن الأعمال العدوانية للقوات الجوية الإسرائيلية ضد الطائرة الروسية “إيل–20” تخرج من إطار العلاقات الحضارية. وتدل المعلومات الموضوعية المتعلقة بـأحداث 17 سبتمبر/أيلول على أن القيادة الإسرائيلية إما لا تقدر مستوى العلاقات مع روسيا أو لا تتحكم ببعض القيادات والقادة الذين كانوا يدركون بأن أعمالهم قد تؤدي إلى كارثة.
شكرا لكم على اهتمامكم
المصدر: RT