الرئيسية / مقالات / فوضى الرواتب..حتى متى؟!

فوضى الرواتب..حتى متى؟!

السيمر / فيينا / الاثنين 18 . 03 . 2019

واثق الجابري

يشهد العراق بين الحين والآخر، تظاهرات لقطاع معين من موظفي الدولة، إحتجاجاً على طبيعة الرواتب أو نسبة المخصصات، وفي معظم الأحيان تستجيب الحكومة بعد ضغط كبير، فيتظاهر قطاع آخر وهكذا. تؤشر التظاهرات وجود خلل في آلية توزيع الرواتب، وإحتساب المخصصات والإمتيازات بين الموظفين وآخرين من غير وزارة، والموظف والمسؤول، وأحياناً في نفس المؤسسة مع إختلاف طبيعة الإيرادات. أحياناً يتخرج مهندسان كهربائيان من نفس الكلية وذات العام، وربما معدل أحدهما يفوق الآخر، وأحدهما يعين في وزارة الصحة أو التربية أو الثقافة، والثاني في وزارة النفط أو الكهرباء، فيتميز الثاني بالمخصصات العالية والأرباح السنوية، بينما لا يحصل الآخر حتى على بدل خطورة المؤسسة التي يعمل فيها، لكونه لا يحمل إختصاص فني لنفس الوزارة فيحرم من المخصصات وبدل العدوى. جرى الحال هكذا في كثير من الوزارات، وصار كل وزير ومن أدنى منه، يبحثون عن ثغرات لإعطاء مخصصات، منها على أساس المحسوبية أو إرضاء سخط الموظفين، ويشارك معظم المسؤولين مع موظفيهم في مخصصات الأقسام التي تحصل على أرباح، وصولاً الى موظفي المصارف ووزارة المالية، بذريعة مشاركة الوزارة المعنية بالأعمال، أو فرض عراقيل في حال عدم حصولها على مخصصات موازية. طبيعة الحال لا تفرض الشخص نفسه على وزارة ما عنوةً، سيما من الإختصاصات التي يمكن لها العمل في أية وزارة، كالإداري والمحاسب والكهربائي والمهندس وغيرها، كما لا فضل لموظف أن كانت الوزارة رابحة فهو لا يأتي ببئر نفط معه، ولا يعطي كهرباء من بيته للوزارة، وواجبه إكمال ما عليه بأتم وجه، وأما الأرباح فهي من عوائد الدولة وملكية الشعب وليس الوزارة. إن الرواتب ترتفع مع المخصصات في الوزارات الإنتاجية، بينما العكس في الخدمية، ولكن الأدهى من ذلك؛ ترتب مخصصات الزوجية والأطفال، لأن المخصصات تعطى على الراتب الكُلي، وبذلك تتضاعف ثلاث مرات أحياناً على أقرانهم. تسعى الأمم الناهضة لبناء الإنسان وتعمير الأوطان، ومن تكامل منه قدم أكثر عطاء، لذا كان الإهتمام بالقطاعات الأكثر تلامس مع الإنسان، وفي مقدمتها القطاع الصحي والتربوي والثقافي والأمني، ولكن في العراق مختلف تماماً.. فهي بأقل التخصيصات المالية، بينما إرتفعت تخصيصات ومخصصات موظفي الوزارات المنتجة. التفاوت بين القطاعات الحكومية،سيؤثر على الحالة البنيوية للمجتمع، سيما مع غياب التقديرات التي تضع الأولويات في نصابها، وهنا ستكثر الأمراض وتتراجع التربية والتعليم والأمن، وتغيب الثقافة، وهذا واقع العراق الحالي، وما ادى الى تظاهرات قطاعية وإستجابة حكومية فوضوية ودون تخطيط، وكأنها ترتق فتقاً وتفتق آخر، في ظل غياب سلم رواتب يساوي الحقوق الأساسية من مخصصات الأطفال والزوجية والخطورة، ويكافيء الاستحقاقات حسب الشهادة، ويُكلف الواجبات حسب المقدرة.

اترك تعليقاً